إيزابيل أدجاني بين الغضب والشيخوخة في «ليلة الافتتاح»

الأمر الصادم بخصوص المسرحية المستوحاة من قصة فيلم «الليلة المفتوحة» الذي أخرجه جون كاسافيتز بعد أربعة عقود من إطلاق النسخة السينمائية منها، هو تحديداً ما يجعل منها في الوقت الراهن عملاً مثيراً للاهتمام بدرجة بالغة كمادة خام أمام جهود التعديل المسرحي.
يصور الفيلم الذي أنتج عام 1977 برودواي كعالم تهيمن عليه أفكار ذكورية كارهة للنساء والبقاء فيه للرجال الأقوياء فقط. ويدور الفيلم حول قصة نجمة تصل إلى منتصف العمر وتبدو دوماً على وشك السقوط في الهاوية، بينما يذكرها من حولها باستمرار بأن الزمن قد تجاوزها وولى. حسب ما ذكرت «ذي نيويورك تايمز».
أمّا الرجال المحيطون بميرتل جوردون، ممثلة بدأت تفقد عقلها وقدرتها على التمييز بين الواقع والخيال مع اقتراب موعد ليلة افتتاح عرض جديد لها، فإن السؤال الذي أسقطهم في بئر الحيرة: ما الذي يدفع ميرتل إلى هذا الجنون؟
في الحقيقة، الإجابة هي الرجال أنفسهم هم من يدفعونها نحو الجنون.
في الفيلم، لعبت جينا رولاندز دور ميرتل. واليوم، تضطلع الممثلة الفرنسية العظيمة إيزابيل أدجاني بدورها في الرؤية الأنيقة الجديدة التي طرحها المخرج سيريل تيست للقصة. جاء افتتاح المسرحية، ليلة الخميس الماضي، في مسرح «فياف فلورنس غولد هول»، وتأتي في إطار فعاليات مهرجان «كروسينغ ذي لاين» الذي ينظّمه معهد التحالف الفرنسي. وتعتبر هذه المسرحية واحدة من رؤيتين جديدتين لقصة «ليلة الافتتاح» من المقرّر عرضهما قريباً في نيويورك هذا الخريف. (كان المخرج المسرحي إيفو فان هوف قد طرح رؤيته الخاصة للقصة على مسرح أكاديمية بروكلين للموسيقى عام 2008).
ولدى تقييم العمل، نجد أنّه في معظم جوانبه الفنية والتمثيل والتصميم والفيديو الحي المدمج بذكاء في العمل الذي يثري الأداء، يبدو عملاً جيداً، إلا أن الإجابة التي طرحها على سؤال: «لماذا نعيد تعديل هذا العمل الآن؟» لا علاقة لها بما جرى النقاش حوله في الفترة الأخيرة على الصعيد الاجتماعي بخصوص المرأة والتحرش. وبالنسبة لعمل جاءت انطلاقته الأولى في وقت سابق من العام الحالي، تبدو المسرحية برمتها إهداراً هائلاً للإمكانات.
الملاحظ أن المسرحية تشترك مع الفيلم في الحدث المحفز لتطور الأحداث. موت أحد المعجبين المراهقين في حادث مباشرة بعد حصوله على توقيع تذكاري من ميرتل، التي تخوض بروفات لمسرحية حول امرأة تتقدم في العمر وتخشى أنها إذا برعت في أدائها على نحو مفرط فإنها بذلك قد تكتب نهاية مسيرتها الفنية. عاجزة عن طرد ذكرى الفتاة التي تذكّرها بقوة بنفسها وهي شابة أصغر عمراً. (في فيديو يقدم صورة من الماضي، تلعب زوي أدجاني دور هذه الفتاة، وهي ابنة شقيق النجمة إيزابيل أدجاني).
وتدور الفكرة الرئيسية للفيلم حول تماهي الحدود الفاصلة بين الممثل والدور، بين الحياة والفن. إلا أن الرؤية التي تجسّدها تيست تولي الاهتمام الأكبر بالتكتيكات الإخراجية.
ومن الصعب أن يحكم المرء من خلال مشاهدة واحدة على حكم الاختلافات في تعليمات المخرج من ليلة لأخرى، لكن هذا عمل مسرحي شديد المركزية، جرى تقليص أعداد عناصره إلى ثلاثة أدوار فقط، والملاحظ أنّ تيست حوّلت تركيز توازن القصة نحو المخرج.
يحمل المخرج في القصة اسم ماني فيكتور، واضطلع بهذا الدور في الفيلم بين غازارا، ما أسهم في جعل أي علاقة عاطفية بينه وبينه ميرتل تبدو مبالغا فيها. أمّا مورغان لويد سيكارد، الذي يلعب دور ماني في المسرحية، فشاب ساحر وجذّاب ويجعل الانجذاب العاطفي بين المخرج والبطلة أمرا طبيعيا ومثاليا. فيما تبدو مشاركة أدجاني في المسرحية، عنصر جذب كبير، ولا تتحمل النجمة الفرنسية اللوم عن شعور المرء بأن وجودها أهدر هباء بعض الشيء.
في الكثير من الجوانب، تبدو هذه النسخة من القصة أقل قسوة عن الأخرى في الفيلم، بجانب أنّ نهايتها رائعة بالتأكيد. إلّا أنّه في الدقائق الأخيرة فقط من العمل الذي أخرجه تيست، تصبح ميرتل محور التركيز بحق، ويصل أداء أدجاني إلى ذروة تألقه.