موسكو تحمّل واشنطن مسؤولية «الفيتو» الروسي في مجلس الأمن

اتهمت وزارة الخارجية الروسية أمس، واشنطن، بممارسة ضغوط على أعضاء مجلس الأمن لـ«إحباط مناقشات بناءة حول مشروع القرار الهادف لوقف النار في إدلب».
وبررت الناطقة باسم الوزارة ماريا زاخاروفا استخدام موسكو حق النقض (فيتو) لتعطيل قرار اقترحته بلجيكا والكويت وألمانيا بأن أعضاء المجلس «رضخوا لضغوط أميركية ما قوض فرص فتح قناة حوار بناءة حول المشروع المقدم».
وكانت موسكو استخدمت حق النقض للمرة الـ13 منذ اندلاع الأزمة السورية، لعرقلة صدور قرار يعلن وقفاً فورياً لإطلاق النار في إدلب. وصوتت الصين إلى جانب روسيا، فيما وافقت 12 دولة على المشروع، في مقابل امتناع دولة واحدة.
وقالت زاخاروفا في إيجاز صحافي أمس، إن الولايات المتحدة «مارست ضغوطاً على أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لإيقاف مناقشة المشروع».
وزادت أنه «أثناء العمل على المشروع، اقترح الوفد الروسي تعديلات بناءة، كانت تهدف إلى ضمان ألا ينسحب وقف إطلاق النار على مواجهة النشاطات الإرهابية. وتم تجاهل هذه التعديلات، ولم يرغب واضعو المشروع في مواصلة العمل للتوصل إلى صياغة تتوافق عليها الآراء». وأضافت الدبلوماسية الروسية أن لدى موسكو «معطيات تدل على أن ممثلي الولايات المتحدة مارسوا ضغوطاً على أعضاء مجلس الأمن الدولي لضمان توقف عملية التوافق على قرار ولمنع الدخول في قناة بناءة للنقاش».
ورأت أن مشروع القرار الذي اقترحته ما وصفتها بأنها «الترويكا الإنسانية» كان يعني لو تمت الموافقة عليه «الانكفاء أمام الهجمات الإرهابية وتجاهل الجهود المبذولة في إطار مجموعة آستانة». وزادت أن النقاشات جرت «بطريقة استفزازية، وكانت هناك محاولة لحماية المنظمات الإرهابية التي تعمل في إدلب، والتي تتغذى بسخاء شديد من الخارج. وفي الواقع، لا علاقة لذلك بحماية السكان المدنيين، الذين يعانون من هيمنة الإرهابيين».
وانتقدت البلدان التي طرحت المشروع، مشيرة إلى أنها «لم تتوقف أمام حقيقة أن عدداً من هذه المنظمات (في إدلب) تم تصنيفها على أنها إرهابية بقرار من مجلس الأمن الدولي نفسه. وعلاوة على ذلك، دعا مجلس الأمن إلى محاربتها سابقاً». كما أشارت إلى أن «مبادرة بلجيكا وألمانيا والكويت كشفت استخدام الجوانب الإنسانية لأغراض سياسية، ولتعزيز الخطوط الفاصلة في سوريا، وحماية المتطرفين من الهزيمة الكاملة».
ولفتت زاخاروفا إلى عنصر آخر، دفع موسكو إلى استخدام حق النقض لمواجهة المشروع المقترح، مشيراً إلى أن الصياغة المقدمة «وضعت الأساس لتوجيه اتهامات لا مبرر لها ضد السلطات السورية والجيش الروسي بانتهاك للقانون الإنساني الدولي، ولوحت باتخاذ مزيد من التدابير في حال انتهاك وقف إطلاق النار، أي أن المشروع نص بوضوح على حرمان دمشق وموسكو من فرصة الرد على الهجمات المتزايدة للإرهابيين».
في السياق، كشفت زاخاروفا عن ترتيبات لعقد لقاءات لوزير الخارجية سيرغي لافروف، مع وزراء خارجية كل من سوريا والصين واليابان خلال عمل الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الأسبوع المقبل. وزادت أن لافروف ينوي إلقاء خطاب أمام الجمعية العامة في 27 سبتمبر (أيلول). ولمحت إلى احتمال إجراء لقاء يجمع لافروف ونظيره الأميركي مايك بومبيو، على هامش أعمال الجمعية العامة.
على صعيد آخر، أطلق رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما (البرلمان) الروسي، ليونيد سلوتسكي، مبادرة لإنشاء فريق عمل برلماني ثلاثي يضم روسيا ومصر وسوريا لإعادة الأخيرة إلى «الأسرة العربية».
وقال سلوتسكي، خلال اجتماع أول من أمس، مع وفد برلماني مصري برئاسة رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، كريم درويش: «لدي فكرة ربما غير عادية. يمكننا التفكير في تشكيل فريق عمل ثلاثي الأطراف مع البرلمان السوري».
وشدد البرلماني الروسي على أن مصر شريك استراتيجي لروسيا، وزاد: «نحن بحاجة إلى إعادة سوريا إلى الأسرة العربية».
واقترح سلوتسكي عقد اجتماع للجان الحكومية المشتركة التابعة لمجلسي الدوما الروسي والنواب المصري في موسكو أو القاهرة عقب القمة الروسية - الأفريقية، التي ستنعقد يومي 23 و24 أكتوبر (تشرين الأول) في مدينة سوتشي برئاسة الرئيسين؛ الروسي فلاديمير بوتين، والمصري عبد الفتاح السيسي.
وأبلغت مصادر في مجلس الدوما «الشرق الأوسط» أن الاقتراح الذي قدمه سلوتسكي «ما زال في طور البلورة». وأوضحت أن «هذه مجرد فكرة للنقاش، ويمكن أن يتم إنضاجها والعمل عليها».
وكانت موسكو نشطت جهودها في اتجاه دعوة البلدان العربية لاتخاذ خطوات نحو استئناف عضوية سوريا في أعمال واجتماعات المجالس التابعة لجامعة الدول العربية، وبالدرجة الأولى نحو وقف تعليق عضوية دمشق في أعمال القمم العربية. وطرح لافروف هذا الملف بشكل رسمي خلال أعمال المنتدى الوزاري العربي - الروسي الذي عقد في موسكو في أبريل (نيسان) الماضي، كما كان حاضراً على جدول أعمال كل الزيارات واللقاءات التي أجراها الوزير الروسي مع الوفود العربية.