الحكومة تناقش موازنة العام 2020 وتقرر المضي في إجراءات الإصلاح

TT

الحكومة تناقش موازنة العام 2020 وتقرر المضي في إجراءات الإصلاح

أقرت الحكومة اللبنانية أمس 14 بنداً من أصل 32 ضمن مناقشات موازنة العام 2020 التي انطلقت أول من أمس الثلاثاء، وتستكمل يوم الاثنين المقبل، مستندة إلى نقاشات موازنة العام 2019 كأساس للنقاش، لكنه «تطلب أن نذهب أبعد من ذلك في الإجراءات الإصلاحية»، بحسب ما قال رئيس الحكومة سعد الحريري، مع تعهد وزير المال علي حسن خليل بأن الموازنة لن تتضمن ضرائب إضافية على المواطنين.
وقال وزير الإعلام بالوكالة وائل أبو فاعور بعد انتهاء جلسة الحكومة أمس إن الحريري «دعا الجميع إلى تحمل مسؤولياتهم في نقاش الموازنة، وإلى أن يكون النقاش صريحا ومسؤولا، وأن يتقدم الجميع بكل الاقتراحات التي تؤدي إلى الإصلاح الجذري في نقاشات الموازنة». واعتبر الحريري «أننا نستطيع الاستناد إلى نقاش موازنة العام 2019 كأساس للنقاش، ولكنه طلب أن نذهب أبعد من ذلك في الإجراءات الإصلاحية». وحذّر من العودة إلى دوامة النقاشات التي حصلت في نقاش الموازنة السابقة.
وأكد الحريري أنه إذا كان وزير المال قد حدد نسبة للعجز «فإن علينا أن نعمل على تخفيض هذه النسبة أكثر من ذلك»، وهذا «يحمّل كل القوى السياسية المجتمعة على طاولة مجلس الوزراء المسؤولية الكبرى في هذه الظروف الاقتصادية والمالية الصعبة». وعبر الحريري، بحسب أبو فاعور «بشكل كبير عن أمله بأن يقود نقاش الموازنة والإجراءات الإصلاحية وانطلاق المشروعات الكبرى إلى معالجة الوضع الاقتصادي والمالي».
وتم إقرار 14 مادة من أصل 32 من بنود الموازنة وناقشت الحكومة المادة المتعلقة بالكهرباء، وكان الاقتراح يقول بـ1500 مليار ليرة (100 مليون دولار) كسلفة خزينة، لكن رأي بعض الوزراء كان أنه ربما تحتاج الحكومة إلى سلفة أكبر من ذلك.
كما ناقشت الحكومة خريطة المخطط التوجيهي للمقالع والكسارات التي تم الاتفاق عليها، وبنود الرسوم النوعية التي فرضت على عدد من المواد والمنتجات، والذي توقف نشره في الموازنة الرسمية وإعلانه بسبب ضريبة الـ3 في المائة التي فرضت على المستوردات.
وبعد انتهاء جلسة الحكومة، عرض وزير المال في مؤتمر صحافي مشروع موازنة 2020 وقال: «لا يوجد فيها أي ضريبة جديدة لأن الناس لم تعد تحتمل، وعمل الدولة يجب أن يستمر ويجب أن يكون هناك متابعة للقوانين والمراسيم المكملة للموازنة العامة، ونحن مستمرون بنفس النهج الذي اعتمد في موازنة 2019 لتخفيض نسبة العجز، أو على الأقل المحافظة على ما تحقق، من دون أن نبالغ في تقدير تخفيض النفقات والعمل على تأمين موارد إضافية».
وقال إن «الأرقام التي عرضت في موازنة 2020 واقعية»، مشددا على «أننا انطلقنا من وضع أن الضغط على اقتصادنا كبير والنمو عاد إلى الصفر إن لم يكن سلبيا، وهذا ما زاد الضغط على مصرف لبنان لتأمين العملات الصعبة، فضلا عن أن تراكم العجز أثر على الاستهلاك وزاد من الركود الاقتصادي، ونحن أخذنا كل هذه الأمور بعين الاعتبار في موازنة 2019 التي كانت موضع تقدير من الجهات الدولية».
وأوضح أنه «لا يمكن أن نبدأ بتنفيذ مقررات سيدر من دون الانتهاء من قانون المناقصات الجديد»، كاشفا أن «التحدي الكبير أمامنا اليوم هو معالجة الدين العام».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».