دودة تمنح الباحثين فهماً أفضل لأسباب الصداع النصفي

قادت ديدان «نيماتودا» فريق بحثي أميركي إلى اكتشاف رؤية جديدة تتعلق بالأسباب المؤدية لمرض الصداع النصفي لدى البشر، وتم الإعلان عنها في دراسة نُشرت في العدد الأخير من دورية «elife». ويعاني من الصداع النصفي نحو 12% من سكان العالم، وفق أحدث الأبحاث، وهو شكل من أشكال الصداع المؤلم للغاية والشديد والموهن في كثير من الأحيان، وجاءت الرؤية الجديدة حول ما يحدث في أدمغة الأشخاص ويسبب هذا الصداع من كائن غير متوقع، وهو دودة النيماتودا.
وتعيش النيماتودا في التربة، وهي من جنس الديدان الأسطوانية، الممرضة والمدمِّرة للنبات، ولديها دماغ بسيط نسبياً يتكون من 300 من الخلايا العصبية جميع الاتصالات فيما بينها معروفة، الأمر الذي جعل الفريق البحثي من كلية الطب بجامعة ماساتشوستس الأميركية يفكر في استخدامها بالأبحاث الطبية للإجابة عن سؤال: «كيف يتحكم الدماغ في السلوك المعقد؟».
اقتضت الإجابة عن هذا السؤال إحضار كميات من النيماتودا إلى المعمل، تم وضعها في وسط مغذّي، وكانت الملاحظة التي شدت انتباه الباحثين هي أنه بينما كان الدود ينتقل في سيره دائماً إلى الأمام، كانت هناك مجموعة مفرطة في النشاط، تقوم بتبديل الاتجاهات فجأة، ذهاباً وإياباً.
ووفق تقرير نشره موقع جامعة ماساتشوستس، أول من أمس، فإن الفريق البحثي كان شغوفاً بمعرفة الأسباب التي تؤدي إلى هذا النشاط المفرط، فكشف تحليل الحمض النووي لتلك الديدان أنها ناتجة عن طفرة دالة في جين مهم للتواصل بين الخلايا العصبية، وهي طفرة مماثلة لما يحدث في قنوات الكالسيوم عند البشر ويسبب الصداع النصفي.
واستخدم الفريق البحثي بعد ذلك الدودة لمعرفة كيف أثّرت طفرة الصداع النصفي على الجهاز العصبي، حيث وجدوا، وفق ما جاء في التقرير ذاته، أن الطفرة تسببت في اختلال التوازن الدقيق بين الإشارات النشطة والمثبطة في الدماغ، وهذا التوازن ضروري للغاية لكي تعمل أدمغتنا بشكل صحيح.
ويقول د.مارك ألكيما، أستاذ علم الأعصاب والباحث الرئيسي بالدراسة، في تصريحات خاصة عبر البريد الإلكتروني لـ«الشرق الأوسط»: «إن الخطوة التالية التي سيعمل عليها الفريق البحثي هي استخدام نموذج الدودة لعلاج الصداع النصفي في الإنسان بالبحث عن تدخلات تمنع نوبات النشاط غير الطبيعي في ديدان (الصداع النصفي)، فعلى سبيل المثال يبحث مختبرنا الآن كيف يمكن للغذاء وتركيبة النظام الميكروبي بالجسم (الميكروبيوم) كبح النشاط المفرط في هذه الديدان».