معارك طرابلس: الجيش الوطني يعلن تقدمه وحكومة «الوفاق» تؤكد صده

السراج: المجتمع الدولي تخلى عن ليبيا بعد «ثورة فبراير»

تلامذة ليبيون يحصلون على أغراض مدرسية مقدمة من منظمة يونيسيف في طرابلس الأسبوع الماضي (رويترز)
تلامذة ليبيون يحصلون على أغراض مدرسية مقدمة من منظمة يونيسيف في طرابلس الأسبوع الماضي (رويترز)
TT

معارك طرابلس: الجيش الوطني يعلن تقدمه وحكومة «الوفاق» تؤكد صده

تلامذة ليبيون يحصلون على أغراض مدرسية مقدمة من منظمة يونيسيف في طرابلس الأسبوع الماضي (رويترز)
تلامذة ليبيون يحصلون على أغراض مدرسية مقدمة من منظمة يونيسيف في طرابلس الأسبوع الماضي (رويترز)

كرر «الجيش الوطني» الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، أمس، تعهده بالقضاء على الميليشيات المسلحة الموالية لحكومة «الوفاق» في العاصمة طرابلس، واعتبر أن «الاستعانة بتركيا وقطر لن تجدي هذه الميليشيات أي نفع»، في المعارك الجارية على أطراف طرابلس للشهر السادس على التوالي. وفيما أعلن الجيش الوطني تقدمه في معارك جنوب طرابلس، ردت قوات «الوفاق» بتأكيد احتفاظها بمواقعها. وجاء ذلك فيما ألقى فائز السراج، رئيس حكومة «الوفاق»، باللائمة على المجتمع الدولي بسبب تخليه عن ليبيا بعد أن ساعد في نجاح «ثورة فبراير» ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011.
وقال مسؤول عسكري بارز في الجيش الوطني لـ«الشرق الأوسط» إن قواته حافظت أمس على التمركزات الجديدة التي سيطرت عليها بمنطقة بير علاق جنوب طرابلس والتي كانت سابقاً تحت نفوذ ميليشيات موالية لحكومة السراج. وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم تعريفه، أن «الجيش يواصل تقدمه نحو السيطرة على مدينة العزيزية» على بعد 40 كيلومتراً جنوب طرابلس، مستهدفاً قطع خطوط الإمداد عن الميليشيات وعزل مدينة الزاوية غرب طرابلس. وتابع: «هناك تقدم للجيش باتجاه العزيزية وتقهقر واضح لمرتزقة الميليشيات (الموالية للوفاق) وتم أسر ضباط تابعين لها».
بدوره، رأى المركز الإعلامي لغرفة «عمليات الكرامة» في الجيش الوطني، أول من أمس، أنه «لم يعُدْ لدى الميليشيات من مَخرج، إلا الانصياع لإرادة الليبيين التي تجسدها قوات الجيش»، لافتاً إلى أن القوات الجوية «ما زالت تقوم بمهامها الاستطلاعية، وتوجهُ ضرباتِهَا للميليشيات المارقة، صنيعة تنظيمِ الإخوان الإرهابي». وأضاف أنّ «قواتِنَا البرية في مُختلفِ المحاور لنْ تَترُكَ سلاحَهَا ولن تهنَأ ولن تتوقفَ مَسيرتُهَا... لن تُجديكُم الاستعانة بتركيا ولا قطر وكلِ عملائِكُم»، معتبراً أنه «ليسَ أمامكُم إلا الفِرَار أو تسليم أسلحتِكُم والمغادرة، أو تواجهوا مصيرَكم المحتوم». كما أعلن المركز اعتقال الرائد عبد الرحمن الصويعي آمر محور السبيعة (قرب طرابلس) المنتمي إلى القوات الموالية لحكومة «الوفاق» أثناء «محاولته الهروب من أرض المعركة».
وكانت قوات حكومة السراج قالت، في المقابل، إنها تصدت لهجوم شنته قوات «الجيش الوطني» على مدينة العزيزية. ونقلت وكالة «شينخوا» الصينية عن مصطفى المجعي، المتحدث باسم عملية «بركان الغضب»، أن «هجوماً واسعاً مدعوماً بغطاء جوي» نفذته قوات المشير حفتر في محاولة للتقدم نحو المدينة «لكن تم إفشال الهجوم والسيطرة بالكامل على مواقعنا وتعزيزها».
كذلك قالت عملية «بركان الغضب» إن قواتها أعادت بسط سيطرتها على منطقة بير علاق بعد «فرار العصابات الإجرامية والمرتزقة الروس»، في إشارة إلى مزاعم بوجود أجانب يقاتلون إلى جانب قوات الجيش الوطني.
بدوره، ألقى فائز السراج، رئيس حكومة «الوفاق»، اللوم على المجتمع الدولي بسبب تخليه عن ليبيا بعدما ساعد في نجاح «ثورة فبراير» ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011. مشيراً إلى أن النتيجة كانت فوضى دامية، ساهم التدخل السلبي لبعض الدول في تأجيجها. وقال في كلمة ألقاها مساء أول من أمس، أمام منتدى كونكورديا الدولي في نيويورك ووزعها مكتبه أمس، إن ليبيا تواجه منذ سقوط النظام السابق تحديات جسام لبناء دولة ديمقراطية حديثة، أبرزها انعدام الأمن وانتشار السلاح، كما وفرت هذه الفوضى المسلحة المناخ لتسلل التنظيمات الإرهابية؛ حيث نجح تنظيم «داعش» في السيطرة على مدينة سرت.
وأخذ على الأمم المتحدة بوصفها الممثل للمجتمع الدولي عدم التعامل بحزم مع المعرقلين لتنفيذ الاتفاق السياسي المبرم في منتجع الصخيرات بالمغرب نهاية عام 2015، وبما شجع على «استمرارهم في التعنت، والاستهتار بالقرارات الدولية».
واعتبر أن قرار المشير حفتر شن حرب على طرابلس «محاولة لنسف العملية السياسية، وإجهاض حلم الدولة المدنية، وإعادة الحكم العسكري الشمولي للبلاد».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.