منظمة حقوق الإنسان تتهم القضاء العراقي بتجاهل مزاعم التعذيب في تهم الإرهاب

أوصت بعدم نقل عناصر «داعش» من سوريا لمحاكمتهم في العراق

TT

منظمة حقوق الإنسان تتهم القضاء العراقي بتجاهل مزاعم التعذيب في تهم الإرهاب

اتهمت منظمة حقوق الإنسان (هيومن رايتس ووتش)، القضاة في محاكم التمييز العراقية الذين يحكمون في القضايا المتعلقة بتهم الإرهاب بـ«تجاهل مزاعم التعذيب، أو أنهم اعتمدوا على اعترافات غير مدعومة في 20 قضية تقريباً خلال 18 شهراً».
وتشير تقديرات المنظمات الحقوقية المحلية والدولية، إلى أن السلطات العراقية تحتجز نحو 20 ألف رجل وصبي وامرأة بتهمة الانتماء إلى «داعش» منذ مطلع عام 2018، من ضمنهم عدد غير قليل ممن يحملون الجنسيات العربية والغربية.
وذكرت المنظمة في تقرير مطوَّل، أصدرته أمس، أن بعض مزاعم التعذيب «أُثبتت من خلال فحوصات الطب الشرعي، وكانت بعض الاعترافات لا تدعمها أي أدلة أخرى، ويبدو أنها انتُزعت بالقوة».
وأشار التقرير إلى الأحكام القضائية التي صدرت بحق متهمين بعد انتزاع اعترافاتهم عبر التعذيب إلى أنها «تكشف عن الثغرات في نظام العدالة الجنائية العراقي، وبموجب القانون الدولي، يجب ألا تعتمد المحاكم أبداً على الأدلة التي يتم الحصول عليها عن طريق التعذيب».
وناشدت منظمة «هيومن رايتش ووتش» أعضاء التحالف الدولي لهزيمة «داعش» التي ستجتمع اليوم (الخميس)، على هامش دورة «الجمعية العامة للأمم المتحدة» في نيويورك، لمناقشة تدابير المساءلة عن جرائم «داعش»، أن «تتفق على عدم نقل المشتبه بانتمائهم إلى (داعش) من سوريا إلى العراق إلى أن يتمكن النظام القضائي العراقي من ضمان امتثال المحاكمات الجنائية للمعايير الدولية للمحاكمة العادلة».
وأرسلت قوات «قسد» السورية أكثر من 900 عراقي متهم بالتعاون مع «داعش» إلى العراق خلال الأشهر الأخيرة، وأُثيرت ضجة كبيرة بمحافظة نينوى، في يوليو (تموز) الماضي، بعد تداول أنباء عن نقل 4 آلاف داعشي من سوريا إلى مخيمات في الموصل، ما دفع الحكومة العراقية إلى نفي ذلك.
وقالت مديرة قسم الشرق الأوسط بالإنابة في «هيومن رايتس ووتش» لما فقيه: «خلُص تحقيقنا في عدد كبير من أحكام محكمة التمييز العراقية إلى ما يمكن أن يكون حالات متكررة لسوء المحاكمة في قضايا الإرهاب»، مضيفةً أن «التحقيق يظهر أن المعتقلين في العراق يواجهون خطراً كبيراً من أن تكون محاكماتهم جائرة في كل مرحلة من مراحل العدالة الجنائية».
وذكر التقرير أن منظمة «هيومن رايتس ووتش» قامت بـ«مراجعة ملفات قضايا التمييز في 27 قراراً من قبل الهيئة الجزائية لمحكمة التمييز الاتحادية، في 21 قضية، نقضت خلالها محكمة التمييز قرار إفراج المحكمة الابتدائية وأمرت بإعادة المحاكمة».
ونقل التقرير عن خبراء في القانون حول مسألة النقض الذي تقوم به محكمة التمييز، قولهم: «عندما تُبطِل الهيئة الجزائية حكماً بالإفراج، وتأمر بإعادة المحاكمة، فهي ترسل رسالة واضحة مفادها أنه ينبغي على المحكمة الابتدائية تغيير قرارها. ولا يمكن اعتبار هذه المحاكمات بمثابة أمر قضائي محايد لإعادة تقييم وقائع القضية، بل أمر ضمني لإدانة المتهم».
وطالب تقرير المنظمة الحقوقية مجلس القضاء العراقي، وبهدف التماشي مع المعايير القانونية الدولية والإجراءات الجنائية العراقية، بأن «يصدر مبادئ توجيهية تُلزم القضاة بالتحقيق في جميع مزاعم التعذيب الموثوقة ومع قوات الأمن المسؤولة، ونقل المحتجزين إلى أماكن مختلفة فور ادعائهم التعذيب أو سوء المعاملة».
كذلك، طالب التقرير التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والدول الأخرى التي لديها مواطنون يواجهون محاكمات إرهاب محتملة في العراق، بـ«الضغط على مجلس القضاء الأعلى لمشاركة نتائج أي مراجعة يجريها في محكمة التمييز الاتحادية العراقية، وضمان تنفيذ الإصلاحات لمعالجة العيوب الخطيرة التي أُثيرت في هذا التقرير».
ولم يصدر أي نفي أو بيان من مجلس القضاء الأعلى أو محكمة التمييز اللذين يرأسهما القاضي فائق زيدان حول اتهامات المنظمة الحقوقية، حتى وقت إعداد هذا التقرير.
بدوره، يؤكد عضو مفوضية حقوق الإنسان المستقلة علي البياتي أن «لدى المفوضية مجموعة ملاحظات حول ملف التعذيب في السجون العراقية، وقد تلقّت بحدود 181 حالة ادعاء بالتعذيب داخل السجون والتوقيف الاحتياطي عام 2018، حُسِم منها 26 لجهة نفي أو إثبات حالات التعذيب، والتحقيق جارٍ في البقية». وكشف البياتي في حديث لـ«الشرق الأوسط» عن «وجود أكثر من 14 ألف حالة ادعاء وشكوى بوجود تعذيب في السجون لعام 2019. يقول الادعاء العام إنه حسم أغلبها، لكننا لا نعرف على وجه التحديد طبيعة إجراءات الحسم التي نفذها الادعاء العام».
وتعليقاً على تقرير «هيومن رايتس ووتش»، يؤكد مصدر قضائي رفيع لـ«الشرق الأوسط» أن «انتزاع الاعترافات بالقوة والتعذيب من المتهمين، سواء في قضايا الإرهاب أو الجرائم العادية، هو السياق المتبع دائما في التحقيقات التي تجريها عناصر الأمن والشرطة العراقية».
ويضيف المصدر الذي يفضل عدم الإشارة إلى اسمه أن «القضاء وجميع الجهات المحاكم والقضاة يعرفون جيداً أن ضباط التحقيق يمارسون شتى أنواع التعذيب ضد المتهمين بهدف انتزاع اعترافاتهم، وكثيرون اعترفوا بجرائم لم يرتكبوها بسبب التعذيب».
ويشير المصدر إلى أن «نظام التحقيق بالعراق ما زال متخلفاً جداً، وما زالت مقولة: (الاعتراف سيد الأدلة) التي غادرتها النظم القضائية العالمية الرصينة، هي الأساس في إصدار الأحكام، وذلك لا يساعد في تحسين صورة القضاء العراقي في نظر المنظمات الحقوقية والمجتمع الدولي».
كانت وزارة الداخلية العراقية، أمرت، في يوليو (تموز) الماضي، باعتقال مجموعة من الضباط والمحققين بمركز للشرطة في محافظة النجف على خلفية وفاة السجين ماهر الرماحي إثر عمليات التعذيب التي مورست ضده.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».