حرص قادة عسكريون أميركيون في تصريحات صحافية عبر مؤتمرات هاتفية على مدى يومين متتاليين، على محاولة طمأنة تركيا بعد اعتراضاتها المتكررة، وخصوصاً من رئيسها رجب طيب إردوغان حول تنفيذ التنسيق الأمني لإقامة المنطقة التي تدعوها أنقرة بالآمنة، في حين يحرص البنتاغون على تسميتها بالآلية الأمنية.
لكن اللافت أن أياً من القادة العسكريين لم ينف أن الولايات المتحدة تقوم وتواصل تسليح «قوات سوريا الديمقراطية» بالأسلحة اللازمة لإتمام مهمة القضاء على تنظيم «داعش» ومنع عودته إلى المناطق التي أخرج منها، رغم الاعتراضات التركية التي تتهم تلك القوات بأنها إرهابية.
هذا ما أكده العميد سكوت ناومان، مدير العمليات المشتركة مع تركيا، في المؤتمر الصحافي الذي أجراه مع اللواء كريستيان وورتمان، نائب مدير العمليات للقيادة الأوروبية - الأميركية من بروكسل. وناقش القائدان العسكريان وظيفة اللجنة المشتركة وكيف يقوم الفريق بتنفيذ الآلية الأمنية، وعمل «قوات سوريا الديمقراطية» والتنسيق معها للحفاظ على هزيمة «داعش».
وعرض ناومان ووورتمان تسلسل الخطوات التي تم تنفيذها بالتنسيق مع تركيا لتنفيذ الآلية الأمنية على طول الحدود التركية - السورية المشترك، بما يلبي حاجة ومخاوف تركيا الأمنية. وأشارا إلى أنه في أواخر شهر أغسطس (آب)، وافق الجيشان الأميركي والتركي على إطار يحدد آلية أمنية على طول الحدود لمنع عودة تنظيم «داعش» الإرهابي ومواصلة القتال ضده. كما أشارا إلى أن القوات الأميركية والتركية نفذت 5 طلعات جوية بطائرات مروحية وسيرت دورية برية في عدد من المناطق، وأن التنسيق جارٍ لتطوير تلك العمليات وفق الحاجات الميدانية.
وأكد وورتمان على التزام الولايات المتحدة بالمساعدة في ضمان سحب القوات الكردية، والتأكد من عدم حدوث فراغ أمني، عبر تشكيل قوات محلية ستكون جزءاً من قوة أمنية دائمة. وأضاف أنه مع اكتمال العمليات القتالية الرئيسية في سوريا والعراق، فإن العملية جارية لمواصلة بناء القدرات المحلية التي يمكنها التعامل مع التهديدات المستمرة من «داعش».
وفي مؤتمر صحافي في البنتاغون، تحدث فيه كريستوفر ماير، مدير مجموعة العمل لهزيمة «داعش»، أكد أن الولايات المتحدة مستمرة في إرسال أسلحة ومركبات عسكرية للمقاتلين في «قوات سوريا الديمقراطية»، التي يمثل الأكراد عمودها الفقري؛ وذلك ليواصلوا محاربة تنظيم «داعش»، على الرغم من إقامة منطقة آمنة في شمال سوريا مع تركيا. وقال ماير: «نحن مستمرون في توفير الأسلحة ومركبات مصممة خصيصاً لتلبية احتياجات (قوات سوريا الديمقراطية)، وبالأخص لمهمة القضاء على تنظيم (داعش)». وأضاف ماير «نحن شفافون للغاية بشأن ماهية تلك الإمدادات، ونقدم شهرياً إلى تركيا تقريراً عن تلك الأسلحة والمركبات».
وتأتي تصريحات قادة البنتاغون بعد تهديد الرئيس التركي بشن عملية للقضاء على ما يعتبره تهديداً تمثله وحدات حماية الشعب الكردية التي تعمل ضمن «قوات سوريا الديمقراطية». وحذر إردوغان مراراً من أن بلاده تعتزم شن عملية عسكرية في المناطق التي تسيطر عليها قسد المدعومة من واشنطن. وتطالب أنقرة بوقف دعم واشنطن للمقاتلين الأكراد، وتخشى من إقامتهم حكماً ذاتياً بالقرب من حدودها.
ماير شرح التقدم الذي أحرزته واشنطن وأنقرة حول إقامة المنطقة الأمنة التي فضل تسميتها بالآلية الأمنية. وقال إن الجانبين نفذا خمس طلعات جوية مشتركة بطائرات مروحية، كما جرت بينهما أول دورية برية مشتركة في 8 سبتمبر (أيلول) الحالي.
وقال ماير، إن التركيز في البداية تم على منطقة تمتد من تل أبيض إلى رأس العين على طول الحدود، وأن العمق لا يزال مرتبطاً بما الأنشطة الفعلية وتخطيط المهام التي نقوم بها خصوصاً أن الاستطلاع الجوي يستغرق وقتاً.
وأكد أنه تمت إزالة الكثير من التحصينات الكردية، كما جرى تبديل المقاتلين الأكراد بآخرين عرب، «رغم أنه لا يزال هناك أفراد من وحدات حماية الشعب الكردية في المنطقة». وشدد المسؤول الأميركي على أنه «لا ينبغي اعتبار إزالة التحصينات بالضرورة أمراً يجعل سكان شمال شرقي سوريا أقل أماناً»، مشيراً إلى أنه «بينما نحن نعمل مع تركيا فإننا مقتنعون بأن فكرة حصول توغل تركي في سوريا تراجعت بشكل كبير».
وشدد ماير على أن الولايات المتحدة ترفض أي عودة قسرية لأي لاجئ سوري، وذلك في رده على اقتراح أنقرة بإعادتهم إلى بلادهم. وقال: «لا يزال موقف الولايات المتحدة على حاله، هدفنا هو عودة اللاجئين بشكل آمن وطوعي وكريم وواضح».
وشدد على أن هذا الأمر لا يمكن أن يتحقق بمعزل عن دعم الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية وبالتعاون مع تركيا وشركائنا في سوريا.
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قال إن نحو 3 ملايين لاجئ سوري يمكن أن يعودوا إلى المنطقة الآمنة التي تسعى أنقرة إلى إقامتها في شمال سوريا. وأضاف أنه في حال نجاح ذلك واعتمادا على عمق المنطقة العازلة، سنتمكن من إيواء ما بين 2 و3 ملايين لاجئ يقيمون حاليا في تركيا وأوروبا في تلك المنطقة.
ولفت إردوغان إلى أنه يرغب في «ممر سلمي» يمتد عبر شمال سوريا وحتى دير الزور والرقة، وأن ذلك سيسمح لأكثر من ثلاثة ملايين لاجئ بالعودة، داعيا أوروبا إلى تقديم «المزيد من الدعم» لتحقيق هذه الخطة.
وتتمثل أولوية تركيا في كبح نفوذ وحدات حماية الشعب الكردية التي تقول بأنها ترتبط بحرب العمال الكردستاني (المحظور) على أراضيها.
وكرر إردوغان أول من أمس تهديده بشن هجمات ضد الأكراد في حال لم يبتعدوا عن الحدود التركية بنهاية شهر سبتمبر (أيلول) الجاري. وقال: «كما قلنا، إذا لم نشهد نتائج خلال الأسبوعين المقبلين، سنفعّل خطتنا».
واشنطن تواصل تسليح حلفائها الأكراد... وتقلل من احتمالات الهجوم التركي
إردوغان يريد «منطقة آمنة» شرق الفرات تستوعب 3 ملايين لاجئ
واشنطن تواصل تسليح حلفائها الأكراد... وتقلل من احتمالات الهجوم التركي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة