نتنياهو أراد شن حرب على غزة الأسبوع الماضي لكن المستشار القضائي منعه

انتقاماً من إطلاق صاروخ على أسدود خلال اجتماعه الانتخابي

عمليات تدريب على علاج عدد كبير من المصابين جرت في مستشفى جنوب غزة أمس (رويترز)
عمليات تدريب على علاج عدد كبير من المصابين جرت في مستشفى جنوب غزة أمس (رويترز)
TT

نتنياهو أراد شن حرب على غزة الأسبوع الماضي لكن المستشار القضائي منعه

عمليات تدريب على علاج عدد كبير من المصابين جرت في مستشفى جنوب غزة أمس (رويترز)
عمليات تدريب على علاج عدد كبير من المصابين جرت في مستشفى جنوب غزة أمس (رويترز)

كشفت مصادر سياسية لصحيفة «هآرتس»، أمس الاثنين، عن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أراد الانتقام من القصف على أسدود خلال خطابه الانتخابي في الأسبوع الماضي، لكنه تراجع في اللحظة الأخيرة، وأن العملية العسكرية التي أرادها كانت ذات طابع استثنائي، من النوع الذي كان يمكن أن تكون له تداعيات بعيدة المدى. وقد اضطر نتنياهو لإيقافها في أعقاب رأي المستشار القانوني للحكومة، أفيحاي مندلبليت، الذي اعتقد أن القرار يجب أن يتخذ بمصادقة «الكابنت»؛ (المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن والسياسة في الحكومة).
وقال محرر الشؤون العسكرية في الصحيفة، تسفي بارئيل، إن النقاش الدراماتيكي في الموضوع بدأ مساء يوم الثلاثاء الماضي؛ أي بعد بضع ساعات من الحدث الصادم الذي مرّ على نتنياهو. فقد كان يخطب في مهرجان انتخابي عندما أطلقت على المدينة صواريخ «غراد» من قطاع غزة. فأطلقت صافرات إنذار قيادة الجبهة الداخلية، فقطع نتنياهو خطابه ونزل عن المنصة، كما طلب منه حراسه، وفرّ إلى مكان آمن، بينما بقي في القاعة مئات المشاركين في اللقاء. وقد تمكنت بطارية «القبة الحديدية» من اعتراض الصاروخ، وعاد نتنياهو إلى إلقاء خطابه.
في أعقاب الحادثة تعرض نتنياهو لانتقاد سياسي شديد من خصومه. رؤساء «أزرق أبيض» اتهموه بالتخلي عن مؤيديه، والوزير السابق نفتالي بينيت (يمين) قال إن الإطلاق كان «إهانة وطنية».
ويروي بارئيل أنه «عند عودة نتنياهو من أسدود أجرى مشاورات محمومة مع رؤساء الأجهزة الأمنية بمقر وزارة الدفاع في تل أبيب. في نهاية اللقاء نشر مكتب رئيس الحكومة صورة من جلسة النقاش ظهر فيها نتنياهو ورئيس الأركان أفيف كوخافي، ورئيس الشاباك (المخابرات العامة) نداف إرغمان، ورئيس الموساد (المخابرات الخارجية) يوسي كوهين، ورئيس مجلس الأمن القومي مائير بن شبات، ورئيس الاستخبارات العسكرية الجنرال تمير هايمن، والسكرتير العسكري لنتنياهو العميد آفي بلوت. وجوههم كانت متكدرة، ومكتب نتنياهو لم ينشر أي تفاصيل عن المشاورات. ولكن بعد بضع ساعات هاجم سلاح الجو أهدافاً عسكرية لحماس في القطاع. وقد كان الهجوم أوسع بقليل من عمليات قصف أخرى في الفترة الأخيرة، لكن لم تكن فيها أي إصابات، ومشكوك فيما إذا كانت قد أحدثت تغييراً حقيقياً في الوضع في القطاع أو أنها عززت ردع إسرائيل إزاء قيادة (حماس) في غزة. ولكن، بأثر رجعي، يتبين أن رد إسرائيل المحدود مرتبط بتحفظ عدد من كبار الشخصيات في جهاز الأمن على طبيعة العملية، لكن عاملاً مهماً في القرار ينبع من موقف المستشار القانوني مندلبليت الذي لم يحضر النقاش. ولكنه كان مشاركاً في المحادثات الهاتفية التي استمرت في يوم الأربعاء أيضاً». وقال: «حسب معرفتنا، النقاش الأساسي تركز على طبيعة الرد المطلوب بعد إطلاق الصاروخ نحو أسدود (أطلق صاروخ آخر نحو عسقلان) الذي نسب إلى (الجهاد الإسلامي). يوجد لهذا التنظيم آلاف النشطاء العسكريين في القطاع مزودين بآلاف الصواريخ، وقيادة المنظمة توجد في دمشق».
ويتضح أن رفض المستشار القضائي تنفيذ عملية واسعة، ارتكز على قانون الأساس: «الحكومة»؛ ففي شهر أبريل (نيسان) 2018 صادق الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، على تعديل هذا القانون في المادة «40»، التي تنص على أنه مطلوب مصادقة الحكومة على أي قرار حول عملية عسكرية مهمة يمكن أن تؤدي إلى حرب بمستوى معقولية شبه مؤكد.
الحكومة من ناحيتها يحق لها أن تفوض هذا الحق للجنة الوزارية للأمن القومي (الكابنت). وتذكر الصحيفة أنه «خلال عملية التشريع نشب خلاف كبير. الليكود برئاسة نتنياهو طلب إجازة مادة في القانون تمكن أيضاً رئيس الحكومة ووزير الدفاع من اتخاذ قرار مصيري كهذا في حالات خاصة بشكل انفرادي. أعضاء كنيست من المعارضة، في جهد قاده عضو الكنيست عوفر شيلح، الذي كان في حينه في حزب (يوجد مستقبل)؛ (اليوم أزرق - أبيض)، عارضوا هذه العملية. أيضاً الوزير نفتالي بنيت والوزيرة أييلت شكيد عارضا، وفي نهاية المطاف تم حذف المادة الإضافية من مشروع القانون. لذلك، ينص القانون الحالي على أن قراراً من هذا النوع يجب أن يجتاز مصادقة (الكابنت). هذا هو الادعاء الذي عرضه مندلبليت على نتنياهو، والذي بحسبه توجد حاجة إلى إشراك (الكابنت) في القرار، وعلى الوزراء سماع رأي رئيس الأركان قبل اتخاذ القرار». في نهاية المطاف، حسب أقوال عدد من المصادر التي تحدثت مع «هآرتس»، «أجّل نتنياهو نيته إصدار الأمر بشأن عملية واسعة. يمكن الافتراض أن موقف المستشار القانوني كان منسقاً مع رؤساء الأجهزة الأمنية».
يذكر أن نتنياهو كان قد أعلن في مقابلات صحافية عدة، مؤخراً، أنه سيصدر أوامر بشن حرب ضد «حماس» في قطاع غزة بعد الانتخابات، إذا لم يكن هناك خيار آخر. وتباهى بأنه يدير السياسة بصورة مسؤولة، وأنه سيختار الحرب فقط بوصفها خياراً أخيراً.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.