تواصل روسيا هروبها من قبضة السوق الأميركية، وتعزز توجهها نحو أسواق «الشركاء» شرقاً. وبالتزامن مع صدور بيانات كشفت عن تقليص جديد لحصتها في السندات الأميركية، كانت روسيا تعزز علاقاتها مع أكبر اقتصادين في مجموعة «بريكس»، من خلال محادثات أجراها رئيس الوزراء الروسي مع نظيره الصيني، ركزا خلالها على تدابير تعزيز التعاون الاقتصادي، ورفع ميزان التبادل التجاري بين البلدين حتى 200 مليار دولار خلال السنوات المقبلة. وفي الهند بحث إيغر سيتشين، المدير التنفيذي لشركة «روسنفت» التعاون بين البلدين في مشروعات إنتاج نفطي ضخمة تديرها الشركة الروسية.
وكشفت بيانات وزارة الخزانة الأميركية عن تقليص روسيا حصتها في السندات الأميركية خلال الأشهر الماضية بنسبة 21.6 في المائة. وقالت إن تلك الحصة تراجعت من 10.848 مليار دولار في نهاية يونيو (حزيران) الماضي، حتى 8.5 مليار مع نهاية يوليو (تموز) الماضي، موضحة أن الحصة موزعة بين 6.329 مليار في السندات الأميركية طويلة الأجل، و2.262 مليار في السندات قصيرة الأجل.
وبدأت روسيا تتخلص من السندات الأميركية منذ أبريل (نيسان) 2018، في أعقاب عقوبات مؤلمة فرضتها الولايات المتحدة ضد كبار رجال الأعمال المقربين من الكرملين، وأدت إلى خسارتهم نحو 16 مليار دولار خلال يوم واحد... حينها أعلنت موسكو بداية عن التخلص من سندات بقيمة 47.5 مليار، ومن ثم بقيمة 33.8 مليار دولار أميركي في مايو (أيار)، وخرجت بذلك من قائمة أكبر 33 دولة تحتفظ بالسندات الأميركية.
في غضون ذلك شهدت مدينة بطرسبورغ أعمال الاجتماع الدوري الـ24 بين رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف ونظيره الصيني لي كه تشيانغ، التي بحثا خلالها سبل رفع التبادل التجاري بين البلدين من 108 مليارات دولار عام 2018، حتى 200 مليار دولار أميركي، بحلول عام 2024.
وفي مستهل الاجتماع، قال ميدفيديف إن «العلاقات الروسية - الصينية بلغت اليوم مستويات عالية غير مسبوقة، ودخلت حقبة جديدة»، ورأى أن تحقيق المستوى المستهدف في التبادل التجاري ممكن عبر مشروعات في مجال الطاقة، والتقنيات عالية الدقة، والزراعة.
من جانبه؛ أشار لي كه تشيانغ إلى الطابع المستقر للعلاقات الثنائية، وعبر عن قناعته بأن تحقيق الهدف المعلن برفع التبادل التجاري بين البلدين يتطلب «خطوات جديدة»، وبصورة خاصة إيجاد صيغة متكاملة للتعاون في القطاع النفطي، تشمل صناعة معالجة النفط والغاز.
وفي ختام المحادثات، وقعت وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، ووزارة الاقتصاد الصينية بياناً مشتركاً حول صياغة «خريطة طريق» التطوير النوعي لعلاقات التبادل التجاري بين البلدين.
وكان للهند، وهي عضو إلى جانب الصين وروسيا والبرازيل وجنوب أفريقيا، في مجموعة «بريكس»، حصتها من تعزيز روسيا توجهها شرقاً. إذ أجرى إيغر سيتشين، مدير «روسنفت» محادثات في نيودلهي مطلع الأسبوع الحالي، عرض خلالها على الشركات الهندية الانضمام إلى مشروعات الإنتاج النفطي في روسيا، وبصورة خاصة مشروع «فوستوك أويل» في القطب الشمالي، الذي يشمل بناء محطات بحرية، ومد 5500 كيلومتر من الأنابيب، فضلاً عن تشييد مطارات وشبكات الطاقة... وغيرها من بنى تحتية.
وطلبت «روسنفت» من الحكومة الروسية إعفاءات ضريبية للمشروع بقيمة 2.6 تريليون روبل لمدة 30 عاماً، وتعهدت في المقابل باستثمار ما بين 5 تريليونات و8.5 تريليون روبل في تنفيذه. وترى «روسنفت» أن هذا المشروع قد يشكل أساساً لـ«جسر طاقة» من روسيا إلى الهند، ويضمن أمن الأخيرة في مجال الطاقة «في ظل تنامي المخاطر الجيوسياسية». وقالت إن الشركات الهندية أبدت اهتماماً بالمشروع.
يذكر أن الهند تشارك في مشروعات إنتاج نفطي في روسيا؛ لعل أهمها مشروع «سخالين1»، وتبدي، حالها حال الصين ودول أخرى في المنطقة، اهتماماً خاصاً بالحصول على الطاقة من روسيا.
روسيا تبتعد أكثر عن «الدولار» وتعزز توجهها شرقاً
«روسنفت» تبحث إقامة «جسر طاقة» بين موسكو ونيودلهي
روسيا تبتعد أكثر عن «الدولار» وتعزز توجهها شرقاً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة