تونس: الحكم والمعارضة محرجان بعد «زلزال» الاقتراع الرئاسي

سعيد والقروي مستمران في الصدارة والنتائج الرسمية تعلن اليوم... وهيئة الانتخابات تقترح 3 مواعيد للدورة الثانية

متصدر السباق الرئاسي التونسي قيس سعيد في مقر حملته الانتخابية بالعاصمة التونسية أمس (إ.ب.أ)
متصدر السباق الرئاسي التونسي قيس سعيد في مقر حملته الانتخابية بالعاصمة التونسية أمس (إ.ب.أ)
TT

تونس: الحكم والمعارضة محرجان بعد «زلزال» الاقتراع الرئاسي

متصدر السباق الرئاسي التونسي قيس سعيد في مقر حملته الانتخابية بالعاصمة التونسية أمس (إ.ب.أ)
متصدر السباق الرئاسي التونسي قيس سعيد في مقر حملته الانتخابية بالعاصمة التونسية أمس (إ.ب.أ)

تستعد تونس اليوم (الثلاثاء)، لإعلان النتائج الرسمية الأولية للانتخابات الرئاسية التي جرت الأحد، وشكّلت، كما يبدو حتى الآن، ما وُصف بأنه «زلزال» أو «تسونامي سياسي» تمثّل بخسارة منظومة الحكم القائمة حالياً والممثلة في حزب «النداء» وحزب «تحيا تونس» وحركة «النهضة»، وكذلك منظومة المعارضة التي قادها لسنوات تحالف «الجبهة الشعبية» بزعامة حمة الهمامي. ويُتوقع أن تبدأ أحزاب السلطة والمعارضة في الأيام المقبلة درس نتائج الهزيمة الانتخابية المحرجة لأبرز قادتها في الاقتراع الرئاسي لئلا يتكرر السيناريو نفسه في الانتخابات البرلمانية المقررة الشهر المقبل.
ومع تواصل فرز الأصوات حتى مساء أمس، استمر المرشحان قيس سعيد، المستقل، ونبيل القروي، رئيس حزب «قلب تونس»، في تصدر السباق الرئاسي أمام بقية المتنافسين، ما يعني أنهما سيذهبان إلى الدورة الثانية من الاقتراع الذي سيحدد هوية الفائز بمنصب الرئيس المقبل للبلاد.
وفي انتظار الإعلان الرسمي (صباح اليوم) عن النتائج الأولية للانتخابات، تبيّن أنه بعد فرز نسبة 48 في المائة من أصوات الناخبين، احتل قيس سعيد المرتبة الأولى بـ18.8 في المائة من الأصوات تلاه نبيل القروي (المسجون بتهم تهريب ضريبي) بـ15.4 في المائة، ثم عبد الفتاح مورو (حركة النهضة) بـ13.2 في المائة من الأصوات، وهو ما يعني أن الترتيب الخاص بالثلاثة الأوائل من بين المرشحين للرئاسة قد يكون من الصعب أن يتغير، إلا إذا أظهر الفرز أن مدناً أساسية صوّتت بغالبية كبيرة جداً لمصلحة مرشح بعينه.
يذكر أن نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية الأحد كانت ضعيفة، وقُدّرت بنحو 45.02 في المائة داخل تونس وقرابة 19.7 في المائة في الدوائر الانتخابية في دول المهجر، وهي أقل من النسبة المحققة سنة 2014 والمقدرة بـ64 في المائة.
وأعلن فاروق بوعسكر، نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، عن المواعيد المحتملة للدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، مشيراً إلى أنها ستكون إما يوم 29 سبتمبر (أيلول) الحالي أو 6 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وهو تاريخ يتزامن مع الانتخابات البرلمانية، وعلى أقصى تقدير يوم 13 أكتوبر. أما الإعلان الرسمي عن الفائز بمنصب رئيس الجمهورية فمن المنتظر أن يكون يوم 6 نوفمبر (تشرين الثاني). وأوضح بوعسكر في تصريح بقصر المؤتمرات في العاصمة التونسية أن رزنامة الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية مرتبطة بالطعون الموجهة إلى المحكمة الإدارية.
واعتبر زياد كريشان، الإعلامي التونسي، أن نتائج الانتخابات مثّلت «مفاجأة صادمة لأجزاء كبيرة من الرأي العام التونسي»، إذ إن الفائزين في الدورة الأولى من انتخابات 2019 لم يحصلا سوى على نحو ثلث أصوات الناخبين، ما يعني أن ثلثي الناخبين ليسوا سعداء اليوم بالنتيجة، على عكس انتخابات 2014، وهو ما يدعو إلى إجراء «مراجعات عميقة»، على حد تعبيره. وأضاف كريشان أن منظومة الحكم منيت بكل ممثليها بهزيمة نكراء في هذه الانتخابات، فبعد أن كانت تمثّل أكثر من 70 في المائة من أصوات الناخبين في 2014 تراجعت إلى ما دون الثلث في 2019. وهذا الأمر يهم كذلك مرشح «النهضة» عبد الفتاح مورو، وكل الأحزاب والشخصيات المتحدرة من حزب «نداء تونس» في نسخته الأولى، وعلى رأسها وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد.
وفي هذا الإطار، عبّر الشاهد في تصريح إعلامي عن احترامه لـ«نتائج الصندوق»، وأعرب عن الأسف لعدم مرور مرشح من «العائلة الديمقراطية» للدورة الثانية من الانتخابات، معدّاً أن «تشتّت الصف الديمقراطي هو الذي أدى إلى تسجيل هذه النتائج وهي مسؤولية الجميع». ودعا الشاهد إلى الوقوف على مجموعة من الرسائل والاستنتاجات؛ أولاها المشاركة الضعيفة للناخبين وعدم وجود ممثّل عن الصف الديمقراطي في الدور الثاني من الرئاسيات وأسباب تصويت جزء من التونسيين بهذا الشكل. كما دعا التونسيين إلى «التصويت بكثافة في الانتخابات البرلمانية المقبلة حتى لا تترك تونس للمجهول».
وتابع الشاهد: «لا خيار في محطة 6 أكتوبر (تشرين الأول) إلا التوحد حفاظاً على تونس ومستقبلها»، ما يعني أن حركة «تحيا تونس» بزعامة الشاهد ستحاول أن تحقق فوزاً في الانتخابات البرلمانية يعوّض ما خسرته في الانتخابات الرئاسية.
وفي محاولة لتفسير تقدم المرشحين قيس سعيد ونبيل القروي على بقية المرشحين، رغم أن عمليات سبر الآراء لم تكن تعطيهما كثيراً من حظوظ الفوز، فقد اتضح من خلال معطيات أولية أوردتها هيئة الانتخابات أن نسبة 20.4 في المائة من النساء صوتن لفائدة نبيل القروي مقابل 22 في المائة لقيس سعيد. أما الفئات الشابة التي تتراوح أعمارها بين 18 و25 سنة فقد صوتت بكثافة لصالح قيس سعيد، وذلك بنسبة 37 في المائة، فيما لم ينل القروي سوى 8.7 في المائة من أصوات الشباب التونسي. وفي السياق ذاته، صوّت من تجاوزوا 60 سنة من العمر لفائدة القروي وذلك بنسبة 25.4 في المائة.
وعدّت وكالة «رويترز» أن النتائج الجزئية للانتخابات أمس، أكدت التقدم الواضح للمرشحين قيس سعيد أستاذ القانون المحافظ، ونبيل القروي قطب الإعلام المحتجز، وهو تقدم وصفته بأنه «يشبه الزلزال السياسي».
ولفتت «رويترز» إلى أن القروي، الذي يوصف بأنه «برلسكوني تونس»، ظل يستخدم لسنوات قناة تلفزيون «نسمة» التي يملكها والمؤسسة الخيرية التي أسسها بعد وفاة ابنه لتقديم نفسه بطلاً للفقراء ومعوضاً لغياب الحكومة وتقصيرها، بينما يصفه منتقدوه بأنه طموح شعبوي يسعى للمتاجرة بآلام المهمشين والفقراء للوصول إلى كرسي الحكم. وينفي القروي اتهامات التهرب الضريبي وغسل الأموال الموجهة له، ويقول إنه يتعرض لحملة ممنهجة وسياسية يشنها خصمه الرئيسي رئيس الوزراء يوسف الشاهد بهدف إقصائه من السباق الرئاسي. وقال محمد الزعنوني أحد محامي القروي لوكالة الصحافة الفرنسية، إن طلباً للإفراج عنه سيتم تقديمه للقاضي المكلف بملفه خلال الساعات الـ24 المقبلة، موضحاً أن «نبيل القروي يطالب فقط بالإفراج عنه».
ولفتت «رويترز»، من جهتها، إلى أن الثروة الهائلة للقروي وآلته الانتخابية الضخمة تتناقضان تناقضاً صارخاً مع قيس سعيد الذي لم ينفق أموالاً تذكر في حملته الانتخابية، ما جعل تونسيين يتندرون قائلين إن كلفة حملته هي علبة سجائر وفنجان قهوة. وبينما أنفق مرشحون مئات الآلاف من الدولارات على حملاتهم، لم يكن لسعيد لا مدير حملة ولا أي تمويل، بل كان لديه فقط مقر متواضع من 3 غرف في مبنى قديم بوسط العاصمة، وكان يعول على تبرعات متواضعة من متطوعين يدعمونه.
وينتمي سعيد، الذي يتحدث الفصحى دائماً كما لو كان في محاضرة بالجامعة، للطبقة المتوسطة على عكس أغلب الطبقة السياسية. ويقود سيارته القديمة ويقول إنه يفضل البقاء في منزله إذا تم انتخابه بدلاً من الانتقال إلى القصر الرئاسي الفاخر في قرطاج. ويدعم سعيد، صاحب النهج الاجتماعي المحافظ، تطبيق عقوبة الإعدام ويرفض المساواة في الميراث بين الرجال والنساء، ويركز على اللامركزية في الحكم.
وأشارت «رويترز» إلى أن القروي قال في رسالة تلتها زوجته، إن النتيجة كانت بمثابة رسالة لنخبة سياسية يتهمها القروي باستخدام القضاء لمحاولة إسكاته.
وسيمثل فوز القروي بالجولة الأولى صداعاً دستورياً حقيقياً للمؤسسات الحاكمة في تونس وسيزيد التساؤلات بشأن مصير المرشح المسجون. وقالت هيئة الانتخابات إن القروي سيبقى في سباق المنافسة ما دام لم يصدر حكم نهائي يدينه.
وفي الوقت نفسه، قضت 3 محاكم متعاقبة بضرورة بقائه في السجن أثناء مواجهته التهم، رغم شكاوى مراقبي الانتخابات من أن هذا يخل بمبدأ تكافؤ الفرص والمساواة مع بقية المرشحين. ولكن معارضيه يقولون إن استخدامه لقناته التلفزيونية غير قانوني وسبب كافٍ لإبطال ترشحه، بحسب «رويترز». ومن غير الواضح ما إذا كان سيصبح رئيساً قانوناً في حال فوزه في الجولة الثانية أيضاً، أم لا، إذا كان غير قادر على حضور أداء اليمين الدستورية أثناء وجوده في السجن أو إذا كانت الحصانة الرئاسية من المقاضاة ستطبق في قضية قائمة. ولم يتم بعد إنشاء محكمة دستورية يفترض أن تنظر في مثل هذه النزاعات الشائكة.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.