شاشة الناقد

‪جدار الصمت‬
> إخراج: أحمد غصين
> لبنان (2019)
> تقييم:
‫خرج فيلم أحمد غصين «جدار الصمت» (سمّاه All This Victory بالإنجليزية) بجائزة أسبوع النقاد في نهاية مهرجان فينيسيا المنصرم وقد ينتهي به الأمر لدخول منافسات الأوسكار كما كان الوضع في مطلع هذا العام عندما تم ترشيح فيلم نادين لبكي لأوسكار أفضل فيلم أجنبي. ‬
لكن المقارنة، إن جازت، تنتهي هنا. الفيلم الأول لهذا المخرج يدور في رحى القتال الذي قام بين «حزب الله» وإسرائيل في لبنان سنة 2006 ويختار له موقعاً ريفياً قريباً من الحدود، والنأي بعيدا عن الالتحاق بأي طرف أو تأييد سياسي لأي جهة. هذا، وعلى عكس ما قيل، ليس لأنه يريد الابتعاد عن مشاكل الانتماء السياسي أو عن تصوير بطولات المقاومة بل هو إمعان في الحفاظ على وحدة الدراما التي يسردها عوض تشتيتها بشخصيات إضافية ومواقف متكلّفة لا مكان لها في السيناريو ومعالجته.
هناك شاب اسمه مروان (كرم غصين) ينطلق من بيروت بحثاً عن أبيه في الجنوب للعودة به إلى أمان العاصمة. زوجته رنا (فلافيا بشارة) تفاجأ بخطوته وستحاول الاتصال به قبل وبعد أن يتوقف هاتفه عن العمل. حين وصوله يبدأ بسؤال الجيران عن أبيه وفي إحدى المرات تسرق عائلة تبحث عن مأوى سيارته وتهرب بها. يلجأ إلى منزل منعزل يعيش فيه رجلان عجوزان. إلى المكان ذاته يأوي رجل وزوجته وهما هاربان من قرية أخرى. وما هي إلا فترة وجيزة حتى تصل ثلة من الجنود الإسرائيليين إلى المكان وتصعد مباشرة إلى الدور الثاني من المنزل لكي ترقب منه أي تحركات مناهضة.
هذا الوضع يفرض على الأشخاص الخمسة المحجوزين في الطابق الأرضي الصمت التام لئلا يكتشف الإسرائيليون وجودهم. الحال يستمر لمعظم الوقت على هذا الوضع المتأزم والمخرج يخلق تشويقاً غير مفتعل منه. لكنه، وبسبب حالة الصمت والهمس التي تسود هذه الشخصيات فإن الفيلم يلتزم بالحكاية وليس لديه الفرصة للتوسع في الشخصيات ما يجعل كل منها محافظاً على الصورة التي تم تقديمه فيها من دون تتطوّر أو تبلور.
هذا مسموح به في حدود ما يرغب المخرج فعله وهو حصر شخصيات تعكس حالة القلق اللبناني الساكن في نفوس الناس والوضع المتأزم الذي يدفعون فيه راحة البال وهناء المستقبل. ويرد في إحدى العبارات التذكير بتاريخ الحروب اللبنانية - الإسرائيلية. في مجمله عمل لافت في تشكيله درامياً وفنياً على الرغم من تواضع قدرات الفيلم المادية. نسمع أصوات الجنود الإسرائيليين ولا نراهم ما يتلاءم ورغبة الفيلم الحديث عن الموضوع وجدانياً. لكن أصوات القصف ودخان المعارك يتراءى من بعيد لمجموعة من البشر التي تريد أن تحافظ على حياتها لا أكثر ولا أقل.