مصر: دعوات لمسيرات تأييد... والجيش يتعهد حفظ استقرار البلاد

TT

مصر: دعوات لمسيرات تأييد... والجيش يتعهد حفظ استقرار البلاد

فيما اعتُبر تحركاً مُجابهاً للاحتجاجات النادرة والمحدودة التي شهدتها بعض المدن المصرية، يومي الجمعة والسبت الماضيين، بدأ داعمون للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في الدعوة إلى مظاهرات «مساندة وتأييد» لحكمه، وحددوا لها يوم الجمعة المقبل، الذي يتزامن مع دعوة أطلقها مقاول وممثل مصري يُدعى محمد علي، لتنظيم تحركات مناوئة.
ويأتي ذلك في وقت أفاد فيه محامون يتولون الدفاع عن المتهمين بالمشاركة في المظاهرات المعارضة، أن سلطات التحقيق أصدرت قراراً، مساء أول من أمس، بحبس 270 شخصاً لمدة 15 يوماً على ذمة الاتهامات الموجهة لهم في القضية رقم «1338 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا»، والتي تنسب لهم فيها النيابة ارتكاب جرائم «المشاركة في تحرك يضم جماعة (الإخوان) بغرض القيام بأعمال عدائية، ومشاركة جماعة (إرهابية) في تحقيق أغراضها، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي بغرض ارتكاب جريمة يعاقب عليها القانون، ونشر وإذاعة أخبار كاذبة بغرض تكدير السلم العام وبثّ الفتنة».
من جهته استبعد السيسي، خلال لقاء جمعه، مع الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، مساء أول من أمس، قبول المصريين لوجود «إسلام سياسي» يحكم البلاد، مشيراً إلى أن «الشعب رفض هذا الحكم (سلطة الإخوان)» في إشارة للعام الذي تولاه الرئيس الراحل محمد مرسي في السلطة (2012 : 2013)، قبل أن يعزله الجيش بعد مظاهرات حاشدة طالبت برحيله.
وقلّل ترمب، من المخاوف بشأن الاحتجاجات التي شهدتها مصر، وقال خلال اجتماعه مع السيسي، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة إن «الجميع لديهم مظاهرات»، ومضيفاً: «عندما وصل الرئيس السيسي إلى السلطة، كانت البلاد في حالة من الفوضى، والآن لم تعد موجودة، ولذا أنا لست قلقاً».
كما وصف ترمب نظيره المصري بأنه «زعيم حقيقي»، معرباً عن رغبته في تفعيل وتعميق التعاون بين القاهرة وواشنطن. وحالة التفاعل الأخيرة في مصر، تأتي في أعقاب حملة من الفيديوهات الرائجة التي بدأ بثّها الممثل والمقاول محمد علي، ونشطاء آخرون، واعتبرت «مسيئة» للجيش، وعلّق الرئيس المصري على بعض ما جاء في مقاطع علي، وقال إنها «كذب وافتراء».
وكانت «الهيئة العامة للاستعلامات» التابعة للرئاسة المصرية، طالبت، مطلع الأسبوع، وسائل الإعلام الدولية بـ«تجنب المبالغة ووضع الأمور في سياقها وحجمها» فيما يتعلق بتغطية الأحداث في مصر. وشدد الفريق أول محمد زكي وزير الدفاع المصري، أمس، على أن «القوات المسلحة تعمل بأقصى درجات اليقظة والاستعداد لتأمين حدود الدولة، والتصدي بكل حسم لكل من تسول له نفسه المساس بأمن مصر واستقرارها»، مؤكداً أن «رجال القوات المسلحة أقسموا على الدفاع عن أمن وسلامة الوطن وقدسية ترابه بأرواحهم ودمائهم، مهما كلفهم ذلك من تضحيات». وشهدت محافظة السويس (140 كيلومتراً) شرق القاهرة، مساء أول من أمس، مسيرة ضمت عشرات السيارات، وأظهرت مقاطع مصورة بثّتها وسائل إعلام محلية رسمية وخاصة، أن بعض المشاركين في المسيرة رفعوا علم مصر، ولوّحوا بصور للرئيس.
بدوره، قال النائب في البرلمان المصري، محمد إسماعيل، لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إنه «تقدم مع نحو 20 نائباً بطلب لأجهزة الأمن المختصة، للحصول على ترخيص بتنظيم وقفة أمام منصة الجندي المجهول بمنطقة مدينة نصر (شرق القاهرة)»، موضحاً أنهم «يستهدفون إبراز دور الداعمين للدولة في المرحلة المقبلة، في مواجهة الهجمات المعادية من قنوات فضائية تحرض ضد مصر».
واعتبر إسماعيل، أنه «لمس استجابة من مواطنين أبدوا استعدادهم للمشاركة في وقفة التأييد»، معتبراً أن «المسؤولية الوطنية تحتم المشاركة والإعلان عن دعم الدولة». وفي حين لم يستبعد إسماعيل مشاركة أحزاب وقوى سياسية في وقفتهم، أشارت أمينة الإعلام بحزب «مستقبل وطن»، دينا عبد الكريم، إلى أنه على الرغم «من عدم إقدام الحزب بشكل تنظيمي على ترتيب وقفات أو مسيرات مؤيدة»؛ فإنه «يدعم فكرة المشاركة فيها من قبل أعضائه بشكل شخصي».
وفي سياق قريب، اعتبر يونس مخيون، رئيس حزب النور (سلفي التوجه)، أنه «لا فساد أعظم من انهيار دولة مستقرة وتعريض الملايين من أهلها للضياع والمخاطر في دينهم وأموالهم وأعراضهم، بل وقوع المنطقة في بحر من الفوضى»، محذراً في بيان أمس، من «انهيار أو تفكك كثير من الجيوش العربية نتيجة للصراعات الداخلية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.