مصر تتوسع في تسلم المطلوبين أمنياً من دول الجوار

مدين يصل من السودان... وليبيا سلّمت عشماوي... والتحقيق مع خلية الكويت

TT

مصر تتوسع في تسلم المطلوبين أمنياً من دول الجوار

في غضون خمسة أشهر تقريباً، توسعت مصر في عمليات تسلم المطلوبين أمنياً في قضايا ذات صلة بـ«الإرهاب»، من دول جوار مباشر أو أخرى ترتبط معها بعلاقات جيدة، فمن هشام عشماوي الذي سلمته ليبيا، مروراً بـ15 متهماً ضمن العملية التي باتت تُعرف بـ«خلية الكويت»، ووصولاً إلى مدين حسنين الذي ينتظر وصوله من السودان. وترتبط مصر وغالبية الدول العربية باتفاقيات لتسليم وتسلم المطلوبين، غير أن تفعيلها يظل رهناً بمدى قوة العلاقات الثنائية والدبلوماسية.
ويبرز اسم المطلوب الهارب إلى السودان، مدين إبراهيم محمد حسنين، ضمن أحدث من طالتهم عمليات ضبط المدانين خارج البلاد، وتترقب مصر وصوله، إذ صدر بحقه حكم مشدد في جرائم قتل وأعمال عنف ضد ضباط الشرطة. وبحسب ما أفادت به وسائل إعلام محلية سودانية، في وقت سابق، فإن وزير الخارجية المصري سامح شكري سلم نظيرته السودانية أسماء عبد الله، ملفاً بشأن أسماء المطلوبين أمنياً للقاهرة والمتواجدين في السودان.
وتفيد الصحيفة الجنائية لمدين بأنه عوقب بالسجن المشدد لمدة 15 عاماً في عام 2013، مع 16 آخرين في القضية المعروفة بقضية «عنف الشرقية»، التي تتعلق بقتل ضباط وأفراد شرطة، والتحريض ضد نظام الحكم في البلاد.
ويعتبر اللواء محمد نور الدين، المساعد الأسبق لوزير الخارجية المصري، أن «التوسع في عمليات تسلم المطلوبين من دول أخرى، يعكس حالة العلاقات الثنائية المتنامية بين القاهرة وجاراتها، وكذلك يشير إلى نجاح التنسيق الدبلوماسي والأمني في مصر».
ويقول نور الدين لـ«الشرق الأوسط»، إنه «رغم وجود اتفاقيات عربية مع دولة قطر مثلاً لتسليم المطلوبين؛ فإنها تتقاعس بسبب سياساتها الداخلية وارتباطها بتنظيمات ينتمي إليها المطلوبون عن تسليمهم»، ويخلص إلى «أن استقرار الأوضاع الداخلية المصرية، وازدهار العلاقات الثنائية مع دول الجوار سيساهمان في معاقبة الهاربين المدانين بأحكام قضائية».
وفي مايو (أيار) الماضي، سادت حالة من الاحتفاء بأوساط رسمية وشعبية في مصر؛ بعد تسلمها المطلوب البارز والمتهم بتدبير وتنفيذ عمليات إرهابية كبرى، هشام عشماوي، وكان ذلك بعد أشهر من القبض عليه في مدينة درنة الليبية بواسطة قوات «الجيش الوطني» الليبي. وجاء إعلان تسلم القاهرة عشماوي، بعد زيارة خاطفة أجراها رئيس جهاز المخابرات المصرية، الوزير عباس كامل، إلى ليبيا، التقى خلالها المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي. وعشماوي (41 عاماً) كان يعمل ضابطاً سابقاً بقوات الصاعقة في القوات المسلحة، وتم فصله من الخدمة عام 2011، ومطلوب في قضايا عدة، أهمها اغتيال النائب العام المصري هشام بركات (2015)، ومحاولة اغتيال وزير الداخلية الأسبق محمد إبراهيم (2013). ويعتبر الخبير الأمني المصري اللواء محمد نور الدين، أن «تكرار الإعلان عن ضبط المطلوبين، يخلق حالة من الردع والزجر للعناصر التي تخطط لتنفيذ عمليات والهرب بعدها، خصوصاً في ظل ترامي الحدود المصرية، التي تبلغ في حالة السودان مثلاً 980 كيلومتراً، ومع ليبيا بنحو 1180 كيلومتراً، الأمر الذي تصعب معه عمليات التأمين الكاملة، ويتمكن البعض من النفاذ عبرها، لكن الرسالة المصرية الأخيرة تقول إن أجهزة الأمن قادرة على ضبطهم في أي موقع».
وفي يوليو (تموز) الماضي سلمت الكويت 15 شخصاً من أفراد «خلية إخوانية»، إلى السلطات المصرية، بموجب الاتفاقيات المشتركة بين البلدين.
وفي مطلع الشهر الجاري، أعلن النائب العام الكويتي المستشار ضرار العسعوسي توقيع مذكرة تفاهم بين النيابة العامة الكويتية والنيابة العامة المصرية، لتبادل المعلومات واستجواب الشهود.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».