العراق: جدل حول مشروع إلغاء مكاتب المفتشين العموميين

TT

العراق: جدل حول مشروع إلغاء مكاتب المفتشين العموميين

رداً على الدعوات المتلاحقة من بعض الكتل النيابية العراقية لإلغاء مكاتب المفتشين العموميين، وفي مسعى للحيلولة دون إلغائها، دعا المفتش العام لوزارة العدل القاضي بشار أحمد محمد، أمس، أعضاء مجلس النواب إلى مناظرة علنية، بهدف إحاطتهم بما تقوم به تلك المكاتب من دور في محاربة الفساد.
وقال محمد في بيان إن «المناظرة ستُطرح خلالها منجزات جميع المكاتب من ناحية استرداد الأموال ومقارنتها بما يتم تخصيصه من ميزانية الدولة لعملها، إضافةً إلى إعداد المحالين إلى هيئة النزاهة والقضاء من الموظفين وأصحاب الدرجات العليا». وأضاف أن «أغلب أعضاء مجلس النواب لا تصل إليهم المعلومات الكافية عن عمل المكاتب، وخصوصاً دورها في الرقابة الاستباقية ومنع الفساد قبل وقوعه، مع إمكانياتها المالية والبشرية المحدودة». ولفت إلى أن «معرقلات عمل المكاتب كثيرة، وأهمها عدم تشريع قوانين تدعم مكاتب المفتشين نحو استقلالية عملها». وتوقع أن تُثني المناظرة البرلمان عن المضيّ بتشريع قانون إلغاء المكاتب.
كان النائب الأول لرئيس البرلمان حسن كريم الكعبي الذي أكد المضيّ بإقرار مقترح قانون إلغاء المفتشين العموميين، قد قدم مطلع الأسبوع مجموعة من التطمينات لموظفي مكاتب المفتشين العموميين، وتعهد بحفظ حقوقهم في حال إلغائها. غير أن تلك التطمينات لم تحظَ بقبول واسع لدى الموظفين، إذ تظاهر مئات منهم عقب تصريحات النائب الأول في المنطقة الخضراء، حيث يقع مبنى البرلمان، ضد قانون الإلغاء المطروح على طاولة النقاشات منذ أسابيع. وقد ناقش البرلمان بالفعل قانون الإلغاء للمرة الأولى في جلسة الاثنين الماضي. ويهدد الموظفون بمظاهرات واعتصامات لاحقة في حال إصرار البرلمان على قراءة مشروع القانون مرة ثانية تمهيداً لإقراره.
ويرى الأمين العام لـ«تجمع موظفي مكاتب المفتشين العموميين» فلاح الحسيناوي، أن «القصة ليست شخصية ليقوم نائب رئيس البرلمان بتقديم تطمينات لنا. نحن ندافع عن المؤسسة التي كانت لها جهود وتضحيات معروفة منذ 2004 وكانت المصد الأول لمواجهة الفساد في السلطة التنفيذية».
ويقول الحسيناوي لـ«الشرق الأوسط» إنه «من المستغرب تفكير البرلمان بإلغاء مكاتب المفتشين لمجرد وجود خلل في عمل هذا المفتش أو ذاك. جميع دوائر الدولة تشكو المشكلات والفساد موجود في بعض مفاصل هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية وغيرها من الوزارات والمؤسسات، لكنّ ذلك لا يعني إلغاءها». ويعتقد أن «بعض الكتل البرلمانية تستهدف الحلقة الأضعف، وهي حلقة المفتشين العموميين، بعد أن خسرت جولة تعيين المفتشين التي قام بها رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، الذي يدعم عمل مكاتب المفتشين».
كان رئيس الوزراء قد أصدر مطلع الشهر الماضي، قراراً بتعيين مجموعة جديدة من المفتشين العامّين في وزارات وهيئات مستقلة لم يكن فيها مفتشون سابقون، ما أثار خلافاً حاداً بينه وبين البرلمان الذي اتهمه بمخالفة الدستور.
ويرى الأمين العام لتجمع موظفي مكاتب المفتشين أن «على البرلمان ألا يعالج الخلل بالخلل. يجب أن يقوم بتشريع قانون لمكاتب المفتشين يمنحهم الاستقلال المالي والإداري ولا يجعلهم تابعين إدارياً للوزير الذي يحرص على عدم نجاح عمل المفتشين باعتبار أنه إحدى الجهات الخاضعة لرقابة ومحاسبة المفتش». وأشار إلى أن مطالب الموظفين المتظاهرين تتلخص في «إلغاء مقترح قانون الإلغاء، وإدراج قانون مكاتب المفتشين على لائحة أجندة قوانين البرلمان، كي تقوم بتأدية عملها على أكمل وجه».
وتتباين وجهات النظر النيابية حول الموقف من قانون إلغاء مكاتب المفتشين، بين متشددة ترى أنها كانت «حلقة مضافة وداعمة لحلقات الفساد المستشري في وزارات ومؤسسات الدولة»، وبين أخرى رافضة ترى أن «وجودها ضروري وأساسي لكشف الفساد إذا ما توافرت لها القوانين والبيئة المناسبة للقيام بعملها».
يُشار إلى أن الحاكم المدني الأميركي للعراق بول بريمر قام في فبراير (شباط) 2004، بإنشاء مكتب للمفتش العمومي داخل الوزارات والهيئات غير المرتبطة بوزارة، لفحص ومراجعة جميع سجلات الوزارة وكل ما تقوم به من نشاط، بغية ضمان النزاهة والشفافية والكفاءة في عملياتها. ويتم اختيار المفتش من قِبل رئيس الوزراء استناداً إلى توصية من رئيس هيئة النزاهة، ويُقدّر عدد الموظفين العاملين في مكاتب المفتشين بنحو 10 آلاف موظف، منهم نحو 3 آلاف يعملون في مكتب المفتش العام لوزارة الداخلية.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.