روسيا وأوكرانيا تبحثان صيغة جديدة لضمان إمدادات الغاز الروسي لأوروبا

كييف تخشى بدء {غاز بروم} الضخ عبر شبكات أنابيب بديلة

وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك أثناء وجوده في بروكسل أول من أمس للتباحث حول مصير ترانزيت الغاز الروسي (إ.ب.أ)
وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك أثناء وجوده في بروكسل أول من أمس للتباحث حول مصير ترانزيت الغاز الروسي (إ.ب.أ)
TT

روسيا وأوكرانيا تبحثان صيغة جديدة لضمان إمدادات الغاز الروسي لأوروبا

وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك أثناء وجوده في بروكسل أول من أمس للتباحث حول مصير ترانزيت الغاز الروسي (إ.ب.أ)
وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك أثناء وجوده في بروكسل أول من أمس للتباحث حول مصير ترانزيت الغاز الروسي (إ.ب.أ)

رغم تأكيدهم أنها كانت إيجابية وبناءة، فإن المشاركين في المشاورات الثلاثية، الروسية والأوروبية والأوكرانية، حول مصير ترانزيت الغاز الروسي عبر الشبكة الأوكرانية منذ مطلع العام المقبل، لم يتوصلوا لاتفاق محدد بهذا الصدد. ويبدو أن المحادثات التي ستُستكمل نهاية أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، تتجه نحو التوافق على صيغة جديدة تتناسب مع قوانين الطاقة الأوروبية، وتنص على تشكيل مؤسسة مستقلة مسؤولة عن ترانزيت الغاز عبر أوكرانيا، تقوم بطرح قدراتها عبر مزادات، وتقوم «غاز بروم» بحجز تلك القدرات بالحجم الذي تحتاج إليه، وخلال الفترة الزمنية التي تحددها.
بيد أن احتمال عدم التوصل لاتفاق خلال المهلة المتاحة يبقى قائماً، وهذا ما عكسته تصريحات وزير الطاقة الأوكراني، الذي أكد في أعقاب المشاورات الاستعدادات لتلبية الاحتياجات المحلية من الخزانات الأوكرانية، بحال فشلت الأطراف في التوصل إلى اتفاق جديد.
وعقدت كل من روسيا وأوكرانيا والمفوضية الأوروبية مشاورات ثلاثية في بروكسل، ركزت بصورة خاصة على مصير اتفاقية ترانزيت الغاز الروسي عبر أوكرانيا، التي ينتهي العمل بها نهاية العام الحالي، وتوقيع اتفاقية جديدة للسنوات المقبلة. وشارك في تلك المشاورات وزيرا الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، والأوكراني أليكسي أوجيل، وماروش شيفتشوفيتش، نائب رئيس المفوضية الأوروبية لشؤون الطاقة، ومديرو «غاز بروم» و«نفتو غاز».
وجاءت الجولة الحالية من المشاورات قبل ثلاثة أشهر تقريباً على انتهاء العمل باتفاقية «الترانزيت» الروسية - الأوكرانية، المبرمة منذ عشر سنوات؛ إذ تخشى أوكرانيا، ويدعمها في موقفها الاتحاد الأوروبي، من تخلّي «غاز بروم» الروسية عن ضخ الغاز نحو السوق الأوروبية عبر الشبكة الأوكرانية، مع بدء العمل بشبكات أنابيب بديلة، وهي شبكة أنابيب «سيل الشمال - 2» التي تصل إلى روسيا مع ألمانيا عبر قعر البلطيق، فضلاً عن شبكة «السيل التركي» وهي من أنبوبين؛ واحد لتلبية احتياجات السوق التركية، والثاني للترانزيت باتجاه أوروبا. وتحاول روسيا جاهدة إنهاء أعمال مد الشبكتين وبدء الضخ عبرهما مع مطلع العام الحالي.
الإعلان عن دخول أعمال مد شبكة «سيل الشمال - 2»، جعل «غاز بروم» التي تنفذ ذلك المشروع، تبدو في موقف «مريح» عشية المشاورات، إلا أن الوضع تغير جذرياً، بعد أن أعلنت المحكمة الأوروبية العامة، منتصف الشهر الحالي، عن قراراها بإلزام الشركة الروسية تقليص كميات الغاز التي تضخها عبر واحد من أنبوبي شبكة «سيل الشمال» (توأم «سيل الشمال - 2»، وبدء الضخ عبرها منذ عام 2011). وأعاد ذلك القرار أهمية الشبكة الأوكرانية بالنسبة لشركة «غاز بروم»، التي يرى خبراء أنها باتت الآن بحاجة لضخ ما لا يقل عن 80 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً عبر أوكرانيا خلال عام 2020، إلا أن هذا الحجم قد يتراجع حتى 20 مليار متر مكعب بعد بدء الضخ عبر «سيل الشمال - 2».
ضمن هذه الظروف انطلقت المشاورات الثلاثية في بروكسل. وبرز خلالها تمسك أوكراني وأوروبي بتوقيع اتفاقية ترانزيت جديدة لمدة 10 سنوات. ورد الجانب الروسي باقتراح تمديد الاتفاقية الحالية لمدة عام إضافي. وفي نهاية المطاف تم الاتفاق على دراسة اقتراح بديل ينص على استمرار ضخ الغاز الروسي عبر الشبكة الأوكرانية، بعد انتهاء الاتفاقية الحالية، لكن وفق قواعد الحزمة الثالثة من قانون الطاقة الأوروبي، التي تنص بما في ذلك على الفصل بين عمليات الإنتاج و«الترانزيت» وبيع الغاز، أي أن تكون هناك شركة مستقلة لكل واحدة من هذه المهام، وهو ما يعني إصلاحات على شركة «نفتو غاز» الأوكرانية، لتقوم بتأسيس مؤسسة مستقلة بصفة «مُشَغل» لشبكة الأنابيب، يقوم هذا المشغل بطرح قدرة ضخ الشبكة عبر مزادات، وتقوم الشركة الروسية بشراء الحجم الذي تحتاج إليه من تلك القدرات. وقال ممثل المفوضية الأوروبية إن «أوروبا ستساعد أوكرانية في تطبيق هذه الخطوة، والحصول على شهادات الجودة الأوروبية للمشغل الجديد»، لافتاً إلى أن «غاز بروم» شددت على ضرورة أن تكون الشهادات عالية الجودة.
وعبّر شيفتشوفيتش عن ارتياحه لنتائج المشاورات، لافتاً إلى «تقارب في وجهات النظر حول القضايا التي جرى نقاشها»، وأشار بصورة خاصة إلى «استعداد الشركة الروسية الموافقة على شروط عصرية لنقل الغاز»، وقال إن «غاز بروم» لأول مرة لا تستبعد العمل مع أوكرانيا بموجب القواعد الأوروبية اعتباراً من مطلع عام 2020.
من جانبه، بعث وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك رسائل «طمأنة» للاتحاد الأوروبي بشأن صادرات الغاز الروسي، وقال: «أنا واثق أننا سنجد كل الحلول لمنع وقف في إمدادات الغاز اعتباراً من مطلع العام المقبل»، وأكد استعداد روسيا للعمل بموجب التشريعات الأوروبية الجديدة في مجال الغاز، وحجز قدرات الترانزيت عبر الشبكة الأوكرانية، وقال في ختام المشاورات: «بعد أشهر طويلة من المحادثات، سنبدأ التعامل مع مُشَغل جديدة لـ(شبكة الترانزيت)، وسيكون شريكاً جديداً لـ(غاز بروم) في بحث اتفاق الترانزيت». إلا أن أليكسي ميللر، مدير «غاز بروم» عاد واقترح «تمديد العقد الحالي لفترة قصيرة»، ووصف اقتراحه هذا «الخطة ب»، لافتاً إلى أنها الحل الوحيد إذا لم تتمكن «نفتو غاز» الأوكرانية من تنفيذ الإصلاحات وتأسيس مشغل مستقل للترانزيت قبل نهاية العام الحالي.
أما أوكرانيا، ومع تعبيرها عن ارتياحها لنتاج المشاورات في بروكسل، إلا أنها تستعد لمواجهة الموقف بحال فشلت مساعي الاتفاق مع روسيا. وقالت «نفتو غاز» الأوكرانية إن «غاز بروم» أظهرت نية للدخول في مفاوضات بنّاءة، وأبدت استعدادها للعمل بموجب القواعد الأوروبية للترانزيت.
من جانبه، وصف وزير الطاقة الأوكراني أليكسي أوجيل المحادثات بأنها «إيجابية»، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أنه «رغم ذلك، ربما لن نتمكن من التفاهم بشأن (اتفاقية الترانزيت)»، وشدد على أن بلاده لن تسمح «بميزة عدم توقيع اتفاقية» جديدة، معبراً عن قناعته بضرورة مضي الأطراف قدماً، والسعي لتقريب وجهات النظر. وحرصاً على توفير الغاز للمواطنين الأوكرانيين في فصل الشتاء، إذا فشلت المحادثات في التوصل إلى أي اتفاق يضمن استمرار تدفق الغاز الروسي عبر الشبكة الأوكرانية مطلع العام المقبل، قال أوجيل إنه «من الضروري أن تكون أوكرانيا مستعدة لتوفير الغاز لمواطنيها من الخزانات».



بكين توسع خطة «المقايضة الاستهلاكية» لإحياء النمو الاقتصادي

بائع يجلس أمام متجره في جزيرة هونغ كونغ بانتظار الزبائن (أ.ف.ب)
بائع يجلس أمام متجره في جزيرة هونغ كونغ بانتظار الزبائن (أ.ف.ب)
TT

بكين توسع خطة «المقايضة الاستهلاكية» لإحياء النمو الاقتصادي

بائع يجلس أمام متجره في جزيرة هونغ كونغ بانتظار الزبائن (أ.ف.ب)
بائع يجلس أمام متجره في جزيرة هونغ كونغ بانتظار الزبائن (أ.ف.ب)

أضافت الصين المزيد من الأجهزة المنزلية إلى قائمة المنتجات التي يمكن استخدامها في خطة «المقايضة الاستهلاكية»، وستقدم إعانات إضافية للسلع الرقمية هذا العام، في محاولة لإحياء الطلب في قطاع الأسر الراكد.

وستشمل خطة المقايضة للأجهزة المنزلية أفران الميكروويف وأجهزة تنقية المياه وغسالات الأطباق وأواني الطهي هذا العام، وفقاً لوثيقة صادرة عن أعلى هيئة تخطيط للدولة ووزارة المالية يوم الأربعاء. ويمكن أن تحصل الهواتف الجوالة وأجهزة الكمبيوتر اللوحية والساعات الذكية والأساور التي تقل قيمتها عن 6000 يوان على إعانات بنسبة 15 في المائة.

ولم يحدد البيان التكلفة الإجمالية للحوافز، لكن مسؤولاً بوزارة المالية قال في مؤتمر صحافي يوم الأربعاء إن الحكومة خصصت حتى الآن 81 مليار يوان (11.05 مليار دولار) لتبادل السلع الاستهلاكية لدعم الاستهلاك في عام 2025.

وتشكل التدابير الجديدة جزءاً من خطة أوسع لتحفيز النمو في ثاني أكبر اقتصاد في العالم في عام 2025، حيث أدت أزمة العقارات الشديدة إلى تآكل ثروة المستهلكين والإضرار بإنفاق الأسر. وكان قطاع المستهلكين المتعثر في الصين نقطة ألم خاصة للاقتصاد مع مطالبة المحللين ومستشاري السياسات باتخاذ تدابير عاجلة لتحفيز الأسر على الإنفاق مرة أخرى.

وقال شو تيان تشن، كبير الاقتصاديين في وحدة «إيكونوميك إنتليجينس»: «نتوقع أن يتضاعف إجمالي الدعم إلى 300 مليار يوان في عام 2025. وهذا يمثل إلى حد ما تحولاً سياسياً نحو المزيد من الاستهلاك». وأضاف أن الإعانات الأكثر محدودية للهواتف والأجهزة اللوحية، بأقل من 500 يوان لكل عنصر، تشير إلى أن بكين لا تنوي دعم الأغنياء للإنفاق الباهظ.

وفي العام الماضي، خصصت الصين نحو 150 مليار يوان من إصدار سندات الخزانة الخاصة بقيمة تريليون يوان لدعم استبدال الأجهزة القديمة والسيارات والدراجات وغيرها من السلع. وقال المسؤولون إن الحملة «حققت تأثيرات إيجابية».

وقال لي غانغ، المسؤول بوزارة التجارة، في نفس المؤتمر الصحافي، إن الحملة أسفرت عن مبيعات سيارات بقيمة 920 مليار يوان ومبيعات أجهزة منزلية بقيمة 240 مليار يوان في عام 2024.

ومع ذلك، لم يجد المستثمرون الكثير من الطموح في إعلانات يوم الأربعاء، حيث انخفض مؤشر أسهم الإلكترونيات الاستهلاكية في الصين بنسبة 3.2 في المائة بحلول استراحة منتصف النهار.

وقال مسؤول في هيئة تخطيط الدولة الأسبوع الماضي، إن الصين ستزيد بشكل حاد التمويل من سندات الخزانة طويلة الأجل في عام 2025 لتحفيز ترقيات المعدات ونظام مقايضة السلع الاستهلاكية. وفي العام الماضي، خصصت الصين ما مجموعه 300 مليار يوان لهذه المبادرات.

وقال تشاو تشين شين، نائب رئيس اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح - الجهة المسؤولة عن التخطيط الحكومي - يوم الأربعاء، إن أرقام التمويل للخطط ستصدر خلال الاجتماع البرلماني السنوي في مارس (آذار) المقبل.

وتعهد كبار القادة الصينيين بتعزيز الاستهلاك «بقوة» وتوسيع الطلب المحلي «في جميع الاتجاهات» هذا العام. وذكرت «رويترز» الأسبوع الماضي أن ملايين العاملين الحكوميين في جميع أنحاء الصين حصلوا على زيادات في الأجور، كجزء من الجهود الرامية إلى تعزيز الاستهلاك.

وقال لين سونغ، كبير خبراء اقتصاد الصين في «آي إن جي»: «نتوقع أن تساعد السياسة الأكثر دعماً في انتعاش نمو مبيعات التجزئة في عام 2025 مقارنة بعام 2024. وسيعتمد تعافي استهلاك الأسر على استقرار أسعار الأصول، بالإضافة إلى تحسن الثقة في آفاق التوظيف».

ووفقاً لوثيقة السياسة، ستزيد الصين أيضاً الأموال من إصدار سندات الخزانة الخاصة طويلة الأجل لدعم ترقيات المعدات في المجالات الرئيسة. وستشمل الحملة الآن المعدات المستخدمة في قطاعي تكنولوجيا المعلومات والزراعة، مع التركيز على المعدات المتطورة والذكية والخضراء.

وعلى أساس دعم بنسبة 1.5 نقطة مئوية على أسعار الفائدة على قروض ترقية المعدات التي يتم الحصول عليها من البنوك، قالت اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح إنها سترتب أيضاً أموالاً من سندات الخزانة لخفض تكاليف تمويل الشركات بشكل أكبر.

ورتب البنك المركزي مرفق إعادة الإقراض المنخفض التكلفة بقيمة 400 مليار يوان لدعم ترقيات المعدات. وقال سونغ إن الوثيقة تشير إلى أن القطاعات الصناعية عالية التقنية بالإضافة إلى تصنيع معدات النقل من المرجح أن تستفيد، مما يساعد هذه القطاعات على البناء على الزخم القوي في العام الماضي.