القضاء يتابع التحقيقات في ملف الفاخوري والجدل يتسع إلى الإطار السياسي

الادعاء طالب إدانته بجرائم تصل عقوبتها إلى الإعدام

TT

القضاء يتابع التحقيقات في ملف الفاخوري والجدل يتسع إلى الإطار السياسي

توسع التداول في ملف توقيف اللبناني عامر إلياس الفاخوري، القائد العسكري السابق في معتقل الخيام، الذي كانت تديره إسرائيل في جنوب لبنان قبل عام 2000، من الإطار القضائي إلى الأروقة السياسية، ورافق ذلك استنكار واسع لمحاولات إقحام الجيش في الملف.
وادعت النيابة العامة العسكرية، ممثلة بالقاضية منى حنقير، على الفاخوري بجرائم تصل العقوبة فيها إلى الإعدام، بتهم التواصل مع العدو وعملائه، وتجنيد أشخاص للعمل لمصلحة العدو، والتجنّد لمصلحة العدو بصفوف «ميليشيا لحد»، والاستحصال على الجنسية الإسرائيلية، والتسبب بقتل وتعذيب لبنانيين. وأحالت النيابة العامة، الموقوف والملف، إلى قاضي التحقيق العسكري، وجرى تحديد جلسة استجواب عامر الفاخوري يوم الثلاثاء المقبل في المحكمة العسكرية للاستماع إلى إفادته.
وخضع الفاخوري للتحقيق مع مخابرات الجيش التي حققت أيضاً مع العميد الركن إلياس يوسف، الذي رافق الفاخوري في مطار بيروت، وتبيّن نتيجة التحقيقات أنَّ تصرف العميد يوسف كان فردياً، ولا علاقة للقيادة به ورافقه من باب المساعدة والنحو العائلية.
وأفاد مصدر عسكري بأنه بتاريخ 10 أبريل (نيسان) 2017 شُطب 60 اسماً من «البرقية 303»، من ضمنها اسم عامر إلياس الفاخوري. وتداول ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لهذه الوثيقة التي يصدرها الجيش لضبط تحركات المشتبه فيهم والمدانين بجرائم التعامل مع العدو والإرهاب. وجاءت بعد تداول صورة للفاخوري مع سياسيين لبنانيين التقطت له صور معهم في مناسبات عامة في الولايات المتحدة، من بينهم قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون، وهو ما دفع قيادة الجيش، أول من أمس، للتأكيد أن لا معرفة شخصية بين العميل الفاخوري وقائد الجيش، والتقطت الصورة خلال حفل استقبال أقامته السفارة اللبنانية على شرف العماد عون، حيث قام المدعوون بالتقاط صور إلى جانبه ومن ضمنهم العميل الفاخوري.
وأكد وزير المال علي حسن خليل، أمس، «إننا كما كنا على الدوام أمناء على مشروع المقاومة وحماية إنجازاتها، لن نسمح بتعكير هذا الأمر من خلال إعادة إنتاج جديد لصورة العملاء في لبنان تحت أي عنوان كان»، مضيفاً: «سنكون دائماً في موقع الحرص على حماية حقوق كل الذين كانوا رواداً في المقاومة، وفي عملية التحرير، وصناعة صورة لبنان المقاوم القوي العربي القادر».
وأثار إقحام الجيش في الملف، عبر وسائل الإعلام، استنكاراً واسعاً في لبنان. واستنكرت الدائرة الإعلاميّة في حزب «القوّات اللبنانيّة»، في بيان، «المحاولات الجارية لإقحام الجيش اللبناني في مسألة دخول عامر الفاخوري إلى لبنان، في الوقت الذي يعرف القاصي والداني أن هذا الأمر كما غيره من الأمور يجري بتدخلات سياسيّة واضحة».
وشددت الدائرة الإعلاميّة على أنه «في طليعة مؤسسات الدولة الصامدة والباقية، التي ما زالت ترمز إلى وجود الدولة اللبنانيّة، هي مؤسسة الجيش اللبناني فلا يجوز أن يعمل بعض السياسيين على محاولة تدميرها وتشويه صورتها والتشكيك بصدقيتها ومناقبيتها وأولويتها الوطنية لأغراض شخصيّة ضيّقة كما فعلوا مع مؤسسات أخرى».
وتواصلت الأسئلة عن الجهة التي تقف خلف عودة الفاخوري إلى الأراضي اللبنانية، وقال مسؤول ملف النازحين في «حزب الله» النائب السابق نوار الساحلي: «إننا نستغرب الطريقة التي عاد بها هذا العميل، ونتساءل عن الجهة التي كانت وراء العودة والتوقيت المريب لها، واستغلال الإجحاف في القانون اللبناني لجهة إسقاط الحكم بمرور الزمن، ونؤكد أن أفعال العميل المدعو عامر الفاخوري هي جرائم مستمرة لا تسقط بمرور الزمن». وتابع: «نضع هذا الأمر برسم القضاء اللبناني الذي نثق به، وأمام الرأي العام، لمعرفة الجهة التي أسهمت بعودته، والتوقيت، والهدف من ذلك».
وغرد النائب السابق لرئيس مجلس النواب فريد مكاري، على حسابه على «تويتر» قائلاً: «إذا كان البعض حاول تخوين قائد الجيش بتسريب صورته مع العميل عامر الفاخوري - علماً بأن بيان الجيش أوضح الملابسات - فالسؤال الأهم: ماذا كان الفاخوري يفعل في حفل السفارة في واشنطن، ولماذا كان بين المدعوين؟، وإذا كان العذر أن الدعوة مفتوحة، فهو أقبح من ذنب: ألا تعرف سفارتنا من يدخلها؟».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.