الثقة في السعودية تقوِّم أوضاع أسواق النفط

«هبوط تصحيحي» حاد عقب تأكيدات «أرامكو» الوفاء بالتزاماتها

الثقة في السعودية تقوِّم أوضاع أسواق النفط
TT

الثقة في السعودية تقوِّم أوضاع أسواق النفط

الثقة في السعودية تقوِّم أوضاع أسواق النفط

تراجعت أسعار النفط تراجعاً حاداً يوم الثلاثاء، بعد أن أبلغ مصدر سعودي كبير «رويترز» أن الإنتاج قد يعود بالكامل في غضون أسابيع، أي أسرع عما كان متوقعاً بادئ الأمر، عقب هجمات مطلع الأسبوع، والتي قلصت إنتاج المملكة إلى النصف.
وأثارت هجمات السبت خطر حدوث صدمة معروض عنيفة، في سوق تهيمن عليها في الأشهر الأخيرة مخاوف الطلب وتباطؤ النمو العالمي. وصعد النفط بما يصل إلى 20 في المائة في التعاملات المبكرة، أول من أمس (الاثنين)، قبل أن يتراجع لاحقاً إلى مستويات 10 في المائة، ثم يغلق على ارتفاع نحو 14 في المائة.

وأبلغ مصدر سعودي كبير مطلع على أحدث التطورات «رويترز» أن الإنتاج قد يعود بالكامل في غضون أسبوعين إلى 3 أسابيع، وأن المملكة تقترب من استعادة 70 في المائة من الفاقد، البالغ 5.7 مليون برميل يومياً عقب الهجمات. وبحلول الساعة 14:57 بتوقيت غرينتش، كان خام برنت منخفضاً 4.54 دولار، بما يعادل 6.58 في المائة، إلى 64.48 دولار للبرميل. ونزل خام غرب تكساس الوسيط 3.85 دولار، أو 6.12 في المائة، مسجلاً 59.05 دولار للبرميل.
وفي أعقاب الهجمات مباشرة، أبلغت «أرامكو السعودية» بعض شركات التكرير الآسيوية أنها ستفي بالتزاماتها النفطية. فيما عقد وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان مؤتمراً صحافياً مساء أمس. وقال سامويل سيسزوك، من «إي إل إس أناليسز» في استوكهولم: «الأنظار كلها تتركز على المؤتمر الصحافي السعودي».
ونقلت «رويترز» أمس أن «أرامكو» أخطرت ما لا يقل عن 6 شركات تكرير في آسيا بأنها ستورد كامل الكميات المخصصة لها من النفط الخام في أكتوبر (تشرين الأول). ما يدل بشكل واقعي على قدرة السعودية على الوفاء بطلب العملاء من مخزونها الوفير، خاصة من حيث إمداداتها لأكبر المستهلكين في آسيا، الذين يستهلكون أكثر من 70 في المائة من إجمالي صادرات النفط السعودية، وأن هذه الإمدادات ستظل مستقرة بشكل كبير.
وقالت 3 مصادر بالقطاع لـ«رويترز» إن 3 شركات تكرير حكومية هندية، وهي مؤسسة النفط الهندية، و«بهارات بتروليوم»، و«مانغالور للتكرير والبتروكيماويات»، ستتلقى كامل الكميات المخصصة من النفط الخام من السعودية لشهر أكتوبر.
وقال أحد المصادر، الذي رفض نشر اسمه لأنه غير مخول بالحديث لوسائل الإعلام، إن «أرامكو» أخطرت مؤسسة النفط الهندية بأنها ستعطيها بعض الكميات من مزيج الخام العربي.
وكان معمل المعالجة المهم في بقيق أحد المنشآت المتضررة في مطلع الأسبوع. وتعالج المنشأة الخام المستخرج من حقول الغوار والشيبة وخريص، التي تنتج الخام العربي الخفيف أو العربي الخفيف جداً.
وقال رئيس المصافي بشركة «بهارات بتروليوم»، آر.راماتشاندران لـ«رويترز» إن الشركة ستحصل على كامل الكميات من «أرامكو» لشهري سبتمبر (أيلول) وأكتوبر دون أي تغيير في درجة الخام.
وقالت شركتا تكرير في الصين وتايوان أيضاً إن «أرامكو السعودية» أخطرتهما بأنه لن يكون هناك تغيير على جدول التحميل في سبتمبر وأكتوبر. وقال أحد المصادر: «السعودية أكدت (لنا) أن مصفاتنا ستتلقى شحناتها المطلوبة بالكامل في سبتمبر وأكتوبر. لم يُطلب منا التبديل أو الإرجاء».
وقال مسؤول كبير في «بنغلاديش بتروليوم» المملوكة للدولة إنها ستتلقى كامل الكمية المخصصة لأكتوبر. وقال المسؤول: «بالأمس، أجرينا مناقشة بشأن الشحنة المقبلة، وطمأنونا أنه لن يكون هناك أي تأجيل». ومن المقرر تحميل نحو 100 ألف طن من الخام العربي الخفيف في 28 سبتمبر. وتستورد «بنغلاديش بتروليوم» 700 ألف طن من الخام العربي الخفيف من «أرامكو السعودية» سنوياً لمصفاتها الوحيدة.
وفي السوق الآسيوية، فإن شركات التكرير في اليابان وكوريا الجنوبية والهند وتايلاند هي أهم المشترين للخام العربي الخفيف والعربي الخفيف جداً من السعودية، بحسب أحد المصادر.
وأكد وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني، إيشو سوغوارا، أنه لا توجد مشكلة فورية في إمدادات النفط المحلية نتيجة الهجمات التي استهدفت منشآت نفطية تابعة لـ«أرامكو» في المملكة العربية السعودية.
وقال سوغوارا، حسبما نقلت هيئة الإذاعة اليابانية «إن إتش كيه» الثلاثاء، إن اليابان لديها احتياطيات نفطية لأكثر من 230 يوماً من الاستهلاك المحلي، مضيفاً أنه سيراقب عن كثب تأثير الهجمات على الإمدادات اليابانية، وكذلك التحركات في سوق النفط.
وقال مصدر في سيول إنه ليست هناك أي مؤشرات في كوريا الجنوبية على اضطرابات في مواعيد الإمدادات. وقال مسؤولون من مصافي «جيه إكس تي جي هولدنغز» و«إدميتسو كوسان» و«كوزمو إنرجي هولدنغز» اليابانية إنهم يجمعون معلومات، لكنهم رفضوا التعليق أكثر على إمدادات النفط السعودية أو إمدادات بديلة.
وقال مصدران تجاريان إنه بينما بمقدور شركات التكرير إيجاد مصادر لدرجات بديلة من الخام من الولايات المتحدة وغرب أفريقيا وجنوب شرقي آسيا، حال حدوث اضطرابات في الإمدادات، فإنه من المتوقع ارتفاع العلاوات الفورية للخام الخفيف. وقال مصدر تجاري: «المكثفات الأثقل والدرجات المتوسطة الغنية بنواتج التقطير، مثل مكثفات الحقول المزالة الرائحة، يمكن أيضاً استخدامها بديلاً للخام الخفيف، إذا أصبح الخام الخفيف باهظ التكلفة».



التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي، مسجلاً أعلى مستوى منذ 15 شهراً، وذلك عطفاً على ارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء، والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة وأسعار أقسام السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة، مقابل انخفاض أسعار قسم النقل بنسبة 2.5 في المائة.

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع فإن هذا المستوى جعل السعودية البلد الأقل ضمن مجموعة العشرين، في الوقت الذي عدَّه اقتصاديون معتدلاً نسبياً.

ووفق مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الأحد، ارتفع قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة، وقد تأثر بارتفاع مجموعة الإيجارات المدفوعة للسكن 10.8 في المائة خلال نوفمبر الماضي، بسبب زيادة في أسعار إيجارات الشقق 12.5 في المائة.

المطاعم والفنادق

وكان لارتفاع هذا القسم أثر كبير في استمرار وتيرة التضخم السنوي لنوفمبر 2024، نظراً للوزن الذي يشكله هذا القسم، الذي يبلغ 25.5 في المائة، وفي السياق ذاته، ارتفعت أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة خلال نوفمبر السابق، متأثرة بارتفاع أسعار المجوهرات والساعات بأنواعها والتحف الثمينة 23.7 في المائة.

وسجلت أسعار قسم المطاعم والفنادق ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار الخدمات الفندقية والشقق المفروشة بنسبة 5.9 في المائة، أما قسم التعليم فقد شهد ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار الرسوم لمرحلتي المتوسط والثانوي 1.8 في المائة.

الأغذية والمشروبات

في حين سجلت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.3 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، 1.9 في المائة. من جهة أخرى، انخفضت أسعار قسم تأثيث وتجهيز المنزل بنسبة 2.9 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 4.4 في المائة.

وتراجعت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 2.3 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة 4.6 في المائة، وكذلك سجلت أسعار قسم النقل تراجعاً بنسبة 2.5 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 3.9 في المائة.

تنويع الاقتصاد

وقال كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع معدل التضخم في المملكة إلى 2 في المائة خلال نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، يعكس التغيرات الاقتصادية التي تمر بها المملكة في إطار «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

وبيَّن الغيث أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع كان قطاع السكن والمرافق، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 9.1 في المائة. وكان لارتفاع أسعار إيجارات المساكن، وخصوصاً الشقق التي ارتفعت بنسبة 12.5 في المائة، الدور الأكبر في هذه الزيادة، موضحاً أن هذا القطاع يشكل 25.5 في المائة من سلة المستهلك، وبالتالي فإن تأثيره على معدل التضخم العام كان ملحوظاً.

ووفق الغيث، أسهم ارتفاع أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة في زيادة معدل التضخم، وأن هذا الارتفاع يعكس تغيرات في أنماط الاستهلاك وزيادة الطلب على بعض السلع والخدمات في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.

تحسين البنية التحتية

على الجانب الآخر، يرى كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، أن قطاع النقل شهد انخفاضاً بنسبة 2.5 في المائة، ما أسهم في تخفيف الضغط التضخمي إلى حد ما، وأن هذا الانخفاض قد يكون نتيجة لتحسن البنية التحتية للنقل وزيادة كفاءة الخدمات اللوجيستية، وهو ما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» في تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

وفي سياق «رؤية 2030»، يؤكد الغيث أنه من الممكن النظر إلى هذه التغيرات في معدلات التضخم كجزء من عملية التحول الاقتصادي الشاملة، مضيفاً أن الارتفاع في أسعار السكن، «على سبيل المثال»، قد يكون مؤشراً على زيادة الاستثمارات في القطاع العقاري وتحسن مستويات المعيشة.

وأبان أن الزيادة في أسعار السلع والخدمات الشخصية قد تعكس تنوعاً متزايداً في الاقتصاد وظهور قطاعات جديدة.

ولفت الغيث النظر إلى أن معدل التضخم الحالي البالغ 2 في المائة يعتبر معتدلاً نسبياً، ما يشير إلى نجاح السياسات النقدية والمالية في الحفاظ على استقرار الأسعار.