الجيش الليبي يكثف هجومه لـ«تحرير طرابلس»

السراج يلتقي قادة قواته... ومسؤول عسكري : معركة العاصمة قاربت على نهايتها

TT

الجيش الليبي يكثف هجومه لـ«تحرير طرابلس»

كشف مسؤول بارز في الجيش الوطني الليبي لـ«الشرق الأوسط» أن المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، بصدد إصدار تعليماته النهائية لقواته في مختلف محاور القتال في العاصمة طرابلس بتنفيذ «المرحلة الأخيرة» من الهجوم الذي بدأه منذ الرابع من أبريل (نيسان) الماضي لتحريرها من قبضة الميليشيات المسلحة الموالية لحكومة الوفاق، برئاسة فائز السراج.
وقال المسؤول، الذي طلب عدم تعريفه، إن عملية تحرير طرابلس «قاربت على نهايتها»، لافتاً إلى أن قوات الجيش تعتزم خلال وقت قريب شن ما وصفه بـ«هجوم شامل غير مسبوق». وأوضح أن «قوات الجيش تتأهب لشن هجوم هو الأكبر من نوعه» منذ أن بدأ الجيش تحركه نحو العاصمة قبل نحو 6 أشهر، دون كشف مزيد من التفاصيل.
وأضاف أن «قوات الجيش الوطني حققت تقدماً كبيراً خلال الساعات الماضية»، مشيراً إلى قصف جوي خلال الساعات الماضية على «قواعد الطيران المسير من مطاري معيتيقة وسرت»، لافتاً إلى أنه على مدى اليومين الماضيين تمكنت قوات الجيش من إلحاق «خسائر كبيرة بصفوف الميليشيات».
وكان اللواء أحمد المسماري، الناطق باسم الجيش الوطني، قد أعلن أن قواته تعتزم تكثيف هجومها، وتصعيد عملياتها، لتحرير طرابلس. وطالب، في مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس في مدينة بنغازي (شرق البلاد)، سكان العاصمة بـ«الابتعاد عن تجمعات المسلحين ومقرات تخزين السلاح». وقال إن تركيا «تواصل دعم الميليشيات الإرهابية في طرابلس، خصوصاً الدعم العسكري بالطائرات المسيّرة»، مشيراً إلى قيامها بتدشين خطين مفتوحين، جواً وبحراً، مع مدينة مصراتة (غرب البلاد).
وميدانياً، أعلن بيان للمركز الإعلامي في «غرفة عمليات الكرامة» في الجيش الوطني شن ضربات عدة على مواقع لميليشيات موالية لحكومة الوفاق في طرابلس، من بينها «غرفة عمليات تركية موجودة بمطار معيتيقة».
وفي المقابل، اتهمت عملية «بركان الغضب»، التي تشنها القوات الموالية للسراج، قوات الجيش الوطني بقصف مطاري معيتيقة وسرت، مشيرة في بيان لها إلى أن الطيران المسيّر استهدف صباح أمس مواقع لقوة حماية وتأمين سرت. ونعت القوة الموالية للسراج في سرت اثنين من عناصرها قتلا في هذا القصف، بينما قال ناطق باسمها إنه أسفر أيضاً عن إصابة 11 آخرين، في حصيلة أولية لثلاث غارات جوية استهدفت مواقعها.
ولليوم الثاني على التوالي، تعرضت أمس قوات تابعة لحكومة السراج في مدينة سرت للقصف، حيث قال سكان إن ضربات نُسبت للجيش شُنت في الأيام القليلة الماضية على مشارف المدينة التي تقع على مسافة 450 كيلومتراً شرق طرابلس، ولكن ليس في وسطها.
ومن جانبه، بحث السراج الذي ما زال يعد نفسه بمثابة القائد الأعلى للجيش الليبي، في اجتماع نادر عقده مساء أول من أمس مع كبار قادته العسكريين، تطورات الأوضاع الميدانية في مناطق القتال، وما تم اتخاذه من إجراءات لدعم القوات العسكرية بما يتناسب ومهام المرحلة الجديدة من «خطة المواجهة ودحر العدوان». وبحسب بيان لمكتب السراج، تطرق الاجتماع إلى آليات العمل، والتنسيق بين القوى العسكرية المختلفة ومحاور وخطوط القتال.
كما التقى السراج مساء أول من أمس، بحضور رئيس الأركان وآمري المناطق العسكرية، مع قادة محاور عملية «بركان الغضب»، ورأى أن «الحرب تدخل شهرها السادس ونحن أكثر قوة، والنصر بات قريباً»، وأشار إلى أن «انتصارات المعارك العسكرية تمهد الطريق إلى السلام».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».