«حرب فيديوهات» سياسية تشتعل في مصر

TT

«حرب فيديوهات» سياسية تشتعل في مصر

يوم بعد آخر، يتفاعل قطاع معتبر من المصريين، مع مقاطع مصورة ذات طابع سياسي يبثها نشطاء ومعارضون، وأخرى صنعها مؤيدون، حتى بات الفضاء الإلكتروني خصوصاً في مواقع التواصل الاجتماعي، مُلبداً بأجواء وصفها البعض بـ«حرب فيديوهات» متصاعدة تحشد الأنصار، وأدوات التفاعل والإعجاب، ويتسع نطاق نيرانها عبر كتائب «المشاركة».
وعقب تعليق مفاجئ، أبداه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مطلع الأسبوع الجاري على مجموعة من الفيديوهات الرائجة التي يبثها ممثل ومقاول يدعى محمد علي، واعتبرت «مسيئة» للجيش، دخل صُناع جدد لمحتوى الفيديوهات على خط الفاعلية والتأثير، وكثف آخرون من مساهماتهم، ليبث الناشط السياسي الذي ينتمي لمحافظة شمال سيناء، مُسعد أبو فجر، مقطعاً يتناول خلاله ملف «مكافحة الإرهاب»، معقّباً على إشارة تضمنها الحديث الرئاسي في الصدد نفسه.
وكذلك، فإن المتابعين لقذائف الفيديوهات المتبادلة، صدموا بمشاركات مطولة وغرائبية للناشط وائل غنيم، الذي كان يتم تقديمه باعتباره من أيقونات «ثورة 25 يناير (كانون الثاني)» في مصر، وانطلق بدوره في سلسلة تسجيلات منفعلاً حد البكاء والصراخ في بعض الأحيان، ومنتقداً الأوضاع السياسية بلغة بذيئة، ومُعبراً عن مشكلات شخصية، بل ومُقراً بأنه ظهر لـ«يأخذ الترند من محمد علي».
وأفاد الرئيس المصري، في رده الذي جاء ضمن فعاليات النسخة الثامنة لـ«المؤتمر الوطني للشباب»، بأنه تلقى نصائح من أجهزة معنية في الدولة بعدم الحديث بشأن المقاطع التي يبثها المقاول المصري، لكنه أشار إلى أنه لم يستجب لها.
وكان علي، قال في مقاطعه المصورة، التي حظيت بمشاهدات كبيرة، إن لديه مستحقات «لم يحصل عليها نظير عمله مع القوات المسلحة في بعض المشروعات»، كما وجه اتهامات وإهانات للمؤسسة العسكرية وبعض قاداتها.
وبطبيعة الحال لم يعدم الأمر مساهمات من مؤيدين، ليشارك المطرب الشعبي المصري، شعبان عبد الرحيم، بأغنية مصورة دبج خلالها الانتقادات البالغة واللاذعة لمحمد علي.
وبدت «ظاهرة الفيديوهات» عابرة للمستويات الفكرية، إذ انتقلت من الأوساط الشعبية التي يمثلها عبد الرحيم، إلى أكاديمي بارز وأستاذ للعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وهو الدكتور معتز عبد الفتاح، الذي عنون مقطعه المصور بـ«ردي المتواضع على دعاة الفوضى... الشعب يريد بقاء النظام»، والذي خاطب متابعيه داعياً إياهم إلى «عدم القلق، وضرورة بقاء النظام، بما يمثله من انضباط في محيط مضطرب»، داعياً إلى تجاهل الاتهامات والفيديوهات المنتقدة للمؤسسات والأوضاع السياسية.
ومع بدء شيوع فيديوهات المقاول والممثل المصري، قبل أكثر من أسبوعين، تقريباً، طرح النائب البرلماني، وعضو لجنة الدفاع والأمن القومي، خالد أبو طالب، مشروع قانون لمكافحة «ترويج الشائعات» عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مقترحاً «تغليظ العقوبة إلى حد الإعدام فيما يتعلق بالشائعات المرتبطة بالأمن القومي للبلاد».
ورغم رفض أبو طالب الربط بين مشروع قانونه وما وصفه بـ«(حرب فيديوهات) تخوضها منصات مختلفة ضد مصر وجيشها»، فإنه قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «استهدف بمشروعه الذي يخطط لعرضه على البرلمان في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل خلق الردع الكافي لوقف التجاوزات عبر الشائعات التي تنال من الدولة». وأضاف أبو طالب: «عقوبة الإعدام ستكون رهناً بمساس الشائعة بالأمن القومي للبلاد، وستكون خاضعة لسلطة القاضي بطبيعة الحال».
وشبه النائب البرلماني، الموقف بـ«عقوبة الخيانة والتجسس في أثناء الحرب، التي تصل إلى الإعدام»، واعتبر «أن مصر تمر بحالة حرب تواجه فيها الإرهاب، وتحتاج لتشريعات مساندة».
وبشأن انتقادات ساقها المقاول المصري، حول بناء مقرات وقصور رئاسية، قال الرئيس السيسي: «أنا عامل قصور رئاسية وهعمل... هل هي لي؟... أنا أبني دولة جديدة... هل تعتقدون أنكم عندما تتحدثون بالباطل أنكم ستخيفونني؟... لا أنا (أعمل وأعمل وأعمل) لكن ليس باسمي (إنها) باسم مصر».
واتخذت قضية الفيديوهات، أبعاداً قانونية، إذ تلقى النائب العام المصري بلاغات عدة ضد محمد علي، ومسعد أبو فجر، ووائل غنيم، التي تنوعت فيها الاتهامات بين «الدعوة لنشر الفوضى، والتطاول على الرئيس، وبث معلومات كاذبة، والإساءة للقوات المسلحة».
بدوره، قال الكاتب والصحافي المصري، أحمد رفعت إن «(حرب الفيديوهات) حلقة من حلقات المؤامرة على مصر، وترتبط بما حققته البلاد من إنجازات على مستوى التنمية في سيناء، وتسليح الجيش، وبدء المشروع النووي المصري، فضلاً عن اقتحام ملفات الفساد». داعياً إلى «زيادة الوعي بأدوات الحرب الجديدة، التي باتت تعتمد على مواقع التواصل وليس الجيوش».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.