40 لوحة من المدرسة الواقعية لدى جمهور القاهرة

معرض جماعي يهدف للتعريف بالفن التشكيلي وجمالياته

عمل للفنانة باتريشيا ناهيد  -  عمل للفنانة سميحة سمير
عمل للفنانة باتريشيا ناهيد - عمل للفنانة سميحة سمير
TT

40 لوحة من المدرسة الواقعية لدى جمهور القاهرة

عمل للفنانة باتريشيا ناهيد  -  عمل للفنانة سميحة سمير
عمل للفنانة باتريشيا ناهيد - عمل للفنانة سميحة سمير

تعد لوحة «الجناز» من أشهر أعمال رائد المدرسة الفنية الواقعية الفنان جوستاف كوربيه (1819 - 1877م)، إذ تعكس بواقعية جنازة لشخص وفيها صورة لكلب المتوفى، كأنه يشعر بالحزن، وقد وقف مع المشيعين كأنه يشيع صاحبه.
تحاول المدرسة الواقعية نقل كل ما تراه الأعين من الواقع طبق الأصل، سواء للأشخاص أو الشوارع أو الطبيعة أو غير ذلك، تماماً كما ترصد عدسة الكاميرا الواقع، إذ يعتقد أصحاب هذه المدرسة بضرورة معالجة الواقع، وتسليط الأضواء على جوانب مهمة يريد الفنان إيصالها إلى الجمهور بأسلوب يتجرد فيه عن ذاته، مُظهراً الجمال الحقيقي.
في القاهرة، يسلط معرض «الواقعية»، الذي ينظمه غاليري «لمسات»، الأضواء على مختلف الخبرات والأساليب التي تعبر عن أهم ملامح المدرسة الواقعية، مقدماً عبر 40 فناناً موضوعات من واقع الحياة اليومية، ويخلق عبر 40 لوحة وسيلة اتصال بالمتلقين بكل طبقاتهم وفئاتهم ومستوياتهم.
تقول مديرة الغاليري، الدكتورة نيرمين شمس، لـ«الشرق الأوسط»: «يعد المعرض بمثابة ملحمة واقعية لإثراء الفن التشكيلي، فهو معرض فني متخصص يعرض الأعمال الفنية النابعة من المدرسة الواقعية بمختلف المعاني والإبداعات لفنانين من مختلف الأعمار من مصر، بالإضافة إلى مشاركة من العراق، حيث تعددت أعمالهم التشكيلية، بهدف تعريف الجمهور بالفن التشكيلي الواقعي، مستخدمين في ذلك الألوان الزيتية والمائية والأكريلك والرصاص، إلى جانب الصور الفوتوغرافية».
وتلفت شمس إلى أن هدف المعرض يأتي متوافقاً مع ما يتبناه غاليري «لمسات» من نشر الوعي بأهمية الفنون، وتحديداً الفن التشكيلي، وتنمية الذائقة الجمالية لدى المتلقي على اختلاف توجهاتهم بسلاسة وبساطة دون تعقيد قد لا يفهمه البعض.
بهذا المعرض اختارت الفنانة الشابة أمنية خالد (17 سنة) أن تعبر بواقعية عن البيئة والطبيعة، فتقول: «اشتركت في هذا المعرض لأني أميل إلى المدرسة الواقعية بطبعي، محاوِلة أن أنقل ملمحاً من الطبيعة إلى المتلقي، فمن مبادئ الواقعية أن ذاتية الفنان يجب ألا تطغى على الموضوع الذي يرسمه، عكس المدرسة الرومانسية التي ترى خلاف ذلك، فالواقعية أقرب لي، لذا أحاول الاجتهاد في أعمال فنية تحاكي الطبيعة بالتركيز على عنصر اللون، بما يجعلها تلمس إحساس المتلقي عندما يراها».
التجول بين أعمال المعرض يُنمّي الذائقة الجمالية في نفس المتلقي، حيث جمال الفكرة والمعنى والأسلوب واللون... فلوحة الفنانة باتريشيا ناهيد، التي تعد جزءاً من مشروع تخرجها من كلية الفنون الجميلة، تدور حول المرأة وعالمها، وكيف أنها تحمل رسالة وتضيء الحياة لمن حولها بوجودها وثقافتها. اعتمدت اللوحة على القلم الرصاص بمختلف درجاته «مع التركيز على لمعة العين، التي يمكن أن يراها المتلقي لمعة حزن أو لمعة فرح، لكن أياً كانت الرؤية، فلا شيء يمكن أن يخفي هذه اللمعة».
وتثمن الفنانة العشرينية فكرة المعرض، لافتة إلى أن المدرسة الواقعية أقرب للتعبير عن أفكارها الفنية، كما أنها الأفضل للجمهور لتلقي الفن التشكيلي وتوعيتهم فنياً.
عبر التصوير الزيتي، اختار الفنان عمرو مكاوي زاوية أخرى من الأسلوب الواقعي، فهو يربط بين أكثر من مضمون بما يصب في فكرة طبيعة الإنسان بعد الموت، يقول: «أعبر عن الواقعية بوجهة نظر مختلفة، فهي ليست فقط تكنيكاً فنياً أو رسم تفاصيل، بل هي مدرسة أعبر من خلالها عن الحياة التي أعيشها وما بداخلها من مشاعر، وكيف أوصل تعبيراً ما أو حالة إنسانية إلى المتلقي، وما أحاول نقله في لوحتي هو كيف يعيش الإنسان بعد الموت، من خلال عدة بورتوريهات في حالات مختلفة، وهو ما استغرق مني وقتاً طويلاً، وذلك حتى يستطيع المشاهد أن يقف أمام اللوحة ويشعر بها ويفهم تفاصيلها».



رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم
TT

رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم، الذي رحل، الأحد، بعد رحلة طويلة في هذه الحياة تجاوزت تسعة عقود، كان أبرزها توليه منصب أمين مدينة الرياض في بدايات سنوات الطفرة وحركة الإعمار التي شهدتها معظم المناطق السعودية، وسبقتها أعمال ومناصب أخرى لا تعتمد على الشهادات التي يحملها، بل تعتمد على قدرات ومهنية خاصة تؤهله لإدارة وإنجاز المهام الموكلة إليه.

ولد الراحل النعيم في مدينة عنيزة بمنطقة القصيم وسط السعودية عام 1930، والتحق بالكتاتيب وحلقات التعلم في المساجد قبل إقرار المدارس النظامية، وأظهر نبوغاً مبكراً في صغره، حيث تتداول قصة عن تفوقه، عندما أجرى معلمه العالم عبد الرحمن السعدي في مدرسته بأحد مساجد عنيزة مسابقة لحفظ نص لغوي أو فقهي، وخصص المعلم جائزة بمبلغ 100 ريال لمن يستطيع ذلك، وتمكن النعيم من بين الطلاب من فعل ذلك وحصل على المبلغ، وهو رقم كبير في وقته يعادل أجر عامل لمدة أشهر.

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم

توجه الشاب النعيم إلى مكة بوصفها محطة أولى بعد خروجه من عنيزة طلباً للرزق وتحسين الحال، لكنه لم يجد عملاً، فآثر الذهاب إلى المنطقة الشرقية من بلاده حيث تتواجد شركة «أرامكو» ومشاريعها الكبرى، وتوفّر فرص العمل برواتب مجزية، لكنه لم يذهب للشركة العملاقة مباشرة، والتمس عملاً في إحدى محطات الوقود، إلى أن وجد عملاً في مشروع خط التابلاين التابع لشركة «أرامكو» بمرتب مجز، وظل يعمل لمدة ثلاث سنوات ليعود إلى مسقط رأسه عنيزة ويعمل معلماً في إحدى مدارسها، ثم مراقباً في المعهد العلمي بها، وينتقل إلى جدة ليعمل وكيلاً للثانوية النموذجية فيها، وبعدها صدر قرار بتعيينه مديراً لمعهد المعلمين بالرياض، ثم مديراً للتعليم بنجد، وحدث كل ذلك وهو لا يحمل أي شهادة حتى الابتدائية، لكن ذلك اعتمد على قدراته ومهاراته الإدارية وثقافته العامة وقراءاته وكتاباته الصحافية.

الراحل عبد الله العلي النعيم عمل مديراً لمعهد المعلمين في الرياض

بعد هذه المحطات درس النعيم في المعهد العلمي السعودي، ثم في جامعة الملك سعود، وتخرج فيها، وتم تعيينه أميناً عاماً مساعداً بها، حيث أراد مواصلة دراسته في الخارج، لكن انتظرته مهام في الداخل.

وتعد محطته العملية في شركة الغاز والتصنيع الأهلية، المسؤولة عن تأمين الغاز للسكان في بلاده، إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم، بعد أن صدر قرار من مجلس الوزراء بإسناد مهمة إدارة الشركة إليه عام 1947، إبان أزمة الغاز الشهيرة؛ نظراً لضعف أداء الشركة، وتمكن الراحل من إجراء حلول عاجلة لحل هذه الأزمة، بمخاطبة وزارة الدفاع لتخصيص سيارة الجيش لشحن أسطوانات الغاز من مصدرها في المنطقة الشرقية، إلى فروع الشركة في مختلف أنحاء السعودية، وإيصالها للمستهلكين، إلى أن تم إجراء تنظيمات على بنية الشركة وأعمالها.

شركة الغاز والتصنيع الأهلية تعد إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض، وأقر مشاريع في هذا الخصوص، منها إنشاء 10 بلديات في أحياء متفرقة من الرياض، لتسهيل حصول الناس على تراخيص البناء والمحلات التجارية والخدمات البلدية. ويحسب للراحل إقراره المكتب التنسيقي المتعلق بمشروعات الكهرباء والمياه والهاتف لخدمة المنازل والمنشآت وإيصالها إليها، كما طرح أفكاراً لإنشاء طرق سريعة في أطراف وداخل العاصمة، تولت تنفيذها وزارة المواصلات آنذاك (النقل حالياً)، كما شارك في طرح مراكز اجتماعية في العاصمة، كان أبرزها مركز الملك سلمان الاجتماعي.

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض