إسرائيل تقنن الكهرباء في الضفة بسبب «الديون»

رئيس شركة القدس اعتبره عقاباً جماعياً على الشعب الفلسطيني

أشتية خلال مشاركته في افتتاح مركز البيانات لشركة الاتصالات الفلسطينية أمس (وفا)
أشتية خلال مشاركته في افتتاح مركز البيانات لشركة الاتصالات الفلسطينية أمس (وفا)
TT

إسرائيل تقنن الكهرباء في الضفة بسبب «الديون»

أشتية خلال مشاركته في افتتاح مركز البيانات لشركة الاتصالات الفلسطينية أمس (وفا)
أشتية خلال مشاركته في افتتاح مركز البيانات لشركة الاتصالات الفلسطينية أمس (وفا)

انقطع التيار الكهربائي عن مناطق واسعة في الضفة الغربية، أمس، في خطوة غير مسبوقة بعدما بدأت شركة الكهرباء الإسرائيلية في تقنين التيار المبيع للفلسطينيين بسبب تراكم الديون.
ونشرت شركة كهرباء محافظة القدس برنامجاً يشمل قطع التيار الكهرباء لساعات محددة عن غالبية المناطق في مدن رام الله، وبيت لحم، وذلك على مدار أيام متتالية.
وتزود الشركة الإسرائيلية الأراضي الفلسطينية بالتيار الكهربائي من خلال شركة كهرباء محافظة القدس الحاصلة على امتياز التوزيع في وسط الضفة. وقالت الشركة الإسرائيلية، إنها بدأت تقنين الكهرباء بسبب الديون بعدما حذرت شركة كهرباء القدس والجهات ذات الصلة، من الحاجة العاجلة إلى سداد الديون، من دون أي حلول. وأخذت الشركة الإسرائيلية ضوءاً أخضر من الحكومة الإسرائيلية على الخطوة التي جاءت في ظل أزمة مالية كبيرة تعيشها السلطة الفلسطينية.
ويبدو أن الشركة الفلسطينية عاجزة عن سداد المبلغ بسبب ما تقول إنها ديون وبدل فاقد كبير في المناطق التي تزودها الشركة بالكهرباء (ديون سلطة، ديون مخيمات، وسرقات في مناطق «ج»). وبلغ مجمل الديون لشركة كهرباء القدس، نحو 485 مليون دولار. والخطوة الإسرائيلية جاءت بعد فشل مفاوضات بين السلطة وإسرائيل بدأت قبل عامين حول ديون الكهرباء تخللتها قرارات إسرائيلية بحجز مبلغ من المقاصة بدل هذه الديون.
وأعلنت شركة كهرباء محافظة القدس تسلمها ثالث إنذار من شركة الكهرباء الإسرائيلية، انتهى بالبدء في تقنين أو قطع التيار الكهربائي عن بعض مناطق امتياز الشركة. وقال رئيس مجلس إدارة شركة كهرباء القدس، هشام العمري، إن هذا الإجراء خارج عن إرادة الشركة. ووصف العمري الأمر بمثابة «عقاب جماعي على الشعب الفلسطيني». وهو الخطاب الذي تبنته أيضاً سلطة الطاقة الفلسطينية التي اتهمت شركة الكهرباء الإسرائيلية بمحاولة «ابتزاز» الحكومة الفلسطينية عبر تقليص التيار الكهربائي.
وقال رئيس سلطة الطاقة، ظافر ملحم، إن حكومة إسرائيل تسعى من خلال هذه العقوبات واستغلال ديون الكهرباء إلى الضغط على الحكومة الفلسطينية للقبول بشروط اتفاق لا يستجيب للحقوق الفلسطينية. وأعلنت سلطة الطاقة الفلسطينية، أنها سددت خلال الشهرين الماضيين نحو 100 مليون دولار من الديون المتراكمة على الشركة الفلسطينية أو على البلديات.
وأضاف ملحم «أن كهرباء إسرائيل مصرّة على قطع التيار الكهربائي بشكل غير مسبوق، علماً بأن وزارة المالية ساهمت خلال الشهرين الماضيين بتسديد مبلغ من الديون بقيمة 374 مليون شيقل، منها: 200 مليون شيقل عن الهيئات المحلية وشركات التوزيع في الضفة الغربية، و70 مليون شيقل فرق دفعات فواتير شهرية، و80 مليون شيقل مستحقة عن قطاع غزة، و24 مليون شيقل مستحقات لشركة كهرباء محافظة القدس. كما قامت شركة كهرباء محافظة القدس بتسديد 100 مليون شيقل من خلال حصولها على قرض بكفالة الحكومة الفلسطينية، مضيفاً أن مجمل الديون المتبقية على شركة كهرباء محافظة القدس تقارب 700 مليون شيقل، بالإضافة إلى 636 مليوناً تم تجميدها حسب اتفاقية 2016».
لكن الفلسطينيين الملتزمين لم يقتنعوا برواية السلطة وشركة الكهرباء. وطالب ناشطون السلطة بدفع ما عليها من ديون، وطالبوا الشركة بقطع التيار عن المتخلفين وليس عن الجميع، باعتبار أنها لا تسامح المشتركين عن أي تأخير.
ودخلت السلطة الفلسطينية مجدداً على الخط في محاولة للخروج من الأزمة المالية برمتها. وقالت القناة 13 الإسرائيلية، إن وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ أجرى اتصالات مع وزير المالية الإسرائيلي موشيه كحلون، وطلب منه عقد لقاء عاجل لبحث الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها السلطة الفلسطينية.
وقالت القناة «إن اتصال الشيخ بكحلون جاء بعد أن طالت فترة الأزمة الاقتصادية، الناتجة من احتجاز إسرائيل لأموال الضرائب والتي كانت تأمل السلطة بحلها بعد الانتخابات الإسرائيلية الماضية». وتابعت: «لكن الآن أصبح لدى السلطة قلق من ذهاب إسرائيل إلى انتخابات ثالثة».
وتعاني السلطة من أزمة مالية متفاقمة بعد رفضها تسلم أموال العوائد الضريبية منقوصة. وقررت إسرائيل منذ فبراير (شباط) الماضي احتجاز جزء من أموال العوائد الضريبية بقيمة تعادل الرواتب التي تدفعها السلطة لعائلات «الشهداء» والأسرى.
وكانت السلطة تأمل، كما يبدو، بانتهاء الأزمة مع تشكل حكومة إسرائيلية جديدة، لكن آمالها تبددت. وقال مراقبون إسرائيليون، إن السلطة محبطة من إمكانية تشكيل حكومة وحدة إسرائيلية بالتعاون ما بين بنيامين نتنياهو وبيني غانتس، بعدما كانت تنتظر تشكيل حكومة وسط - يسارية بزعامة غانتس على أمل تحريك العملية السياسية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.