توقيفات جديدة لرموز «الحراك» في الجزائر قبل الانتخابات

قتيلان في صدامات بين محتجين وقوات الأمن غرب البلاد

مظاهرات في الجزائر بعد قرار إجراء الانتخابات في ديسمبر المقبل (رويترز)
مظاهرات في الجزائر بعد قرار إجراء الانتخابات في ديسمبر المقبل (رويترز)
TT

توقيفات جديدة لرموز «الحراك» في الجزائر قبل الانتخابات

مظاهرات في الجزائر بعد قرار إجراء الانتخابات في ديسمبر المقبل (رويترز)
مظاهرات في الجزائر بعد قرار إجراء الانتخابات في ديسمبر المقبل (رويترز)

تشهد الجزائر تواصلاً لحملة التوقيفات وسط رموز ونشاط الحراك الشعبي المطالب بالتغيير الشامل، وذلك قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
فقد أمرت محكمة في العاصمة، أمس، بإيداع فضيل بومالة، أحد أبرز وجوه الحراك، رهن التوقيف الاحتياطي لاتهامه بـ«المساس بالوحدة الوطنية»، وفق أحد محاميه. وأوقف بومالة، وهو إعلامي سابق في التلفزيون الجزائري الوطني، من أمام منزله في ضاحية العاصمة مساء أول من أمس، وفق ما كتب المحامي عبد الغني بادي على صفحته في «فيسبوك».
وأودع بومالة الاحتجاز الاحتياطي بعدما استمع إليه قاضي التحقيق لدى المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء في شرق العاصمة. ويعدّ بومالة ثالث شخصية بارزة ضمن الحراك الاحتجاجي التي تودع الاحتجاز الاحتياطي بعد المعارض كريم طابو في 12 سبتمبر (أيلول)، وسمير بلعربي الذي اتهم بـ«المس بالوحدة الوطنية».
وشارك هؤلاء في الحراك الاحتجاجي منذ انطلاقه في فبراير (شباط)، الذي أدى إلى استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في 2 أبريل (نيسان).
وفي الأسابيع الأخيرة، كانت الشرطة تكثّف التوقيفات قبل بدء مظاهرات أيام الجمعة. وبحسب منسق اللجنة الوطنية للإفراج عن الموقوفين، فإن 22 شخصاً أوقفوا الجمعة الماضي، وضعوا قيد الاحتجاز الاحتياطي الأحد. والأربعاء، صعّد الجيش الجزائري من لهجته بعد ثلاثة أيام من إعلان موعد انتخابات رئاسية يرفضها المحتجون، مشيراً إلى أنه سيمنع من الآن فصاعداً المتظاهرين الآتين من ولايات أخرى إلى العاصمة من الانضمام إلى الحشود التي تتجمع في وسطها.
وأعلن الرئيس الانتقالي للدولة عبد القادر بن صالح، يوم الأحد، أن انتخابات الرئاسة ستُجرى يوم 12 ديسمبر (كانون الأول) المقبل. ورفض المحتجون الخطوة، وقالوا إن الانتخابات لن تكون حرة أو نزيهة ما دامت السلطة في يد الحرس القديم.
وأمس، ألقى قائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح خطاباً جديداً، قال فيه إن «أغلبية الشعب الجزائري تريد التخلص في أسرع وقت من هذا الوضع، وتأمل في الإسراع بإجراء الانتخابات الرئاسية في الآجال المحددة». وأضاف صالح، في كلمة ألقاها خلال زيارة ميدانية: «أود التأكيد على تمسك الجيش وحرصه الدائم على القيام بواجبه حيال الوطن والشعب وفق المهام المخولة له دستورياً».
ودعا إلى المشاركة الواسعة في الانتخابات المقبلة، قائلاً: «سيعرف الشعب الجزائري يقيناً كيف يحسم رهان هذا الاستحقاق الوطني المهم من خلال المشاركة المكثفة للشرائح الشعبية كافة وأداء حقهم، بل واجبهم الوطني».
وكان الفريق قايد صالح، قد أعلن أول من أمس، أنه أمر قوات الأمن بوقف واحتجاز أي حافلات أو عربات تستخدم في نقل محتجين إلى العاصمة. ويعكس هذا الأمر إلى جانب الاعتقالات زيادة الضغوط على المحتجين بعد تكثيف وجود الشرطة أثناء المظاهرات.
من جهة أخرى، أمر المدعي العام لدى محكمة سيدي أمحمد في العاصمة الجزائرية بإيداع، محمد جميعي، الأمين العام لجبهة التحرير الوطني، الحزب الرئيسي الموالي للسلطة، الحبس المؤقت. ومثل جميعي، أمس، أمام المدعي العام الذي أمر بحبسه في سجن الحراس، ليلتحق بذلك بسلفه جمال ولد عباس المسجون منذ أسابيع عدة. ويواجه جميعي، حسب مصادر متطابقة، تهماً تتعلق بإخفاء ملف إجراءات قضائية والمشاركة في إتلاف مستندات رسمية، إلى جانب التهديد والسب.
في سياق متصل، قتل شخصان في صدامات وقعت الليلة قبل الماضية بين محتجين وقوات أمنية في منطقة غليزان الواقعة على بعد نحو 300 كيلومتر غرب الجزائر العاصمة، وفق ما ذكر بيان صادر عن النيابة أمس. واندلعت الصدامات إثر وفاة مراهق في حادث مرور مع سيارة للشرطة، وفق وكيل الجمهورية لدى محكمة وادي ارهيو القريبة من غليزان. وقام سكان غاضبون إثر ذلك بقطع طرقات بالحجارة وإشعال إطارات مطاطية. وأصيب شخصان إثر تدخل الشرطة؛ ما أدى إلى وفاتهما لاحقاً، وفق المصدر نفسه.
وأشار بيان وكيل الجمهورية إلى أن المراهق يبلغ من العمر 15 عاماً، وقتل إثر اصطدام سيارة تابعة للشرطة بدراجته النارية. وأدى هذا الحادث أيضاً إلى «إصابة من يرافقه بجروح بالغة»، ويبلغ من العمر 24 عاماً. ولفت أيضاً إلى أن المحتجين الذين «خرّبوا المرافق العمومية»، حاولوا «اقتحام مقر أمن» الدائرة بهدف «القبض على موظف الشرطة المتسبب بحادث المرور». من جهتها، أعلنت وزارة الداخلية، في بيان، إيفاد لجنة تحقيق من قبل المديرية العامة للأمن الوطني بغية التقصي «حول الظروف وملابسات الحادث إلى جانب تحديد المسؤوليات».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.