يعد استغلال مشاهير الفن والمجتمع في الدعاية للمشروعات والسلع إحدى الأدوات الترويجية والتسويقية التي أثبتت نجاحها على مدى عقود مضت، وما زالت مستمرة حتى الآن، لكن الأمر لم يعد قاصرا على استخدام النجم أو النجمة في حملة دعائية، بل فرضت بعض المشروعات ذات الطبيعة الخاصة نوعاً جديداً من الدعاية، يستدعي جلب الجمهور المستهدف لرؤية المشروع على الطبيعة، وشهدت مصر أخيراً ازدهار هذا النوع من الدعاية في الترويج لمدنها الجديدة، ومشروعاتها العقارية، عبر تنظيم حفلات لكبار النجوم المحليين والعالميين.
وكانت حفلات الصيف بمدينة العلمين الجديدة في الساحل الشمالي، من أبرز الأمثلة على ذلك، إذ نظمت مصر مجموعة من الحفلات الفنية لكبار نجومها مثل عمرو دياب، ومحمد رمضان، وتامر حسني وغيرهم، في ساحة «الميوزيك أرينا» بجوار فندق الماسة العلمين الجديد، وهي الساحة التي تم إنشاؤها حديثا في الممشى السياحي الجديد للمدينة، وتم تجهيز المسرح، وفقا للقائمين عليه، بأحدث التجهيزات الفنية، لتقديم مجموعة من الحفلات الفنية بهدف الترويج لمدينة العلمين الجديدة، وتسويقها محليا وإقليميا ودوليا.
الدكتور نبيل زكي، الخبير الاقتصادي، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «استخدام الحفلات في الترويج والدعاية للمدن الجديدة أمر جيد جداً وناجح، مع الوضع في الاعتبار أن هذه المدن أو المشروعات العقارية تستهدف في الأساس نوعاً معيناً من المستهلكين، نظرا لارتفاع أسعارها»، مشيراً إلى أن «البعض قد ينظر لهذه الحفلات باعتبارها نوعاً من البذخ لكنها في النهاية تخاطب جمهوراً ومستهلكاً معيناً». وهو ما أكده كذلك، الخبير الاقتصادي الدكتور عز الدين حسنين، بقوله إن «فكرة الاستعانة بالفنانين في الدعاية للمشروعات العقارية أخيراً، أثبتت نجاحها في كثير من المشروعات العقارية والتي ارتبط اسمها بأسماء فنانين شاركوا في حملات دعائية لها»، مشيراً إلى أن «حفلات مدينة العلمين الجديدة مرتبطة بالجمهور الذي ينتمي للطبقة الثرية، خصوصاً مع وصول سعر الشقة بالمدينة إلى 35 مليون جنيه (الدولار الأميركي يعادل 16.5 جنيه مصري)». ويرى أن «هذه الحفلات تساهم في الترويج للمشروعات العقارية، وللمدينة بشكل عام محليا وعالميا، وتشجع الناس على التملك بها، كما أنها تعمل في نفس الوقت على رفع أسعار العقارات بهذه المناطق أيضا لارتباطها بنجوم وفنانين كبار».
الترويج للمشروعات العقارية باستخدام الحفلات الفنية لم يكن قاصرا على مدينة العلمين الجديدة، التي ربما فرضت شهور الصيف الحارة على منظمي هذا النوع من الحفلات التوجه إليها، فقبل حلول فصل الصيف كانت العاصمة الإدارية الجديدة ساحة لحفلات مشابهة، حيث نظمت شركات عقارية حفلات فنية لإطلاق مشروعاتها العقارية في العاصمة الإدارية الجديدة كان من بينها حفلات للموسيقار عمر خيرت، والمطرب عمرو دياب، والفنان محمود العسيلي، وكانت العاصمة الإدارية الجديدة، المقرر نقل المقار الحكومية لها العام المقبل، ساحة لكثير من الأنشطة والفعاليات على مدار الشهور الماضية، لعل أبرزها مؤتمر الشباب.
وتسعى مصر للترويج لفكرة تصدير العقار خاصة في مدنها الجديدة، وعلى رأسها مدينة العلمين الجديدة، وفي هذا الإطار تستخدم مصر عدة أدوات ترويجية لمشروعاتها العقارية في هذه المدن، من بينها دعوة النجوم الأجانب لإحياء حفلات في الساحل الشمالي، ففي شهر أغسطس (آب) الماضي غنت النجمة العالمية جنيفير لوبيز على مسرح مدينة العلمين، في حفل نظمته شركة أوراسكوم للتنمية للدعاية لأحد مشروعاتها العقارية، كما نظمت شركة تطوير عقاري أخرى خلال شهر يوليو (تموز) الماضي حفلاً فنياً للموسيقار العالمي ياني في مدينة رأس الحكمة بالساحل الشمالي المصري، وقال عمرو سليمان، رئيس مجلس إدارة شركة «ماونتن فيو»، في كلمته خلال الحفل، إن «الحفل يهدف لدعم فكرة تصدير العقار بحفل يليق بالزائرين الأجانب، ويبرز قدرة مصر على استضافة الفعاليات العالمية، كما يروج للسياحة في مصر باعتبارها من أفضل الوجهات السياحية في الشرق الأوسط».
وقال وليد عباس، معاون وزير الإسكان لشؤون هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، في تصريحات صحافية، إن «الفكر الجديد للدولة بشأن المدن الجديدة في المحافظات الساحلية، مثل العلمين الجديدة يستهدف إلغاء فكرة السياحة الموسمية والعمل على استمرار الأنشطة السياحية طوال العام لزيادة الإيرادات».
يأتي ذلك في الوقت الذي لا تتعدى فيه حصة مصر من تصدير العقارات مبلغ 500 مليون دولار من إجمالي حجم صناعة التصدير العقاري حول العالم، والمقدر بنحو 2 تريليون دولار، وهي نسبة ضئيلة جدا لا تتناسب مع حجم الإنجاز العمراني في مصر، وفق خالد ناصر، رئيس مجلس الإدارة والمدير الإقليمي لشركة ريماكس في مصر ودولة الإمارات.
ولم يقتصر الأمر على المدن الجديدة بل امتد لمشروعات عقارية قائمة، تستهدف زيادة عدد سكانها، حيث نظم رجل أعمال مصري حفلا فنيا للمطرب الأوبرالي الإيطالي أندريا بوتشيللي، في شهر يونيو (حزيران) الماضي، في مشروعه السكني شرق القاهرة.
وأشار الدكتور نبيل زكي، إلى أنه حضر حفل بوتشيللي، وكان وسيلة جديدة ومبتكرة للترويج للمشروع السكني شرق القاهرة. لافتا إلى أن «استخدام الحفلات الفنية في الترويج لمشروعات عقارية أو اقتصادية أمر متبع في كثير من دول العالم، ومنها الولايات المتحدة الأميركية».
ويتعلق هذا النوع من الدعاية بطبيعة المشروعات العقارية التي تحتاج من الجمهور المستهدف أن يذهب ويرى المشروع على الطبيعة بدلا من الاكتفاء برؤيته في الإعلانات التجارية، وفق حسنين الذي يرى أن «تنظيم الحفلات الفنية سياسة متبعة في الكثير من المشروعات العقارية القائمة التي تحرص على تنظيم حفلات سنوية بهدف إضفاء نوع من المصداقية والثقة على مشروعاتها، وتشجيع الناس على التملك فيها».
مصر تروج لمشروعاتها العقارية بحفلات فنية عالمية
عبر الاستعانة بكبار المطربين والموسيقيين العرب والأجانب
مصر تروج لمشروعاتها العقارية بحفلات فنية عالمية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة