ضامنو آستانة يسهلون الجلسة الأولى لـ«الدستورية»... والمعلم: العمليات مستمرة

موغيريني: المسار السياسي في سوريا قد ينهار خلال شهور

أطفال سوريون نازحون أمام حافلة تم تحويلها إلى فصل دراسي قرب إدلب (أ.ف.ب)
أطفال سوريون نازحون أمام حافلة تم تحويلها إلى فصل دراسي قرب إدلب (أ.ف.ب)
TT

ضامنو آستانة يسهلون الجلسة الأولى لـ«الدستورية»... والمعلم: العمليات مستمرة

أطفال سوريون نازحون أمام حافلة تم تحويلها إلى فصل دراسي قرب إدلب (أ.ف.ب)
أطفال سوريون نازحون أمام حافلة تم تحويلها إلى فصل دراسي قرب إدلب (أ.ف.ب)

اتفقت الدول الضامنة لمسار آستانة، على المساهمة في مسألة عقد اللجنة الدستورية السورية اجتماعها الأول بجنيف السويسرية.
جاء ذلك في بيان مشترك صادر عن وزراء خارجية: تركيا، مولود جاويش أوغلو، وروسيا، سيرغي لافروف، وإيران، محمد جواد ظريف، عقب عقدهم اجتماعاً ثلاثياً على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ74.
ورحب البيان المشترك باستكمال عملية تشكيل اللجنة الدستورية لسوريا، واتفاق الأطراف على تطبيق قواعد الإجراءات التي أعدتها البلدان الضامنة، بالتنسيق مع المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسن.
وجاء في البيان أن «الدول الضامنة (روسيا وتركيا وإيران) أكدت الالتزام القوي بسيادة الجمهورية العربية السورية، واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها، وأكدت ضرورة التزام جميع الأطراف بهذه المبادئ». وأكدت العزم على دعم أعمال اللجنة الدستورية.
وأضاف البيان: «جرى الاتفاق على المساهمة في عقد الاجتماع الأول للجنة الدستورية في جنيف».
وشدد البيان على أن الخطوة المهمة (تشكيل اللجنة) ستمهد الطريق لعملية سياسية مستدامة ودائمة في سوريا.
وأعلن أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الاثنين، تشكيل اللجنة الدستورية الخاصة بسوريا، على أن تبدأ عملها خلال الأسابيع المقبلة، ضمن الجهود لإنهاء الحرب المستمرة منذ عام 2011. ومن المنتظر أن تبدأ هذه اللجنة عملها في الأسابيع المقبلة، وسط تباين كبير في وجهات نظر طرفي النزاع إزاء صلاحياتها والمنتظر منها. وتتألف اللجنة التي أثارت تسمية أعضائها خلافات بين دمشق والأمم المتحدة على مدى أشهر، من 150 عضواً. خمسون منهم اختارتهم دمشق، وخمسون اختارتهم المعارضة، بينما اختارت الأمم المتحدة الخمسين الآخرين، من خبراء وممثلين عن المجتمع المدني.
في السياق، أكدت فيديريكا موغيريني، الممثلة العليا للشؤون السياسية والخارجية في الاتحاد الأوروبي، دعمها الكامل لإعلان أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش تشكيل اللجنة الدستورية في سوريا؛ لكن المسؤولة الأوروبية حذرت، الثلاثاء، من أن الاتفاق «قد ينهار خلال شهور، ما لم يشعر السوريون بأن المسار السياسي يعود لملكيتهم وتحت قيادتهم».
جاء ذلك في اجتماع رفيع المستوى نظمه الاتحاد الأوروبي حول سوريا، وذلك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك. وشارك في الاجتماع، إضافة إلى موغيريني، وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، والممثل الخاص للأمين العام إلى سوريا غير بيدرسن، ومفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، فضلاً عن عدد كبير من وزراء خارجية وممثلي الدول الأعضاء بالأمم المتحدة.
وقالت فيديريكا خلال الاجتماع، إن «الاتحاد الأوروبي يؤيد الحل السياسي؛ ليس لأننا نتجاهل الوقائع على الأرض؛ بل لأننا نرى تلك الوقائع بوضوح. فسوريا ما زالت في حالة حرب، وهناك ملايين المشردين، سواء خارج أو داخل البلاد».
وأردفت قائلة: «الحل السياسي هو الطريق الوحيد لإحلال سلام عادل ودائم لجميع السوريين في بلدهم. والاتفاق الذي أعلن أمس هو أول اتفاق نتوصل إليه منذ اندلاع الأزمة عام 2011، وهو معرض للانهيار خلال أسابيع، ما لم يشعر السوريون بأن المسار السياسي يعود لملكيتهم وتحت قيادتهم».
من جهته، أعلن وزير الخارجية السوري وليد المعلّم، الثلاثاء، أنّ عمل اللجنة الدستورية المكلّفة إعداد دستور جديد للبلاد لا يعني وقف العمليات العسكرية. وقال المعلّم في مقابلة تلفزيونية، إنّ «الحرب لا تزال قائمة في سوريا، وسنستمر حتى تحرير كل أراضينا، وهذا لا يتعارض مع العمل على الدستور». وأضاف: «لا نقبل أفكاراً خارجية، ولا نقبل جدولاً زمنياً لعمل اللجنة (...) ولن نسمح بالتدخّل في صياغة دستورنا».
ولفت المعلّم إلى أنّ اللجنة ستبدأ أعمالها في نهاية الشهر المقبل في جنيف، وقال: «من المقرر أن تبدأ أعمالها كما قيل لي بالأمس (الاثنين) في 30 أكتوبر (تشرين الأول) في جنيف، وطبعاً هذا موعد مبدئي». وأضاف أنّ مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون، سيعود إلى دمشق بعد انتهاء أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك «لكي نتفق على كل التفاصيل».
وحذّر المعلم من أنّ بقاء قوات أميركية أو تركية في سوريا، من شأنه أن «يعرقل عمل اللجنة، وهذا يدلّ على أنّهم لا يريدون أن تتقدّم اللجنة باتجاه الحلّ السياسي». والاثنين، أعلن أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، تشكيل اللجنة الدستورية الخاصة بسوريا، على أن تبدأ عملها خلال الأسابيع المقبلة، ضمن الجهود لإنهاء الحرب المستمرة منذ عام 2011.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.