الإسرائيليون إلى صناديق الاقتراع اليوم وسط صراعات حادة

الجيش في حالة تأهب... و19 ألف شرطي لمنع «تشويشات وصدامات»

TT

الإسرائيليون إلى صناديق الاقتراع اليوم وسط صراعات حادة

للمرة الثانية خلال 5 أشهر يتوجه الناخبون الإسرائيليون، اليوم الثلاثاء، إلى 10 آلاف و700 صندوق اقتراع، لانتخاب 120 نائباً في الكنيست (البرلمان)، وسط أجواء توتر شديد وصراعات حادة. وقد اتخذت الشرطة الإسرائيلية إجراءات خاصة ليوم الانتخابات لمنع «تشويشات وصدامات»، وأعلنت أنها ستنشر نحو 18 ألفاً و800 عنصر من الشرطة العادية ومقاتلي حرس الحدود، إلى جانب آلاف الحراس المدنيين والمتطوعين، لضمان سير العملية الانتخابية من دون عراقيل.
وبموازاة ذلك، أعلن الجيش عن حالة تأهب قصوى، وقال إنه «رغم الهدوء النسبي في الجبهات العسكرية المختلفة، فقبيل يوم الانتخابات وفي أثنائه، ستبقى حالة التأهب العملياتية عالية». وقال إنه «رغم عدم إطلاق صواريخ من قطاع غزة، في الأيام الأخيرة، فإن الجيش الإسرائيلي لا يأخذ مخاطرات زائدة ويستعد لإمكانية أن تحاول إحدى منظمات الإرهاب في القطاع، (مع التشديد على الجهاد الإسلامي)، تنفيذ عملية. لهذا السبب، منذ الآن يوجد انتظام واسع في منظومة الدفاع الجوي وبطاريات (القبة الحديدية) الكثيرة المنتشرة في مناطق مختلفة في البلاد». ويشمل الاستعداد الدفاعي المعزز أيضاً الجبهة الشمالية، مع لبنان ومع هضبة الجولان، «وحالة التأهب العملياتية لمواجهة كل سيناريو محتمل عالية».
وتقرر إغلاق الضفة الغربية ابتداء من ليلة أمس الاثنين، وحظر دخول الفلسطينيين إلى إسرائيل «إلا في حالات شاذة ولأغراض إنسانية».

وتخوض هذه المعركة الانتخابية 30 قائمة، وفي الانتخابات الأخيرة التي جرت في 9 أبريل (نيسان) الماضي، شاركت 41 قائمة. ويتركز التنافس بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يترأس معسكر اليمين المتطرف، وبين قائمة «كحول لفان» التي تضم «حزب الجنرالات» بقيادة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق، بيني غانتس. ففي حين يحاول فيها نتنياهو الحفاظ على كرسيه في رئاسة الحكومة، بوصفه ضمانة وحيدة للتهرب من السجن، بسبب اقتراب موعد توجيه لوائح اتهام ضده، يخوض غانتس معركة باسم مؤسسات الدولة العميقة، وفي مقدمتها الجيش والمخابرات، لحماية سلطة القانون وصيانة المكاسب الاستراتيجية للدولة العبرية التي يرونها في حالة خطر.
ويخوض غانتس الانتخابات ضمن حزب جديد يضم 3 رؤساء أركان سابقين للجيش، هم: موشيه يعلون (الذي كان وزير الدفاع في حكومة نتنياهو)، وغابي أشكنازي، ورئيس أركان الجيش الأسبق شاؤول موفاز الذي كان قد جرب حظه في السياسة وبلغ منصب وزير الدفاع في حكومة أرييل شارون سنة 2002، ونافس على رئاسة الحكومة وفشل. وكذلك الجنرال عاموس يدلين، الرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، الذي رشحه حزب العمل في الانتخابات الماضية وزيراً للدفاع، والجنرال آفي مزراحي، قائد «لواء المركز» السابق في الجيش الإسرائيلي، والجنرال أورنا بربيباي، أول امرأة تصل إلى هذه الرتبة وتحتل مقعداً في رئاسة هيئة الأركان. وهو يحظى أيضاً بتأييد عدد من قادة الليكود السابقين، أمثال بيني بيغن، نجل الزعيم التاريخي للحزب، مناحيم بيغن، ودان مريديور، نجل أحد المؤسسين الذي خدم في حكومة نتنياهو وزيراً لشؤون المخابرات، وميخائيل إيتان، الذي كان وزيراً في حكومة نتنياهو، ويعبر جميعهم عن مشاعر القلق من التدهور في القيم اليمينية الليبرالية لليكود في زمن نتنياهو.
وإلى طرفي الخريطة الحزبية، تتنافس أحزاب عدة؛ بعضها صغير يريد أن يكبر، وبعضها كبير وتقلص؛ مثل حزب العمل، مؤسس الدولة الذي يصارع من أجل تجاوز نسبة الحسم، البالغة 3.25 في المائة. ويبدو العدو الأول والمشترك لكل الأحزاب، في هذه المرة، هو خطر نكوص الناس عن المشاركة في التصويت. ففي الانتخابات الأخيرة قبل 5 أشهر، هبطت نسبة التصويت من 74 في المائة (في 2015) إلى 68 في المائة. وقد خرج كل من نتنياهو وغانتس إلى الجمهور في الليلة قبل الماضية يستغيثان؛ كل منهما يؤكد أنه يتوقع الهزيمة، حتى يستفز الجمهور ويخرج إلى صناديق الاقتراع.

- العرب يتوحدون
ويعاني الناخبون العرب بشكل خاص من انخفاض نسبة التصويت. ففي حين تحمس العرب سنة 2015، عندما تشكلت لأول مرة «القائمة المشتركة» من 4 أحزاب وطنية، وارتفعت نسبة التصويت بينهم من 53 في المائة إلى 64 في المائة فحصلت القائمة على 13 مقعداً، هبطت نسبة التصويت إلى حدها الأدنى (49 في المائة) في الانتخابات الأخيرة (أبريل الماضي)، بسبب تفسخ «القائمة المشتركة».
ولكن الأحزاب العربية أبدت وعياً إزاء خطأ الانقسام وعادت لتوحيد كلمتها بتشكيل «القائمة المشتركة» من جديد. وهناك حملة دعائية وحزبية لرفع نسبة التصويت من جديد بين العرب، تقودها ليس فقط «القائمة المشتركة»، بل أيضاً أحزاب اليسار والوسط الإسرائيلية. فقد أدركوا أن رفع نسبة التصويت لدى العرب يمكنه أن يصعب على نتنياهو الفوز في الانتخابات. فالليكود لا يحصل على زيادة أصوات إلا من معسكره. وغانتس لا يحصل على أصوات إلا من معسكر اليسار والوسط. بينما «القائمة المشتركة» تحصل على الأصوات في الأساس من المواطنين العرب الذين يقاطعون الانتخابات (51 في المائة من أصحاب حق الاقتراع). وكل زيادة يحققونها ستكون زيادة صافية لمعسكر الوسط واليسار.
ولذلك، وبقدر ما بات رفع نسبة التصويت بين العرب، مهمة مقدسة لجميع القوى العربية واليسارية والوسطية، فإنه يشكل خطراً على معسكر اليمين ورئيسه بنيامين نتنياهو. وهو إلى جانب معركته على أصوات الناخبين اليهود، يدير حملة عنصرية صريحة تستهدف إبعاد الناخبين العرب عن الصناديق. فحاول فرض قانون لنصب كاميرات في الصناديق وفشل، وأدار حملة تحريض على «القائمة المشتركة» والعرب عموماً.
وتقدم حزب الليكود، أمس، بشكوى إلى رئيس لجنة الانتخابات المركزية، القاضي حنان ميلتسر، ليمنع جمعية أهلية يهودية عربية تدعى «ززيم»، من تنظيم جلب المصوتين في النقب إلى صناديق الاقتراع. وقد وافق القاضي على الطلب ومنع الجمعية من هذا النشاط.
وكشفت مصادر سياسية عن خطة وضعها نتنياهو وسيستخدمها في الساعة الرابعة والنصف من بعد ظهر اليوم، للخروج بدعوات على الشبكات الاجتماعية إلى المواطنين اليهود مضمونها: «العرب يتدفقون إلى الصناديق بعشرات الآلاف، وأنتم تتركون الدولة لهم. اخرجوا للتصويت. امنحوا صوتكم لنتنياهو».

- الانتخابات الإسرائيلية في أرقام
> يبلغ عدد من يحق لهم الاقتراع في إسرائيل 6 ملايين و394 ألفاً و720 ناخباً.
> يدلي الناخبون بأصواتهم في 10 آلاف و720 مركز اقتراع، بينها 191 صندوق اقتراع في المستشفيات، و58 في السجون والمعتقلات، و96 صندوق اقتراع في الممثليات الدبلوماسية يصوت فيها الدبلوماسيون والمبعوثون الحكوميون فقط، وهناك 643 صندوقاً للجيش وحده، وقد باشر الجنود عملية الاقتراع في مساء السبت الأخير.
> يبلغ عدد القوائم الحزبية التي سجلت في بداية المعركة الانتخابية 32 قائمة، ولكن اثنتين منها انسحبتا. نسبة الحسم تبلغ 3.25 في المائة من الأصوات الصحيحة، ما يعني أن كل حزب يحتاج إلى نحو 140 - 150 ألف صوت حتى يعبر نسبة الحسم، وعليه فإن غالبية هذه القوائم ستسقط. ومن يفوز منها سيتوزع على 120 مقعداً.
> مع أن المواطنين العرب (فلسطينيي 48) يشكلون نسبة 18.5 في المائة من السكان، فإنهم يشكلون نسبة 15 في المائة من الناخبين، إذ إن نصف عدد السكان في جيل يقل عن 18 عاماً، ولا يحق لهم الاقتراع. وعليه يستطيع العرب إدخال 18 نائباً إلى الكنيست. لكن نسبة التصويت لديهم تكون عادة منخفضة (في انتخابات 2013 بلغت 54 في المائة وارتفعت في عام 2015 إلى 63 في المائة بسبب توحيد صفوفهم في قائمة مشتركة، ثم هبطت إلى 49 في المائة بسبب الخلافات). وتضم «المشتركة» كلاً من: «الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة» برئاسة أيمن عودة، و«العربية للتغيير» برئاسة أحمد الطيبي، و«الحركة الإسلامية» برئاسة منصور عباس، و«حزب التجمع الوطني» برئاسة أمطانس شحادة. وهناك قائمتان أخريان صغيرتان لا تمنحهما الاستطلاعات سوى بضعة ألوف قليلة من الأصوات لا تتيح تجاوز نسبة الحسم ودخول الكنيست، إحداهما «حزب الوحدة الشعبية» برئاسة البروفسور أسعد غانم، وحزب «كرامة ومساواة» برئاسة الصحافي محمد السيد.

* في نهاية الأسبوع نشر استطلاع رأي في جامعة تل أبيب يقول إن نسبة التصويت عند العرب سترتفع إلى 56 في المائة، وسيصوت 80 في المائة منهم لـ«القائمة المشتركة» و3.3 لقائمة غانم و3.1 في المائة لقائمة السيد، والباقون، 17 في المائة، سيصوتون للأحزاب اليهودية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».