معرض «الشبح» يحيي الهندسة المعمارية التراثية لمنازل مهجورة

يندرج في برنامج المهرجان الفني «بيروت آرت ويك»

يهدف معرض «الشبح» لطوني مهنا إلى إعادة إحياء العمارة الهندسية التّراثية في لبنان
يهدف معرض «الشبح» لطوني مهنا إلى إعادة إحياء العمارة الهندسية التّراثية في لبنان
TT

معرض «الشبح» يحيي الهندسة المعمارية التراثية لمنازل مهجورة

يهدف معرض «الشبح» لطوني مهنا إلى إعادة إحياء العمارة الهندسية التّراثية في لبنان
يهدف معرض «الشبح» لطوني مهنا إلى إعادة إحياء العمارة الهندسية التّراثية في لبنان

خمسة منازل تراثية لبنانية اختارها المهندس طوني مهنا من بيروت وطرابلس وعروسة الشوف عاليه، ليقدمها في معرضه الفوتوغرافي «الشبح»، في فندق «لو غراي» وسط العاصمة. ويأتي هذا المعرض الأول لمهنا ليندرج في برنامج نشاطات المهرجان الفني «بيروت آرت ويك»، الذي يسلّط الضوء على الهندسة المعمارية التراثية لمنازل لبنانية، هجرها أصحابها أو أُهملت بعد وفاتهم. ويحاول طوني مهنا في كاميرته أن يجمع ما بين اختصاص الهندسة الذي درسه وأصالة العمارة القديمة المخيمة على تلك المنازل. وهو يعتبرها بمثابة متاحف صغيرة بحاجة إلى من يهتمّ بها ويبرز جماليتها كي تصبح ركناً من أركان السياحة في لبنان.
«فكرة المعرض تكمن في إعادة إحياء البيوت التراثية المهجورة في لبنان، لنبث فيها الحياة من جديد». يقول طوني مهنا في حديث لـ«الشرق الأوسط». ويضيف: «بعضها دُمّر بسبب الحرب وبعضها الآخر تركها أصحابها إثر هجرتهم من لبنان أو وفاتهم ولا يوجد ورثة يهتمون بها. لدي مجموعة كبيرة من هذه الصور ولكنّي آثرت المشاركة في (بيروت آرت ويك) من خلال 5 صور فوتوغرافية فقط».
بعض تلك المنازل دخلها مهنا عنوة ومن دون أخذ إذنٍ من أصحابها لأنّهم ماتوا أو لأنّ بعضهم هجروها ولم يعودوا. فيما زيارته للبعض الآخر منها تطلّبت إذنا مسبقا. «لا أركن في أعمالي المصورة إلى أي عنصر تقني، بل أكتفي بتحريك كاميرتي على وقع نسمات الهواء الذي يساعدني بشكل أفضل على إبراز المشهدية الجمالية الطبيعية للمكان».
وعن أهمية الضّوء المستخدم في هذه الصور الذي يزودها بخلفية فنية لافتة يقول في سياق حديثه: «في هذا الإطار ألجأ إلى إنارة طبيعية أيضا من أشعة الشمس أو ضوء القمر لأنقلها بكاميرتي كما أشاهدها بأم العين. فلا أجري عليها أي عملية (فوتوشوب) كي تبدو حقيقية».
منذ 8 سنوات بدأ مشوار مهنا مع هواية التصوير، التي تعلّمها بفضل موهبته فقط، بعيداً عن أي دروس تتعلق بها. ولطالما لفتته البيوت التراثية فانكب على تصوير المهجورة منها، مستخدماً مخيلته الواسعة لتبدو فارغة من أي روح وكأنّ الأشباح وحدها تستقر فيها. وفي مجموعة الصور الخمس التي يقدمها في معرضه (الشبح)، يلحظ مشاهدها تناغم حركة الكاميرا مع الهواء الطبيعي. وتبدو هذه التقنية بارزة بعدما استعمل مهنا شلحات من الأقمشة تحلّق في فضاء البيت الذي يُصوّره، فيأخذ ناظرها إلى أجواء البيوت المسكونة بالأشباح وكأنّها تتنقل في أرجائها. ويركز في الوقت عينه على تفاصيل العمارة التراثية المتجلية في أسقف المنزل المثقوبة، والمطرّز بعضها برسوم الجص الملوّن أو المطعم بخيوط ذهبية. كما يبرز فيها من زاوية أخرى حيطان البيت المدمّرة بفعل القذائف والشظايا التي أصابتها أثناء الحرب. فيما تقف قناطرها شامخة بهندستها المتألّقة لتضفي على المشهدية أناقة تراث قديم.
يختم طوني مهنا حديثه لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «كما تلاحظين في مجموعتي الفوتوغرافية اختلافاً بأنواع الهندسة التي التقطتها كاميرتي. فمنها ما يشير إلى تلك المستخدمة في منطقة جبل لبنان، وفي منازل مسيحيين وآخرين دروز. فلكل منهم أسلوبه المتبّع في هندسة منزله. فيما تلك التابعة إلى مدينة طرابلس وبالتحديد في حمّاماتها الأثرية نلاحظ طابع العمارة العثمانية يخيّم عليها».



موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
TT

موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)

تأتي موسوعة الفنان سعيد العدوي (1938-1973) لترصد مسيرة مؤسس جماعة التجريبيين المصريين وأحد أبرز فناني الحفر والجرافيك في النصف الثاني من القرن العشرين.

وتتضمن الموسوعة، حسب قول المشرف عليها والباحث في شؤون الحركة الفنية المصرية الدكتور حسام رشوان، المئات من أعمال العدوي ويومياته ومذكراته واسكتشاته، مدعومة بعدد كبير من الدراسات التي تم إعداد بعضها خصوصاً من أجل هذه الموسوعة، ومعها دراسات أخرى نشرها أصحابها في صحف ومجلات ومطبوعات خاصة بالفن في مصر والوطن العربي.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن مقدمة الدكتورة أمل نصر تتناول جميع المقالات، والزاوية التي نظر منها الناقد لأعمال العدوي موضع الدراسة، كما تقوم بقراءتها وتحليلها وبسط عناصرها أمام الباحثين ومحبي فنه».

موسوعة العدوي تضمنت اسكتشاته ورسوماته (الشرق الأوسط)

وتأتي موسوعة العدوي التي نشرتها مؤسسة «إيه آر جروب» التي يديرها الفنان أشرف رضا، في صورة مونوغراف جامع لكل أعماله، التي تعبق برائحة الماضي، وعالم الموشحات، وحلقات الذكر والمشعوذين، وعربات الكارو والحنطور، وتجمعات الموالد والأسواق والأضرحة، فضلاً عن لوحة «الجنازة» بعد رحيل عبد الناصر. وجمعت الموسوعة كل كراساته واسكتشاته بالكامل، ومذكراته الخاصة التي كتبها وتعتبر دراسات نفسية قام بكتابتها، وقد ساعدت هذه المذكرات النقاد والباحثين في فن العدوي على تناول أعماله بصورة مختلفة عن سابقيهم الذين تصدوا لفنه قبل ظهورها، وفق رشوان.

ولأعمال العدوي طابع خاص من الحروفيات والزخارف والرموز ابتكرها في إبداعاته وهي تخصه وحده، وتخرّج العدوي ضمن الدفعة الأولى في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عام 1962، وأسس مع زميليه محمود عبد الله ومصطفى عبد المعطي جماعة التجريبيين. وتأتي الموسوعة باللغة العربية في قطع كبير بالألوان، تزيد على 600 صفحة، من تصميم وتجهيز وإنتاج طباعي «إيه آر جروب» للتصميم والطباعة والنشر.

الموسوعة ضمت العديد من الأعمال الفنية ودراسات عنها (الشرق الأوسط)

وتتضمن الموسوعة، وفق رشوان، دراستين جديدتين للدكتور مصطفى عيسى، ودراسة لكل من الدكتورة ريم حسن، وريم الرفاعي، والدكتورة أمل نصر، ودراسة للدكتورة ماري تيريز عبد المسيح باللغة الإنجليزية، وجميعها تم إعدادها خصوصاً للموسوعة، وهناك دراسات كانت موجودة بالفعل للدكتور أحمد مصطفى، وكان قد جهّزها للموسوعة لكن عندما أصدرت مجلة فنون عدداً خاصاً عن فن العدوي قام بنشرها ضمن الملف، وإلى جانب ذلك هناك بحث عن أعمال العدوي للراحلين الدكتور شاكر عبد الحميد والفنان عز الدين نجيب وأحمد فؤاد سليم ومعهم عدد كبير من النقاد والفنانين الذي اهتموا برائد التجريبيين المصري وأعماله.

والتحق سعيد العدوي بمدرسة الفنون بالإسكندرية سنة 1957، وقبلها بعام كان في كلية الفنون بالزمالك، وقضى خمس سنوات لدراسة الفن في عروس البحر المتوسط، أما الأعمال التي تتضمنها الموسوعة وتوثق لها فتغطي حتى عام 1973؛ تاريخ وفاته. وهناك عدد من رسوم الكاريكاتير كان قد رسمها وقت عمله بالصحافة، وهذه الأعمال اهتمت بها الموسوعة ولم تتجاهلها لأنها تكشف عن قدرات كبيرة للعدوي وسعيه للدخول في مجالات عديدة من الفنون التشكيلية، وفق كلام رشوان.

من أعمال العدوي (الشرق الأوسط)

ولفت إلى أن «تراث العدوي بكامله بات متاحاً من خلال الموسوعة للباحثين في فنه والمهتمين بأعماله وتاريخ الفن التشكيلي المصري، وقد توفر لدى كتّاب الموسوعة عدد مهول بالمئات من اللوحات الكراسات والاسكتشات، فأي ورقة كان يرسم عليها اعتبرناها وثيقة وعملاً فنياً تساعد في الكشف عن رؤية العدوي التشكيلية وعالمه الخَلَّاق».

ولا تعتمد الموسوعة فكرة التسلسل الزمني، لكنها توثق عبر المقالات كل الأعمال التي تناولتها، من هنا بنى رشوان رؤيته وهو يرسم الخطوط الرئيسية لفن العدوي على الدراسات البانورامية التي تشتغل بحرية كاملة على الأعمال دون التقيد بتاريخها.

وسبق أن أصدر الدكتور حسام رشوان، بالاشتراك مع الباحثة والناقدة الفرنسية فاليري هيس، موسوعة فنية عن رائد التصوير المصري محمود سعيد عن دار «سكيرا» الإيطالية عام 2017 بمناسبة مرور 120 عاماً على ميلاد محمود سعيد، وتضمنت الموسوعة في جزئها الأول أكثر من 500 لوحة و11 مقالاً ودراسة نقدية.