مستشارون روس يدربون كتيبة «نخبة» جديدة في سوريا

تدريبات روسية لكتيبة جديدة في يعفور قرب دمشق الثلاثاء الماضي (أ.ف.ب)
تدريبات روسية لكتيبة جديدة في يعفور قرب دمشق الثلاثاء الماضي (أ.ف.ب)
TT

مستشارون روس يدربون كتيبة «نخبة» جديدة في سوريا

تدريبات روسية لكتيبة جديدة في يعفور قرب دمشق الثلاثاء الماضي (أ.ف.ب)
تدريبات روسية لكتيبة جديدة في يعفور قرب دمشق الثلاثاء الماضي (أ.ف.ب)

تحت حرارة الشمس الحارقة، يطلق جنود بثياب عسكرية مموهة القذائف الصاروخية ليثيروا عاصفة من الغبار حولهم في تدريب يخضعون له ككتيبة «نخبة» جديدة في الجيش السوري يشرف عليها مستشارون روس.
في بلدة يعفور غرب دمشق، يصطنع الجنود هجوماً، يطلقون القذائف الصاروخية والهاون، يجلس أحدهم خلف سلاح رشاش يطلق منه الرصاص في هذه المنطقة القاحلة، ويقوم آخرون بعمليات نزع ألغام أو إسعافات أولية.
وجرى التدريب الثلاثاء بحضور صحافيين من وسائل إعلام دولية، بينهم فريق من وكالة الصحافة الفرنسية، يقومون بزيارة إلى سوريا بدعوة من الجانب الروسي.
في منصة تطل على ساحة التدريب، يجلس ضباط روس وسوريون يراقبون سير الأمور، في حين ينبطح جنود على الأرض يطلقون النار على أهداف أمامهم، ويقوم آخران بنقل جندي ثالث يبدو وكأنه أصيب كجزء من التدريب.
ويقول قائد الكتيبة السورية الجديدة عمر محمد وقد وضع على ثيابه العسكرية شارة «الفرقة الرابعة»، للصحافيين: «نتيجة التعاون والتدريب من قِبل الأصدقاء الروس، لاحظنا ارتفاع مستوى المقاتل واكتسابه خبرات جديدة بالتعامل مع أنواع الأسلحة كافة». ويوضح أنه جرى إنشاء الكتيبة الجديدة في الأول من أغسطس (آب)، وقد بدأت في اليوم نفسه تدريباتها التي تطورت تدريجياً.
ومنذ بدء التدخل العسكري الروسي إلى جانب دمشق في سبتمبر (أيلول) عام 2015، استعادت القوات الحكومية مساحات شاسعة، وباتت تسيطر على أكثر من 60 في المائة من مساحة البلاد بعد معارك عنيفة خاضتها في مواجهة الفصائل المعارضة بشكل أساسي كما تنظيم «داعش».
وتتحدث موسكو عن مستشارين لها على الأرض في سوريا، وتنتشر شرطتها العسكرية في معاقل سابقة للفصائل المعارضة استعادتها دمشق، كما تنتشر لها نقاط مراقبة قرب محافظة إدلب، التي تسيطر «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً) على الجزء الأكبر منها.
ورغم التحفظ الشديد الذي يبديه الخبراء العسكريون الروس إزاء أنشطتهم في سوريا، فإنهم ظهروا هذه المرة أمام الصحافيين بعضهم ملثم الوجه، وقد وضعوا نظارات شمسية. ويعطي أحدهم، بمساعدة مترجم إلى اللغة العربية، توجيهاته لمجموعة من الجنود تتدرب على كيفية التعرف على الألغام ونزع فتيلها، في حين يشرح آخر الإسعافات الأولية للجرحى في أرض المعركة.
يجلس أحد الجنود في حفرة عميقة في الأرض موجهاً سلاحه أمامه، يخبئ نفسه في الحفرة تماماً أثناء عبور دبابة من فوقها. وفي مكان قريب، يطلق زميل له النيران من خلف جدار صغير، يركض آخرون يقفزون من فوق النيران ويصعدون فوق عوائف خشبية، في حين تتساقط القذائف من حولهم.
وبعد انتهاء مرحلة التدريب الفردية التي استمرت شهرين، بدأت الكتيبة الجديدة مرحلة التدريب كجماعة و«على مستوى السرية»، وفق القيادي عمر محمد. ولا يستبعد قياديون في الكتيبة إمكانية إرسالها إلى محافظة إدلب للمشاركة في عملية عسكرية بدأتها دمشق قبل نحو خمسة أشهر بدعم جوي روسي، ويسري فيها منذ نهاية أغسطس اتفاق هدنة لا يخلو من الانتهاكات.
يقول أحد قادة الكتيبة السورية للصحافيين «إننا نبني آمالنا على المسار السياسي، لكن إذا لم نحقق نتائج فسنسلك الطريق العسكرية». وبدا رئيس الإدارة السياسية في الجيش السوري حسن حسن أكثر حدة في قراءته لمسار الأمور، إذ قال: «سيتم تحرير إدلب على أي حال وسنرى ذلك قريباً».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.