رحيل هوغيت الخوري كالان الابنة المتمردة للرئيس الأول للجمهورية اللبنانية

ثيمتها التي دارت حولها كل أعمالها التشكيلية هي «الحرية»

هوغيت الخوري في مرسمها
هوغيت الخوري في مرسمها
TT

رحيل هوغيت الخوري كالان الابنة المتمردة للرئيس الأول للجمهورية اللبنانية

هوغيت الخوري في مرسمها
هوغيت الخوري في مرسمها

بعد أيام من انتهاء معرضها الفردي الأول في بريطانيا، بداية سبتمبر (أيلول) الجاري، في «تايت سانت آيف»، أغلقت رائدة الفن التشكيلي اللبناني هوغيت الخوري كالآن - الابنة الوحيدة والصغرى بين أخوين، للرئيس الأول للجمهورية اللبنانية، وأحد رجالات الاستقلال الشيخ بشارة الخوري - عينيها برضى وحبور كما كانت تتمنى. رحلت الفنانة المرحة ذات الروح الطفولية، عن ثمانية وثمانين عاماً، ولم تتوقف عن الرسم طوال خمسين سنة. لا بل هي قدمت من التضحيات الجسام، ما يستحق أن يروى من أجل أن تحقق ذاتها وتؤكد فرادتها، وبقيت فرحة تطل على أصدقائها بحبور، رغم كل ما مرت به من ظروف، معتبرة أنها ورثت السعادة عن أهلها ولا يد لها بها، ولم تعرف الحزن إلا على من حولها.
بقيت هوغيت شابة، في روحها وثورتها، وتمردها الذي لم ينقطع حتى صار صنو اسمها. قليلاً ما عرفها اللبنانيون رغم أنها أصبحت عالمية بالفعل، وتداولت مزادات كريستيز وسوذبيز أعمالها، وعرضت في كبريات متاحف العالم وأشهر الغاليريات. بقيت الأعمال التي تعرض لها في بلدها غير كافية لإعطاء فكرة شاملة عن مسارها. في «تايت» كان التركيز على مراحلها الأولى حيث بدأت الرسم وهي في السادسة عشرة متتلمذة على الإيطالي المقيم في لبنان فرناندو مانيتي، وتزوجت صغيرة من بول كالان رجل نصف فرنسي ونصف لبناني وحملت اسمه طوال حياتها بعد أن أنجبت منه ثلاثة أولاد. بدأ تمردها من هنا حين أصرت على الارتباط بشخص عائلته على النقيض السياسي من عائلتها الاستقلالية التي ناضلت ضد الاستعمار الفرنسي. التحقت متأخرة نسبياً بالجامعة الأميركية في بيروت عام 1964 لتدرس الفن وتبرز موهبتها وتقيم معرضها الأول في «دار الفن والآداب» التي ستحمل بعد ذلك، اسم جنين ربيز وتلفت النظر بجرأتها. وهي الصالة التي ستعود إليه عام 1993 لتعرض بعض أعمالها.
واكبت هوغيت والدتها حتى مماتها، وبقيت إلى جانب والدها حتى وفاته. تقول إنها كانت تعارضهما وتحبهما في وقت واحد، ولم ترد أن تصدمهما في شيء، رغم كل ما يعتمل في نفسها، بل عبرت دائماً عن رغباتها معهما بأدب لا يجرح، وصبرت كي لا تؤلمهما. لكن رحيل بشارة الخوري عن هذه الفانية كان لها بمثابة اللحظة التي قررت فيها الانعتاق من المجتمع الذي يكبلها، والقيود التي تحيط بها، والملابس الأنيقة التي عليها أن ترتديها غير مقتنعة بأنها الأنسب لها. بعد أسبوع من موت الأب، تخلصت من كل ما في خزانتها، تصالحت مع جسدها المكتظ ولبست العباءة الفضفاضة، رسمت لوحة زيتية ممزقة، وقررت أن تترك أولادها وزوجها وتذهب إلى باريس بحثاً عن ذاتها وإصغاء لدواخلها. كان ذاك عام 1970 والحرب اللبنانية لم تبدأ بعد، وقد شارفت المرأة التي عرفت الأمومة باكراً على أربعيناتها. هناك في باريس، بدأت موهبتها تتبلور، ومعارفها تتوسع، ولم تتخلص من لبنانها أبداً، ولا من الموضوع الذي سيبقى يشغلها وهو جسد المرأة الذي ظل حاضراً في غالبية أعمالها. مرة بإروتيكية فجة ومرات كثيرة برمزية. ذهبت إلى تجريدية لا تخلو من وضوح. بين التصريح والتلميح بنت هوغيت كالان مدرستها التشكيلية الخاصة، متأثرة بالمنمنمات البيزنطية وحيكاكة السجاد الشرقية. متخففة من التابوهات في بيئتها الأم انطلقت ابنة التاسعة والثلاثين عاماً تنحت اسمها في باريس قبل أن تنطلق إلى البندقية ثم نيويورك وكاليفورنيا. هذ الفترة التأسيسية تحديداً هي التي تم تسليط الضوء عليها في معرضها في تايت حيث كتب عنها، أنها بقيت ترسم في باريس وهي تتطلع إلى لبنان، وإلى عائلتها. أما المعرض الاستعادي الذي أقيم لها في «مركز بيروت للمعارض» قبل سنوات، فكان استعادة بانورامية للعقود الخمسة التي شكلت خلالها مسارها كله.
في كاليفورنيا، مستقرها العملي الأخير، أقامت هوغيت لنفسها منزلاً ومشغلاً، عملت مع فنانين شباب. بقيت تستكمل مسارها الفني عاملة على إنضاج خطوطها الأولى مستمرة في تجريدية أبعد غوراً، دون أن تقع في الإبهام المطلق الذي يستغلق على المتأمل. تضيف على اللوحة وتجوّد بها حتى ينهكها التجويد. «اللوحة أضيف إليها لكنني لا أمحو منها أبداً» كانت تقول.
فنانة شاملة بحق. إضافة إلى الرسم ذهبت إلى النحت، أبدعت في أعمال برونزية وعلى الخشب وحتى في تطويع الورق والطين. تجربتها مع النحات الروماني جورج أبو ستو أنضجت هذا الوجه الفني الآخر لديها. وهي مصممة أيضا، ربما بالصدفة، لكنها لفتت منذ قفاطينها الأولى، وعباءاتها التي صممتها للشهير بيار كاردان، ونالت حظوة كبيرة. وهي عباءات تشبه بروحها تلك البيضاء التي بقيت تلبسها على آخر أيامها، وكأنها قررت أن تلف جسدها الذي لم تشك منه يوماً، ولم تتأفف لكن كل أعمالها، لا بد تدل على أنها بقيت تحاول أن تفهم هذا الجسد الممتلئ بوزنه الثقيل، وأن تستعمله كما كانت تقول، بما يمكن أن يقدم فائدة، ومساعدة أو فكرة جميلة تسعد من حولها.
وإذا كان من موضوع واحد دارت حوله كل أعمال هوغيت كالان من رسم ونحت وتصميم فهو «الحرية». هذه الحرية التي كانت تريد أن تعيشها بملء رئتيها هي أيضاً المحرك الذي دفعها لأن تتخذ كل الخطوات الجريئة وغير المألوفة التي وسمت حياتها الغنية بالمغامرات والنجاحات.



غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر
TT

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

تشهد منطقة الباحة، جنوب السعودية، انطلاقة الملتقى الأول للأدب الساخر، الذي يبدأ في الفترة من 22-24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وينظمه نادي الباحة الأدبي.

وأوضح رئيس النادي، الشاعر حسن الزهراني، أن محاور الملتقى تتناول «الأدب الساخر: المفهوم، والدلالات، والمصادر»، و«الاتجاهات الموضوعية للأدب الساخر، والخصائص الفنية للأدب الساخر في المملكة»، وكذلك «مستويات التأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظيراتها العربية»، و«حضور الأدب الساخر في الصحافة المحلية قديماً وحديثاً»، و«أثر القوالب التقنية الحديثة ومواقع التواصل في نشوء أشكال جديدة من الأدب الساخر محلياً»، و«سيميائية الصورة الصامتة في الكاريكاتير الساخر محلياً».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وشارك في صياغة محاور الملتقى لجنة استشارية تضم: الدكتور عبد الله الحيدري، والدكتور ماهر الرحيلي، والقاص محمد الراشدي، ورسام الكاريكاتير أيمن يعن الله الغامدي.

وكشف الزهراني أن النادي تلقى ما يزيد على 40 موضوعاً للمشاركة في الملتقى، وأقرت اللجنة 27 بحثاً تشمل؛ ورقة للدكتورة دلال بندر، بعنوان «حمزة شحاتة... الأديب الجاد ساخراً»، والدكتور محمد الخضير، بعنوان «الخصائص الفنية في الأدب الساخر عند حسن السبع في ديوانه ركلات ترجيح - دراسة بلاغية نقدية»، والدكتور صالح الحربي، بعنوان «المجنون ناقداً... النقد الأدبي في عصفورية القصيبي»، والدكتور عادل خميس الزهراني، بعنوان «الصياد في كمينه: صورة الحكيم في النكت الشعبية بمواقع التواصل الاجتماعي»، والدكتور حسن مشهور، بعنوان «الكتابة الساخرة وامتداداتها الأدبية... انتقال الأثر من عمومية الثقافة لخصوصيتها السعودية»، والدكتورة بسمة القثامي، بعنوان «السخرية في السيرة الذاتية السعودية»، والدكتورة كوثر القاضي، بعنوان «الشعر الحلمنتيشي: النشأة الحجازية وتطور المفهوم عند ابن البلد: أحمد قنديل»، والدكتور يوسف العارف، بعنوان «الأدب الساخر في المقالة الصحفية السعودية... الكاتبة ريهام زامكة أنموذجاً»، والدكتور سعد الرفاعي، بعنوان «المقالة الساخرة في الصحافة السعودية... الحربي الرطيان والسحيمي نموذجاً»، والدكتور عمر المحمود، بعنوان «الأدب الساخر: بين التباس المصطلح وخصوصية التوظيف»، والدكتور ماجد الزهراني، بعنوان «المبدع ساخراً من النقاد... المسكوت عنه في السرد السعودي»، والمسرحي محمد ربيع الغامدي، بعنوان «تقييد أوابد السخرية كتاب: حدثتني سعدى عن رفعة مثالاً»، والدكتورة سميرة الزهراني، بعنوان «الأدب الساخر بين النقد والكتابة الإبداعية... محمد الراشدي أنموذجاً». والدكتور سلطان الخرعان، بعنوان «ملخص خطاب السخرية عند غازي القصيبي: رؤية سردية»، والدكتور محمد علي الزهراني، بعنوان «انفتاح الدلالة السيميائية للصورة الساخرة... الرسم الكاريكاتوري المصاحب لكوفيد-19 نموذجاً»، والكاتب نايف كريري، بعنوان «حضور الأدب الساخر في كتابات علي العمير الصحافية»، والدكتور عبد الله إبراهيم الزهراني، بعنوان «توظيف المثل في مقالات مشعل السديري الساخرة»، والكاتب مشعل الحارثي، بعنوان «الوجه الساخر لغازي القصيبي»، والكاتبة أمل المنتشري، بعنوان «موضوعات المقالة الساخرة وتقنياتها عند غازي القصيبي»، والدكتور معجب الزهراني، بعنوان «الجنون حجاباً وخطاباً: قراءة في رواية العصفورية لغازي القصيبي»، والدكتور محمد سالم الغامدي، بعنوان «مستويات الأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظرياتها العربية»، والدكتورة هند المطيري، بعنوان «السخرية في إخوانيات الأدباء والوزراء السعوديين: نماذج مختارة»، والدكتور صالح معيض الغامدي، بعنوان «السخرية وسيلة للنقد الاجتماعي في مقامات محمد علي قرامي»، والدكتور فهد الشريف بعنوان «أحمد العرفج... ساخر زمانه»، والدكتور عبد الله الحيدري، بعنوان «حسين سرحان (1332-1413هـ) ساخراً»، ويقدم الرسام أيمن الغامدي ورقة بعنوان «فن الكاريكاتير»، والدكتور يحيى عبد الهادي العبد اللطيف، بعنوان «مفهوم السخرية وتمثلها في الأجناس الأدبية».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وخصص نادي الباحة الأدبي جلسة شهادات للمبدعين في هذا المجال، وهما الكاتبان محمد الراشدي، وعلي الرباعي، وأعدّ فيلماً مرئياً عن رسوم الكاريكاتير الساخرة.

ولفت إلى تدشين النادي 4 كتب تمت طباعتها بشكل خاص للملتقى، وهي: «معجم الأدباء السعوديين»، للدكتورين عبد الله الحيدري وماهر الرحيلي، وكتاب «سامحونا... مقالات سعد الثوعي الساخرة»، للشاعرة خديجة السيد، وكتاب «السخرية في أدب علي العمير» للدكتور مرعي الوادعي، و«السخرية في روايات غازي القصيبي» للباحثة أسماء محمد صالح.