البطالة تتفشى بمستوى قياسي في تركيا

معدلها قفز إلى 13 % تأثراً بالأزمات الاقتصادية

في ظل أزمة اقتصادية كبيرة... قفزت البطالة في تركيا إلى مستوى غير مسبوق منذ عام 2002 (رويترز)
في ظل أزمة اقتصادية كبيرة... قفزت البطالة في تركيا إلى مستوى غير مسبوق منذ عام 2002 (رويترز)
TT

البطالة تتفشى بمستوى قياسي في تركيا

في ظل أزمة اقتصادية كبيرة... قفزت البطالة في تركيا إلى مستوى غير مسبوق منذ عام 2002 (رويترز)
في ظل أزمة اقتصادية كبيرة... قفزت البطالة في تركيا إلى مستوى غير مسبوق منذ عام 2002 (رويترز)

قفز معدل البطالة في تركيا إلى 13 في المائة خلال يونيو (حزيران) الماضي، بزيادة 2.8 في المائة مقارنة بالفترة المقابلة مع العام الماضي، مدفوعاً بأثر أزمة الليرة على النشاط الاقتصادي في البلاد. ويعدّ هذا المعدل الأعلى منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم في 2002، باستثناء زيادة حادة حدثت خلال الأزمة الاقتصادية العالمية في عام 2008. ويبلغ معدل البطالة في القطاعات غير الزراعية 15 في المائة.
وقالت هيئة الإحصاءات التركية، في بيان، أمس الاثنين: «عدد العاطلين عن العمل في السوق التركية بلغ 4.253 مليون شخص، بزيادة بلغت نحو 938 ألف شخص مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي».
وعانت تركيا بداية من أغسطس (آب) 2018 من أزمة مالية ونقدية حادة دفعت بأسعار صرف الليرة التركية لمستويات متدنية، وسط تذبذب في وفرة النقد الأجنبي في الأسواق الرسمية. وتراجع سعر صرف الليرة التركية إلى 7.24 مقابل الدولار في أغسطس العام الماضي، مقارنة بـ4.8 ليرة للدولار قبل الأزمة.
وسجلت الليرة التركية انخفاضاً جديداً أمس بنسبة 0.7 في المائة بعد انتعاش لم يدم طويلاً بعد قرار البنك المركزي، الخميس الماضي، بخفض حاد جديد لأسعار الفائدة بلغ 3.25 في المائة ليصل سعر الفائدة الرئيسي إلى 16.5 في المائة بعد أن كان 24 في المائة، حيث سبق أن أجرى البنك خفضاً سابقاً في 25 يوليو (تموز) الماضي بنسبة 4.25 في المائة.
وتم تداول الليرة التركية أمس عند 5.73 ليرة مقابل الدولار، بينما كانت تراجعت بعد قرار البنك المركزي إلى 5.67 ليرة للدولار.
ووفق التقرير، بلغ معدل البطالة غير الزراعية 15.3 في المائة بزيادة قدرها 3.2 في المائة، مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي.
في المقابل، بلغ معدل بطالة الشباب؛ بمن فيهم الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً، نحو 24.8 في المائة مع زيادة 5.4 في المائة مقارنة مع يونيو 2018. بينما بلغ معدل البطالة وسط الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و64 عاماً، نسبة 13.3 في المائة مع زيادة 2.9 في المائة على أساس سنوي.
وانخفض عدد العاملين في سوق العمل التركية بواقع 802 ألف شخص إلى 28.5 مليون حتى يونيو الماضي، مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق، وحُدّث معدل التوظيف بنسبة 46.4 في المائة مع انخفاض اثنين في المائة. وانخفضت أعداد العمالة الزراعية بمقدار 232 ألف شخص، فيما انخفض عدد العمالة غير الزراعية بمقدار 569 ألف شخص حتى يونيو الماضي.
وإجمالاً، بلغ عدد الأشخاص في «القوى العاملة» (العاملون والعاطلون عن العمل)، نحو 32.7 مليون شخص بزيادة 137 ألف شخص مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق. وبلغ معدّل البطالة في تركيا 12.8 في المائة خلال مايو (أيار) الماضي. وانخفض حجم المشاركة في القوة العاملة قليلاً إلى 52.9 في المائة خلال مايو، مقارنة مع 53.2 خلال الشهر ذاته من العام الماضي. ونصف السكان تقريباً خارج سوق العمل حالياً؛ منهم نحو 23 في المائة في القطاع غير الزراعي، بينما 88 في المائة يعملون في القطاع الزراعي في وظائف غير مسجلة.
وفي المجمل، فإن 33 في المائة من العمال في تركيا يعلمون في الاقتصاد غير الرسمي، وهو ما يُصعّب على الحكومة مهمة تحقيق أهدافها المالية.
وأغلق نحو 18 ألف شركة في العام الماضي نتيجة أزمة الليرة التركية، وينتظر أن تضاف ألف شركة جديدة إلى هذا العدد خلال العام الحالي؛ بحسب تقارير اقتصادية لمؤسسات اقتصادية دولية. ويعدّ انخفاض حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في تركيا أحد مصادر القلق. فقد بلغ حجم الاستثمار الأجنبي المباشر ذروته عام 2007 عند 22 مليار دولار، لكنه هبط إلى 13 مليار دولار العام الماضي. وجزء كبير من هذا الاستثمار يأتي حالياً من الشرق الأوسط وروسيا ودول أخرى غير غربية، على نقيض العِقد السابق.
ورصدت ميزانية العام الحالي (2019) ما قيمته 178 مليار دولار لإجمالي حجم الإنفاق العام، بينما تتوقع إيرادات بقيمة 163 مليار دولار. ومعنى هذا أنه من المتوقع أن تقترض الخزانة نحو 15 مليار دولار، وهو ما حدث بالفعل بحلول يونيو الماضي.
ووصل إجمالي حجم الدين الخارجي المستحق على تركيا خلال العام الحالي إلى 453 مليار دولار، بما في ذلك 119 مليار دولار ديون مستحقة الدفع في الأجل القصير. وهناك ديون خارجية بنحو 334 مليار دولار مستحقة على القطاع الخاص، ويصل حجم القروض قصيرة الأجل من الديون المستحقة على القطاع الخاص إلى 90 مليار دولار. في الوقت ذاته، فإن إجمالي حجم ديون القطاع العام قصيرة الأجل وصلت إلى 24 مليار دولار.
وتسعى الحكومة التركية إلى أن يقوم بعض البنوك بشطب قروض قدمت إلى بعض مشروعات الطاقة في إطار خطة أكبر لتطهير ميزانيات مؤسسات الإقراض، في محاولة تهدف إلى تعزيز الائتمان في اقتصاد البلاد المتعثر.
وذكرت وكالة «بلومبرغ» الأميركية، في تقرير، أن هيئة الرقابة على القطاع المصرفي في تركيا تريد أن يتم تصنيف ائتمانات مقدمة إلى ما لا يقل عن 3 محطات للطاقة الكهربائية تعمل بالغاز، على أنها قروض متعثرة السداد.
وكانت بنوك «غارانتي» و«إيش» و«أك» و«دنيز» و«يابي كريدي» التركية، و«البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية»، من البنوك التي قامت بتقديم قروض لتلك المشروعات. وبلغ إجمالي القروض الأصلية المقدمة للمشروعات الثلاثة نحو 1.9 مليار دولار.
وأقر مسؤول بوزارة الخزانة والمالية التركية بأن السلطات تعمل على إعداد خطة لتطهير ميزانيات البنوك، وقال إنه سيتم الإعلان عن تفاصيل الخطة في وقت لاحق، بحسب الوكالة.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.