بايدن يحذّر من «إرهاب الاستعلاء الأبيض»

في خطاب بكنيسة للسود

TT

بايدن يحذّر من «إرهاب الاستعلاء الأبيض»

في خطاب شبه ديني هادئ بكنيسة تاريخية للسود في برمنغهام (ولاية ألاباما)، حذّر جو بايدن، النائب السابق للرئيس السابق باراك أوباما، وهو من قادة المرشحين لرئاسة الجمهورية باسم الحزب الديمقراطي، من «إرهاب الاستعلاء الأبيض».
وربط بايدن بين هذا «الإرهاب» وبين الجماعات العنصرية البيضاء المعادية للسود، مثل «كوكلس كلان». ووصفها بأنها كانت «جمعيات إرهابية»، وحذر من عودتها.
أمس الاثنين، قالت صحيفة «برمنغهام تايمز» التي تصدر في المدينة، إن خطاب بايدن صادف مرور 56 عاماً على هجوم للمتطرفين البيض على الكنيسة نفسها، تسبب في قتل 4 فتيات سوداوات.
وقال بايدن في خطابه: «كان الإرهاب الداخلي المتمثل في تفوق البيض هو الخصم الأول لمُثلنا الأميركية العليا، وكان ذلك من قبل تأسيس الولايات المتحدة. كان رعاع تعليق السود في فروع الأشجار، وحرق كنائس السود، وقذف القنابل على تجمعات السود، هم الذين لطّخوا تاريخنا لمئات السنين».
وأضاف: «كما نعرف جميعاً في الوقت الحاضر، هذا العنف لم يعش فقط في الماضي، ومضى مع الماضي، بل ظلت هذه الآيدولوجية السامة تعيش وسطنا، وتنفث كراهيتها من وقت لآخر».
وأشار بايدن إلى حوادث مثل الهجوم على الكنيسة التي تحدث فيها، وإلى هجوم على كنيسة للسود قبل 3 سنوات في شارلستون (ولاية ساوث كارولاينا)، وهجوم على معبد يهودي خلال العام الماضي في بتسبيرغ (ولاية بنسلفانيا)، والهجوم قبل 3 أشهر في «إل باسو»؛ (ولاية تكساس)، حيث استهدف عنصري أبيض المهاجرين من المكسيك.
وقال بايدن: «لم نمسح العنصرية و(التفوق الأبيض) من صفحات التاريخ».
وأشار بايدن إلى أن الزعيم الأسود القس مارتن لوثر كينغ كان جاء إلى الكنيسة نفسها، وتحدث عن الهجوم عليها، وعن قتل الفتيات السوداوات الأربع. وتحدث بايدن عن يوم احتفال الرئيس باراك أوباما، الذي كان بايدن نائباً له خلال 8 سنوات، بالفتيات الأربع، عندما منح أسماءهن «وسام الحرية»، أعلى الأوسمة الأميركية.
وقال بايدن: «دائماً يأتي التغيير، أحياناً خطوة بعد خطوة، وأحياناً مرة واحدة».
وقالت صحيفة «برمنغهام تايمز» إن بايدن «ربما لا يحتاج إلى أصوات السود لأنهم ظلوا دائماً يؤيدون الحزب الديمقراطي، ولكن، يحتاج بايدن إلى أصوات البيض، وليذكرهم بالذين لطّخوا سمعتهم عبر تاريخهم».
وأشارت الصحيفة إلى أن بايدن، حتى قبل أن يختاره أوباما نائباً له، كان من الديمقراطيين الليبراليين... ولد عام 1942، وأصبح محامياً عام 1969، وانتخب لمجلس نواب ولاية ديلاوير، ثم في مجلس الشيوخ الأميركي. وأصبح سادس أصغر سيناتور في تاريخ الولايات المتحدة. وأعيد انتخابه لمجلس الشيوخ 6 مرات. وكان رابع أكثر عضو أهمية في مجلس الشيوخ عندما استقال ليتولى منصب نائب أوباما.
لكنه، خلال الحملة الانتخابية الحالية، يواجه انتقادات، حتى من منافسيه الديمقراطيين، بسبب كبر سنه، لكنه يظل على رأس قائمة المنافسين. وأمس الاثنين، قال تلفزيون «سي إن إن»، حسب استطلاع أجراه خلال عطلة نهاية الأسبوع، إن بايدن سيهزم ترمب، إذا أجريت الانتخابات الآن؛ «بسهولة».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.