وزارة الإسكان السعودية تسابق الزمن لتنظيم قطاع الإسكان والعقارات

الأسواق تستجيب لمبادراتها وتواجه ضغطاً لإحداث التوازن بين القدرة الشرائية والأسعار

يتوقع أن يشهد القطاع العقاري في قادم السنوات طفرة كبيرة في نسبة التملك بين الأفراد (تصوير: خالد الخميس)
يتوقع أن يشهد القطاع العقاري في قادم السنوات طفرة كبيرة في نسبة التملك بين الأفراد (تصوير: خالد الخميس)
TT

وزارة الإسكان السعودية تسابق الزمن لتنظيم قطاع الإسكان والعقارات

يتوقع أن يشهد القطاع العقاري في قادم السنوات طفرة كبيرة في نسبة التملك بين الأفراد (تصوير: خالد الخميس)
يتوقع أن يشهد القطاع العقاري في قادم السنوات طفرة كبيرة في نسبة التملك بين الأفراد (تصوير: خالد الخميس)

تسابق وزارة الإسكان السعودية الزمن والمسافة بالعمل على تنظيم القطاع العقاري والإسكاني بمعاونة واسعة من الجهات الحكومية ذات الصلة. وفي الوقت الذي ينظر لها بعين التحدي، عملت الوزارة على تنظيم القطاعين من خلال عدد من التشريعات اللازمة لضمان الدورة الاقتصادية وتحقيق المطلوب من استحداثها قبل سنوات.
وقد يكون الضغط شديداً على الوزارة نتيجة سقف التوقعات العالي من قبل الأفراد بتوفير المنزل وفق معطيات معقولة، إلا أن الوزارة عملت على تنظيم القطاع وبخاصة الشق المالي منه الذي كان يعتبر الشوكة في حلق القطاع، وقدرة الوزارة في الانتقال من الوسائل التقليدية إلى وسائل أكثر اقتصادية وإقناع المستفيدين بتلك الأدوات التي أطلقتها، على الرغم من الانتقادات الواسعة حول اعتمادها مفهوم «الكم على الكيف»، إلا أنها حققت المأمول برفع نسبة التملك بين الأفراد.
ويظل التحدي أمام الوزارة لمعالجة كمية التضخم التي شهدتها أسعار الأراضي خلال العقدين الماضيين؛ إذ كانت سلعة «الأراضي» إحدى أهم القنوات الاستثمارية التي استثمر فيها أغلب السعوديين؛ مما نتج منه ارتفاع أسعارها بشكل فوق القدرة الشرائية للأفراد، في حين تغيرت سلوكيات الكثير مما ساهم في حلم تملك منزل أسهل مما كان عليه، والذي يثبت من خلال إحصائيات الوزارة وأرقام مؤسسة النقد بما يتعلق بالتمويل العقاري.
وكانت القروض العقارية التي منحتها البنوك التجارية في السعودية للأفراد والشركات بنهاية الربع الثاني من العام الحالي سجلت ارتفاعاً إلى نحو 263.7 مليار ريال (70.3 مليار دولار) بنسبة ارتفاع بلغت 22 في المائة، مقارنة بنحو 216.8 مليار ريال (57.8 مليار دولار) بنهاية الربع الثاني من العام الماضي.
وقال مختصان، إن وزارة الإسكان السعودية أصدرت حتى الآن، عدداً كبيراً من الأنظمة والقرارات الجديدة، الكفيلة بحل هذه المشكلة في مختلف المناطق، ورأى المختصان أن آلية عمل الوزارة، في تطبيق ما تعلن عنه من مبادرات، هو ما أحدث الفارق بين أدائها اليوم، وبين أداء القطاع العقاري في السعودية قبل استحداث الوزارة، متوقعين أن يشهد القطاع العقاري في قادم السنوات، طفرة كبيرة في عدد الأفراد الذين يمتلكون مساكن خاصة بهم.
وسعت وزارة الإسكان لتنظيم وتيسير بيئة إسكانية متوازنة ومستدامة، وذلك من خلال إيجاد وتطوير برامج لتحفيز القطاعين الخاص والعام من خلال التعاون والشراكة في التنظيم والتخطيط والرقابة لتيسير السكن لجميع فئات المجتمع بالسعر والجودة المناسبة.
وقال المحلل الاقتصادي الدكتور عبد الله المغلوث، عضو اللجنة السعودية للاقتصاد وعضو اللجنة الوطنية للمقاولين بمجلس الغرف وعضو اللجنة العقارية سابقاً، إن الوزارة نجحت في تحقيق الكثير من أهدافها خلال السنوات الماضية؛ ما يؤكد كفاءة الخطط وآليات التطبيق المتبعة في التعامل مع مشكلة السكن. وأضاف: «القطاع العقاري في السعودية، يشهد اليوم المزيد من التحولات الإيجابية، سواء في أدائه أو خططه أو برامجه أو إنتاجيته، في مشهد مغاير تماماً لما كان عليه الأمر في السابق».
وقال «قبل استحداث وزارة للإسكان في البلاد، كان القطاع تائهاً، بين جهات عدة، تتحكم فيه، كلٌ فيما يخصها، مثل وزارة الشؤون البلدية والقروية، وهيئة العقار، والمحاكم وغيرها من الجهات، ووجدت آنذاك تشريعات كثيرة لتنظيم القطاع، لكنها غير مُفعّلة، ولا يلتزم بها الكثيرون، وهذا يفسر لنا سبب ظهور مشكلات كثيرة، من بينها مشكلة السكن، وارتفاع الأسعار، واحتكار الأراضي البيضاء، وغيرها».
وتابع المغلوث: «مع استحداث وزارة للإسكان، فوجئنا بإصدار الكثير من التشريعات والقوانين الجديدة بهدف تنظيم القطاع العقاري، وهذه التشريعات نجحت في علاج الكثير من مشكلات القطاع، وبدأنا نجني اليوم ثمار هذه التشريعات، بزيادة المنتجات العقارية التي تشرف عليها الوزارة، بالتعاون مع القطاع الخاص، ومن ثم زيادة نسبة التمليك في صفوف المواطنين، وتراجع أسعار الأراضي البيضاء، بعد بلوغها في وقت سابق حدوداً خارج المنطق والعقل».
واستطرد المغلوث: «الأهم من ذلك، أن الوزارة أوجدت منتجات سكنية تقل 50 في المائة عن أسعار السابق، حيث تبدأ بـ250 ألف ريال (66.6 ألف دولار) للشقة السكنية الجاهزة، علماً بأن سعرها في السابق كان بلغ 500 ألف ريال (133.3 ألف دولار)».
من جانبه، رأى خالد بارشيد، رئيس اللجنة العقارية السابق بغرفة المنطقة الشرقية، أن المبادرات التي أعلنت عنها الوزارة، تعتبر كافية جداً، لترتيب أوراق القطاع. وقال: «الوزارة عالجت الكثير من مشكلات القطاع بما أعلنت عنه من مبادرات وأنظمة وقوانين، وهي من وجهة نظري كثيرة ومهمة ومطلوبة؛ لأنها مهدت الطريق لقطاع عقاري فعال ومثمر، ولعل أهم هذه المبادرات والتشريعات، التي كان لها دور في تخفيض الأسعار، قرار فرض رسوم على الأراضي البيضاء، ومبادرة تعزيز القروض العقارية، وتوفير المزيد من البرامج لبناء المساكن، وتنويع المنتجات العقارية بين وحدات سكنية جاهزة، ومنازل وفلل».
ووفق خطتها المعلنة، تعمل وزارة الإسكان من أجل حل مشكلة السكن في البلاد، لتحفيز المعروض العقاري ورفع الإنتاجية لتوفير منتجات سكنية بالسعر والجودة المناسبة، وذلك من خلال عقد شراكات مع مطورين من القطاع الخاص على أراضي الوزارة، وتحفيز تطوير منتجات سكنية على أراضي القطاع الخاص، وتطوير منتجات سكنية على الأراضي الخاضعة لرسوم الأراضي البيضاء، فضلاً عن تطوير المناطق العشوائية ومركز المدن للاستفادة القصوى منها، وكذلك الأراضي الوزارية ليستفيد منها المنتسبون لبرنامج الدعم السكني»،
وبتقدير بارشيد، فإن الوزارة تمكنت من خلال هذه الخطة، من الإمساك بالمدخل الصحيح، موضحاً أن «تنظيم القطاع العقاري في أي بلد، لا يحتاج إلى المزيد من المبادرات العقارية والقوانين والأنظمة، بقدر حاجته إلى جهات نافذة، قادرة على تطبيق كل ذلك على أرض الواقع وعلى الجميع صغيرا وكبيرا من دون محاباة أو استثناءات».
وقال «هذا ما حرصت عليه وزارة الإسكان في السنوات الأخيرة، عندما أدركت أن القطاع العقاري تنقصه آلية تفعيل التشريعات، وليس إصدارها، وهذا ما نجني ثماره اليوم».
وتابع بارشيد «بما فرضته الوزارة من مبادرات، أوجدت الوزارة حلولاً ناجعة لمشكلة الإسكان»، لكنه استطرد موضحاً: «هذا لن يتحقق في ليلة وضحاها، وإنما مع مرور الوقت، وبالحرص على تنفيذ هذه الخطوات بكفاءة»، مؤكداً أنه «إذا استمر أداء الوزارة على ما هو عليه اليوم، سوف نحقق مستهدفات (رؤية 2030) بالوصول لنسبة تمليك المساكن في صفوف المواطنين، إلى 70 في المائة، وعندما نصل إلى هذه النسبة، نكون قد قطعنا شوطاً طويلاً في حل مشكلة السكن».
وعلى الرغم من النجاحات التي حققتها وزارة الإسكان خلال الفترة الماضية، لكن يظل التحدي الكبير يتمحور في كيفية منح القطاع الخاص قدرة أكبر في قيادة سوق الإسكان والعقارات، وجذب الاستثمارات، وبخاصة أن القطاع الإسكاني والعقاري يتمتع بمقومات الصناعة كافة، من صناع ومسوقين وشركات وساطة وطلب داخلي ضخم يتنامى بشكل متواصل مع زيادة عدد الأسر.


مقالات ذات صلة

إريك ترمب: نخطط لبناء برج في الرياض بالشراكة مع «دار غلوبال»

الاقتصاد إريك ترمب يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» في أبو ظبي (رويترز)

إريك ترمب: نخطط لبناء برج في الرياض بالشراكة مع «دار غلوبال»

قال إريك ترمب، نجل الرئيس الأميركي المنتخب، لـ«رويترز»، الخميس، إن منظمة «ترمب» تخطط لبناء برج في العاصمة السعودية الرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من فعاليات النسخة السابقة من المؤتمر في الرياض (واس)

السعودية تشهد انطلاق مؤتمر سلاسل الإمداد الأحد

تشهد السعودية انطلاق النسخة السادسة من مؤتمر سلاسل الإمداد، يوم الأحد المقبل، برعاية وزير النقل والخدمات اللوجيستية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد صورة تجمع المسؤولين السعوديين واليابانيين خلال إطلاق صندوق مؤشرات متداولة وإدراجه في بورصة طوكيو (الشرق الأوسط)

«الاستثمارات العامة السعودي» يستثمر بأكبر صندوق في بورصة طوكيو

أعلنت مجموعة «ميزوهو» المالية، الخميس، إطلاق صندوق مؤشرات متداولة، وإدراجه في بورصة طوكيو.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

قبل أكثر من مائة عام، بدأت رحلة السعودية ذات المناخ الصحراوي والجاف مع تحلية المياه بآلة «الكنداسة» على شواطئ جدة (غرب المملكة).

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد مستثمر يقف أمام شاشة تعرض معلومات سوق الأسهم السعودية «تداول» في الرياض (رويترز)

قطاعا البنوك والطاقة يعززان السوق السعودية... ومؤشرها إلى مزيد من الارتفاع

أسهمت النتائج المالية الإيجابية والأرباح التي حققها قطاع البنوك وشركات عاملة بقطاع الطاقة في صعود مؤشر الأسهم السعودية وتحقيقه مكاسب مجزية.

محمد المطيري (الرياض)

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
TT

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل

يتعين على ديانا كارلين الانتهاء من تأليف الكتاب الذي تعمل عليه بشأن متعة امتلاك بوتيك لولا ستار، ذلك المتجر الصغير والساحر للغاية في ممشى كوني آيلاند، على مدى السنوات الـ19 الماضية. لكن بدلا من ذلك، انتابت السيدة كارلين حالة من الخوف والتوتر منذ أن عرض عليها مالك المتجر الذي تعمل فيه عقدا جديدا للإيجار منذ عدة أسابيع - تزيد فيه القيمة الإيجارية بنسبة 400 في المائة دفعة واحدة. وقالت: «إنني أتساءل إن كان ينبغي علي أن أطلب لافتات (التوقف عن العمل!)».
وفي الصيف الماضي، كانت كوني آيلاند في حي بروكلين بمدينة نيويورك تزدحم بالباحثين عن الاستمتاع على الشواطئ ومختلف أشكال الترفيه الأخرى، ولكنها تميل لأن تكون أكثر هدوءا في فصل الشتاء. وقبل أكثر من عشر سنوات مضت، تعهدت مدينة نيويورك بإنشاء وجهة سياحية ذات حديقة مائية، وساحة كبيرة، وحلبة للتزلج على الجليد، تعمل على مدار السنة، مع ملايين الدولارات من الاستثمارات السكنية والتجارية.
وفي الأثناء ذاتها، قال مايكل بلومبيرغ - عمدة مدينة نيويورك آنذاك، إنه سوف تتم حماية مطاعم الأكل والمتاجر الرخيصة في المنطقة. وكان مارتي ماركويتز رئيس مقاطعة بروكلين قد أعلن في عام 2005 أن الخطة المزمعة سوف تحافظ على الروعة التي تنفرد بها كوني آيلاند مع روح المحبة والمرح المعهودة. ولكن على غرار الكثير من الخطط الكبرى في مدينة نيويورك، لم تتحقق الرؤية الكاملة للمشروع بعد. فلقد بدت كوني آيلاند خالية بصورة رسمية بعد ظهيرة يوم من أيام يناير (كانون الثاني) الماضي، وصارت بعيدة كل البعد عما تعهدت به إدارة المدينة عن الجاذبية والنشاط على مدار العام كما قالت. إذ تهب الرياح الصاخبة على منشآت مدن الملاهي الشهيرة مثل لونا بارك وستيبلشيز بارك، ولكن لا وجود لحلبة التزلج أو الحديقة المائة، حيث لم يتم إنشاء هذه المنشآت قط.
والآن، وفي مواجهة آلة التحسين التي تتحرك بوتيرة بطيئة للغاية، أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند مجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل. تقول السيدة كارلين: «إنهم يحاولون الآن تحويل ساحة اللعب المخصصة لعوام الناس إلى ملعب خاص بالأثرياء فقط».
وكانت السيدة كارلين، رفقة 5 آخرين من أصحاب الشركات الصغيرة في كوني آيلاند - وهم: ناثان فاموس، وروبي بار آند جريل، وبولز دوتر، ومطعم توم، وبيتش شوب - يتفاوضون على عقود جديدة للإيجار تمتد لمدة 10 سنوات مع شركة «زامبيرلا»، وهي الشركة المالكة للمتنزه الإيطالي التي تعاقدت معها مدينة نيويورك قبل عشر سنوات لبناء وإدارة منطقة لونا بارك الترفيهية في كوني آيلاند، والتي تعد الشركات الصغيرة المذكورة جزءا لا يتجزأ منها.
وجاءت شركة «زامبيرلا» بشروط جديدة: زيادة القيمة الإيجارية من 50 إلى 400 في المائة لكل شركة من الشركات المذكورة. وتقول السيدة كارلين عن ذلك: «إنني أعشق كوني آيلاند، والحصول على هذا المتجر على الممشى السياحي كان من أحب أحلام حياتي. ولكن ليست هناك من طريقة أتمكن بها من تحمل الشروط الجديدة».
وفي رسالة وصلت إلى صحيفة «نيويورك تايمز» من أليساندرو زامبيرلا رئيس الشركة المذكورة، جاء فيها: «نحن نهتم بشؤون كوني آيلاند ومستقبلها، ونحن ملتزمون بتحويلها إلى أقوى مجتمع يمكن بناؤه. وذلك هو السبب في تواصلنا مع المستأجرين لضمان نجاح أعمالهم ضمن المحافظة على شخصية كوني آيلاند المميزة».
ورفض السيد زامبيرلا، الذي كان في رحلة سفر إلى إيطاليا، الإجابة عن أسئلة محددة طرحتها عليه صحيفة «نيويورك تايمز»، غير أنه أضاف يقول إن ثلاثة من أصل ست شركات قد وافقت بالفعل على عقود الإيجار الجديدة ووقعت عليها، وإن الشركات الأخرى تحقق تقدما ملموسا على هذا المسار.
أثارت الزيادات المقترحة في القيمة الإيجارية على الشركات الست الصغيرة حالة من الشد والجذب الشديدة المستمرة منذ سنوات داخل كوني آيلاند.
ففي عام 2009، وبعد مواجهة استغرقت 4 سنوات كاملة حول أفضل خطط إحياء وتجديد المنطقة، ابتاعت المدينة تحت رئاسة مايكل بلومبيرغ 7 أفدنة في منطقة الترفيه المضطربة من المطور العقاري جوزيف سيت مقابل 95.6 مليون دولار.
وأراد مايكل بلومبيرغ استعادة المنطقة إلى سابق عهدها، والتي بدأت تواجه الانخفاض منذ ستينات القرن الماضي، من خلال تعزيز تطوير المتاجر والشقق على طول طريق سيرف في المنطقة. وكانت الشركات التي افتتحت في فصل الصيف تنتقل إلى جدول زمني للعمل على مدار العام، مما يساعد على تعزيز رؤية مايكل بلومبيرغ باعتبار كوني آيلاند أكبر مدينة للملاهي الترفيهية والحضرية في البلاد.
ثم استأجرت شركة «زامبيرلا» الأرض من المدينة، مما أتاح لها افتتاح مدينة لونا بارك الترفيهية في عام 2010، مع إملاء عقود الإيجار الخاصة بالشركة مع أصحاب الشركات الصغيرة، ومطالبة هذه الشركات بتسليم جانب من الأرباح المحققة إلى المدينة.
وتعرضت الشركات العاملة على الممشى السياحي في المنطقة للإغلاق، حيث عجزت عن الاتساق مع الرؤية الجديدة للشركة الإيطالية. وكانت شركات صغيرة أخرى، مثل متجر السيدة كارلين، قد عاد للعمل بعد قرار الإخلاء الذي تعرضت له في عهد المطور العقاري جوزيف سيت.
وبحلول عام 2012، كانت جهود الانتعاش جارية على قدم وساق، وشهدت المنطقة نموا في الجماهير والإيرادات. وقالت السيدة كارلين إنها حققت أرباحا بنسبة 50 في المائة تقريبا بعد تولي شركة «زامبيرلا» مقاليد الأمور.
وقال سيث بينسكي، الرئيس الأسبق لمؤسسة التنمية الاقتصادية، حول المنطقة: «يعتقد أغلب الناس أنه قد جرى تطوير المنطقة لتتوافق مع التاريخ المعروف عن كوني آيلاند». ومع ذلك، فإن منطقة الملاهي لا تعمل على مدار السنة. وقال مارك تريغر، عضو مجلس المدينة الممثل لقطاع بروكلين الذي يضم كوني آيلاند، إنه يعتقد أن الوضع الراهن نابع من ندرة الاستثمارات من قبل مجلس المدينة وعمدة نيويورك بيل دي بلاسيو ضمن أهداف المدينة لعام 2009. وقال السيد تريغر: «لا تعرف الشركات إلى أين تذهب كوني آيلاند في ظل إدارة دي بلاسيو للمدينة. فهناك قصور واضح في الرؤية ولا وجود للخطط الشاملة بشأن تحسين المنطقة». وأضاف أن الوعود غير المتحققة منحت شركة «زامبيرلا» قدرا من النفوذ لإضافة المزيد من الأعباء على المستأجرين للمساعدة في استرداد الأرباح المهدرة. وقال إن هؤلاء المستأجرين قد استثمروا أموالهم هناك تحت فكرة تحول هذه المنطقة إلى وجهة سياحية تعمل طوال العام، مع حركة السير على الممشى طيلة السنة، على العكس من 3 إلى 4 أشهر من العمل فقط في العام بأكمله. ولا يمكن لأحد السماح بتحويل الأراضي العامة إلى سلاح باسم الجشع لإلحاق الأضرار بالشركات الصغيرة.
ولقد أعربت السيدة كارلين رفقة العشرات من العمال الآخرين في كوني آيلاند عن اعتراضهم على زيادة القيمة الإيجارية وذلك بالوقوف على درجات سلم مجلس المدينة في أوائل شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وفي مقابلة أجريت مع صحيفة «نيويورك تايمز»، وصف نورمان سيغيل محامي الحقوق المدنية قرار شركة «زامبيرلا» بأنه غير مقبول تماما، وأضاف أنه ينبغي على عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو التدخل في الأمر. وأضاف المحامي سيغيل أن إدارة مجلس المدينة يجب أن تطالب الشركة الإيطالية طرح شروط إيجارية معقولة، وإذا لم يحدث ذلك، فينبغي على المدينة التفكير جديا في سحب عقد الإيجار من شركة «زامبيرلا»، التي أفادت في محاولة لتحسين النوايا بأنها سوف تمدد الموعد النهائي للسيدة كارلين لتوقيع عقد الإيجار الخاص بها حتى يوم الأربعاء المقبل.
وقالت السيدة كارلين عن ذلك: «يقضي صاحب الشركة عطلته في إيطاليا في حين أنني أبذل قصارى جهدي لمجرد إنقاذ متجري الصغير ومصدر معيشتي الوحيد». ورفض السيد زامبيرلا وأصحاب الشركات الخمس الأخرى التعليق على عقود الإيجار الخاصة بهم، برغم أن الكثير من الشخصيات المطلعة على الأمر أكدوا أن الزيادة تتراوح بين 50 في المائة للمتاجر الكبيرة و400 في المائة لمتجر السيدة كارلين الصغير، والتي قالت إنها تعتقد أن الشركات الأخرى لم تتحدث عن المشكلة علنا خشية الانتقام من الشركة الإيطالية ومخافة قرارات الطرد.
وأضافت السيدة كارلين تقول: للتعامل مع الزيادات المطلوبة في الإيجار قرر أصحاب المتاجر رفع الأسعار، وإن أحد المطاعم أجرى تغييرات للانتقال من مطعم للجلوس وتناول الطعام إلى مطعم للوجبات السريعة للحد من التكاليف.
واستطردت السيدة كارلين تقول: «حاولت تقديم الالتماس إلى مجلس المدينة مرارا وتكرارا من خلال المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني والاحتجاجات خلال الشهر الماضي - ولكن لم يتغير شيء حتى الآن. وقال لها مجلس المدينة إنه غير قادر على المساعدة وليس هناك الكثير مما يمكن القيام به، ولكنني لا أوافق على ذلك، فهم أصحاب الأرض التي يستأجرها منهم زامبيرلا».
وقال المحامي سيغيل إن الزيادات باهظة للغاية لدرجة أنها قد تكون سببا وجيها للتقاضي، وأضاف: «هناك عدد من السوابق القضائية في ذلك إذا قررت المحكمة أن ما تقوم به الشركة غير معقول، ويمكن أن يكون ذلك من المطالب القانونية المعتبرة في حد ذاتها».
وليست هناك مؤشرات عامة في مجلس المدينة بشأن خطط سحب عقد الإيجار من زامبيرلا، أو التدخل، إذ إن زيادة القيمة الإيجارية لا تنتهك الاتفاقية المبرمة بين مجلس المدينة وبين شركة زامبيرلا. ونفت السيدة جين ماير، الناطقة الرسمية باسم عمدة نيويورك، الادعاءات القائلة بأن إدارة المدينة تفتقد للرؤية الواضحة أو الخطة الشاملة حيال كوني آيلاند. وقالت إن المدينة أنفقت 180 مليون دولار على تطوير البنية التحتية في كوني آيلاند خلال السنوات العشر الماضية، مع التخطيط لتوسيع نظام النقل بالعبّارات في نيويورك إلى كوني آيلاند بحلول عام 2021.
وأضافت السيدة ماير تقول: «تلتزم إدارة المدينة بالمحافظة على شخصية كوني آيلاند مع ضمان الإنصاف والمساواة والاستعداد للمستقبل». في حين تساءل المحامي سيغيل: لمن يُخصص هذا المستقبل؟ وهو من مواطني المدينة ونشأ في حي بروكلين، واعتاد قضاء فترات من الصيف على الممشى السياحي هناك، ويتذكر إنفاق دولار واحد لدخول مدينة الملاهي ثم العودة لتناول وجبة العشاء الشهية لدى مطعم ناثان فاموس المعروف، وقال: «علينا مواصلة الكفاح لإنقاذ كوني آيلاند التي نحبها».
- خدمة «نيويورك تايمز»