واشنطن تواصل تسليح حلفائها الأكراد... وتقلل من احتمالات الهجوم التركي

إردوغان يريد «منطقة آمنة» شرق الفرات تستوعب 3 ملايين لاجئ

TT

واشنطن تواصل تسليح حلفائها الأكراد... وتقلل من احتمالات الهجوم التركي

حرص قادة عسكريون أميركيون في تصريحات صحافية عبر مؤتمرات هاتفية على مدى يومين متتاليين، على محاولة طمأنة تركيا بعد اعتراضاتها المتكررة، وخصوصاً من رئيسها رجب طيب إردوغان حول تنفيذ التنسيق الأمني لإقامة المنطقة التي تدعوها أنقرة بالآمنة، في حين يحرص البنتاغون على تسميتها بالآلية الأمنية.
لكن اللافت أن أياً من القادة العسكريين لم ينف أن الولايات المتحدة تقوم وتواصل تسليح «قوات سوريا الديمقراطية» بالأسلحة اللازمة لإتمام مهمة القضاء على تنظيم «داعش» ومنع عودته إلى المناطق التي أخرج منها، رغم الاعتراضات التركية التي تتهم تلك القوات بأنها إرهابية.
هذا ما أكده العميد سكوت ناومان، مدير العمليات المشتركة مع تركيا، في المؤتمر الصحافي الذي أجراه مع اللواء كريستيان وورتمان، نائب مدير العمليات للقيادة الأوروبية - الأميركية من بروكسل. وناقش القائدان العسكريان وظيفة اللجنة المشتركة وكيف يقوم الفريق بتنفيذ الآلية الأمنية، وعمل «قوات سوريا الديمقراطية» والتنسيق معها للحفاظ على هزيمة «داعش».
وعرض ناومان ووورتمان تسلسل الخطوات التي تم تنفيذها بالتنسيق مع تركيا لتنفيذ الآلية الأمنية على طول الحدود التركية - السورية المشترك، بما يلبي حاجة ومخاوف تركيا الأمنية. وأشارا إلى أنه في أواخر شهر أغسطس (آب)، وافق الجيشان الأميركي والتركي على إطار يحدد آلية أمنية على طول الحدود لمنع عودة تنظيم «داعش» الإرهابي ومواصلة القتال ضده. كما أشارا إلى أن القوات الأميركية والتركية نفذت 5 طلعات جوية بطائرات مروحية وسيرت دورية برية في عدد من المناطق، وأن التنسيق جارٍ لتطوير تلك العمليات وفق الحاجات الميدانية.
وأكد وورتمان على التزام الولايات المتحدة بالمساعدة في ضمان سحب القوات الكردية، والتأكد من عدم حدوث فراغ أمني، عبر تشكيل قوات محلية ستكون جزءاً من قوة أمنية دائمة. وأضاف أنه مع اكتمال العمليات القتالية الرئيسية في سوريا والعراق، فإن العملية جارية لمواصلة بناء القدرات المحلية التي يمكنها التعامل مع التهديدات المستمرة من «داعش».
وفي مؤتمر صحافي في البنتاغون، تحدث فيه كريستوفر ماير، مدير مجموعة العمل لهزيمة «داعش»، أكد أن الولايات المتحدة مستمرة في إرسال أسلحة ومركبات عسكرية للمقاتلين في «قوات سوريا الديمقراطية»، التي يمثل الأكراد عمودها الفقري؛ وذلك ليواصلوا محاربة تنظيم «داعش»، على الرغم من إقامة منطقة آمنة في شمال سوريا مع تركيا. وقال ماير: «نحن مستمرون في توفير الأسلحة ومركبات مصممة خصيصاً لتلبية احتياجات (قوات سوريا الديمقراطية)، وبالأخص لمهمة القضاء على تنظيم (داعش)». وأضاف ماير «نحن شفافون للغاية بشأن ماهية تلك الإمدادات، ونقدم شهرياً إلى تركيا تقريراً عن تلك الأسلحة والمركبات».
وتأتي تصريحات قادة البنتاغون بعد تهديد الرئيس التركي بشن عملية للقضاء على ما يعتبره تهديداً تمثله وحدات حماية الشعب الكردية التي تعمل ضمن «قوات سوريا الديمقراطية». وحذر إردوغان مراراً من أن بلاده تعتزم شن عملية عسكرية في المناطق التي تسيطر عليها قسد المدعومة من واشنطن. وتطالب أنقرة بوقف دعم واشنطن للمقاتلين الأكراد، وتخشى من إقامتهم حكماً ذاتياً بالقرب من حدودها.
ماير شرح التقدم الذي أحرزته واشنطن وأنقرة حول إقامة المنطقة الأمنة التي فضل تسميتها بالآلية الأمنية. وقال إن الجانبين نفذا خمس طلعات جوية مشتركة بطائرات مروحية، كما جرت بينهما أول دورية برية مشتركة في 8 سبتمبر (أيلول) الحالي.
وقال ماير، إن التركيز في البداية تم على منطقة تمتد من تل أبيض إلى رأس العين على طول الحدود، وأن العمق لا يزال مرتبطاً بما الأنشطة الفعلية وتخطيط المهام التي نقوم بها خصوصاً أن الاستطلاع الجوي يستغرق وقتاً.
وأكد أنه تمت إزالة الكثير من التحصينات الكردية، كما جرى تبديل المقاتلين الأكراد بآخرين عرب، «رغم أنه لا يزال هناك أفراد من وحدات حماية الشعب الكردية في المنطقة». وشدد المسؤول الأميركي على أنه «لا ينبغي اعتبار إزالة التحصينات بالضرورة أمراً يجعل سكان شمال شرقي سوريا أقل أماناً»، مشيراً إلى أنه «بينما نحن نعمل مع تركيا فإننا مقتنعون بأن فكرة حصول توغل تركي في سوريا تراجعت بشكل كبير».
وشدد ماير على أن الولايات المتحدة ترفض أي عودة قسرية لأي لاجئ سوري، وذلك في رده على اقتراح أنقرة بإعادتهم إلى بلادهم. وقال: «لا يزال موقف الولايات المتحدة على حاله، هدفنا هو عودة اللاجئين بشكل آمن وطوعي وكريم وواضح».
وشدد على أن هذا الأمر لا يمكن أن يتحقق بمعزل عن دعم الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية وبالتعاون مع تركيا وشركائنا في سوريا.
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قال إن نحو 3 ملايين لاجئ سوري يمكن أن يعودوا إلى المنطقة الآمنة التي تسعى أنقرة إلى إقامتها في شمال سوريا. وأضاف أنه في حال نجاح ذلك واعتمادا على عمق المنطقة العازلة، سنتمكن من إيواء ما بين 2 و3 ملايين لاجئ يقيمون حاليا في تركيا وأوروبا في تلك المنطقة.
ولفت إردوغان إلى أنه يرغب في «ممر سلمي» يمتد عبر شمال سوريا وحتى دير الزور والرقة، وأن ذلك سيسمح لأكثر من ثلاثة ملايين لاجئ بالعودة، داعيا أوروبا إلى تقديم «المزيد من الدعم» لتحقيق هذه الخطة.
وتتمثل أولوية تركيا في كبح نفوذ وحدات حماية الشعب الكردية التي تقول بأنها ترتبط بحرب العمال الكردستاني (المحظور) على أراضيها.
وكرر إردوغان أول من أمس تهديده بشن هجمات ضد الأكراد في حال لم يبتعدوا عن الحدود التركية بنهاية شهر سبتمبر (أيلول) الجاري. وقال: «كما قلنا، إذا لم نشهد نتائج خلال الأسبوعين المقبلين، سنفعّل خطتنا».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».