إردوغان: لن نسكت على استهداف النظام لنقاط مراقبتنا في إدلب

تحدث عن قمة رباعية تضم ألمانيا في أكتوبر لبحث الملف السوري

TT

إردوغان: لن نسكت على استهداف النظام لنقاط مراقبتنا في إدلب

تعقد في العاصمة التركية أنقرة، غداً (الاثنين)، قمة ثلاثية حول سوريا تضم كل من الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ونظيريه الروسي فلاديمير بوتين والإيراني حسن روحاني، ينتظر أن تشكل بشكل أساسي على الوضع المتدهور في إدلب، في وقت لفت فيه إلى قمة رباعية تضم كلاً من تركيا وروسيا وفرنسا وألمانيا، قد تعقد في تركيا في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، لبحث الملف السوري.
وقال بيان لدائرة الاتصال في الرئاسة التركية إن القمة ستبحث الأزمة السورية، خصوصاً الوضع في إدلب، وسيتناول الرؤساء الثلاثة سبل إنهاء الصراع الدائر في إدلب، وشروط العودة الطوعية للاجئين وتوفير الظروف اللازمة لذلك.
وأضاف البيان أن القمة ستبحث أيضاً موضوع نقاط المراقبة التركية في منطقة خفض التصعيد في إدلب، التي تعرضت مراراً لهجمات وتحرشات من جانب النظام السوري، ومحاربة التنظيمات الإرهابية بالمنطقة، وإيجاد حل سياسي دائم في سوريا. وأشار البيان إلى أن إردوغان سيعقد لقاءين مع كل من بوتين وروحاني على حدة، قبل انعقاد القمة لبحث العلاقات بين تركيا وكل من روسيا وإيران، إضافة إلى التطورات الإقليمية والدولية.
واستبق إردوغان انعقاد القمة، بإعلان أن تركيا «لن تقف مكتوفة الأيدي»، في حال تعرضت نقاط مراقبتها في منطقة إدلب السورية إلى أي مضايقات أو هجمات من قبل النظام، و«ستتخذ ما يلزم».
وشدد إردوغان في مقابلة مع «رويترز» ليل الجمعة - السبت، على أن انسحاب تركيا من نقاط المراقبة أمر غير وراد في الوقت الراهن، لافتاً إلى أن تركيا لا تحاور النظام فيما يخص نقاط المراقبة البالغ عددها 12 نقطة أُنشئت بموجب «محادثات آستانة»، بل تنسق مع روسيا بشكل رئيسي، و«جزئياً» مع إيران.
وقال إردوغان إنه منذ بدء الحرب الداخلية في سوريا في مارس (آذار) 2011 «دافعت عن وحدة أراضي هذا البلد، وعن ضرورة أن يحدد السوريون مستقبل بلادهم بأنفسهم»، حيث يتم العمل على تشكيل لجنة دستورية من هذا المنطلق «لكن النظام لا يبالي بمثل هذه الأمور».
وحذر إردوغان من أنه «في حال قيام النظام بمضايقات أو هجمات على نقاط مراقبتنا، فإن الأمور ستنحو منحى مختلفاً، وسنتخذ ما يلزم من خطوات في حينه». وأكد أن الهدف من نقاط المراقبة هو المساهمة في حماية المدنيين بإدلب، خصوصاً أن النظام يواصل الانتهاكات بما فيها قصف المدنيين، مشيراً إلى أن النظام يفعل حالياً في إدلب، التي يعيش فيها نحو 3 ملايين، ما فعله سابقاً في حلب.
وشدد على أن تركيا «تولي أهمية للحفاظ على وضع إدلب منطقة خفض توتر». وأكد التزام تركيا باتفاق سوتشي المبرم مع روسيا في 17 سبتمبر (أيلول) 2018، بشأن المنطقة العازلة منزوعة السلاح بين النظام والمعارضة في إدلب، وتطلعها إلى التزام الجميع بذلك. وقال إنه «لا يمكن قبول استهداف المدنيين من قبل قوات النظام بدعوى محاربة الإرهاب... وحذر من أن هذه الهجمات من شأنها الدفع بموجة لاجئين جديدة نحو تركيا، فضلاً عن تعريض مسار الحل السياسي لخطر الانهيار».
وتتهم روسيا التي تدعم هجمات النظام في إدلب، تركيا، بعدم الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاق الموقَّع بين البلدين في «سوتشي»، لا سيما فيما يتعلق بإخلاء المنطقة من الجماعات المتشددة.
وبشأن حديثه عن إمكانية اضطرار تركيا لفتح أبوابها أمام اللاجئين نحو أوروبا، أكد إردوغان أن تركيا بذلت ما بوسعها من أجل اللاجئين، لكن الاتحاد الأوروبي لم يفِ بتعهداته كما ينبغي.
وأضاف أن الاتحاد الأوروبي كان تعهَّد بتقديم دعم بقيمة 6 مليارات يورو لا تصب في ميزانية تركيا، وإنما تُصرَف على اللاجئين، عن طريق منظمات مدنية ومؤسسات وسيطة، مثل إدارة الكوارث والطوارئ والهلال الأحمر التركي، ولم يتم الوفاء بالتعهدات كما ينبغي وفق الجدول الزمني المحدد، وعلاوة على ذلك جرى التعهُّد بدفع المزيد.
وأوضح أنه خلال مباحثاته الأخيرة مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، سألته: «ماذا يتحتم علينا فعله، فوق الـ6 مليارات يورو، أخبرونا بذلك»، فأجابها قائلاً: «أستطيع القول من الآن إنه عليكم فعل الكثير فوق الـ6 مليارات يورو».
وبين أن تركيا أنفقت حتى الآن 40 مليار دولار من أجل اللاجئين. وأضاف: «في حال لم يتم الإقدام على أي خطوة في هذه المواضيع، فإننا لا نستطيع تحمل هذا العبء».
وتابع أنه لا بد من أن يتحمل أحد ما فاتورة إغلاق أوروبا أبوابها وغرق اللاجئين في عمليات تهريب البشر في بحري إيجة والمتوسط... «نحن نقول ما دمتم لا تتحملون المسؤولية، فإننا سنفتح الأبواب، وليذهبوا (اللاجئون) إلى حيث يريدون».
وأشار إردوغان إلى عودة 356 ألف سوري من تركيا إلى منطقتي جرابلس والباب (اللتين جرى تطهيرهما من الإرهابيين عبر عملية درع الفرات) بريف محافظة حلب. ولفت إلى أنه يمكن تأمين عودة مليون لاجئ بكل سهولة في حال تهيئة الأجواء في الشمال بالكامل بما في ذلك منطقة عفرين، التي جرى تطهيرها من الإرهابيين عبر «عملية غصن الزيتون». وأضاف: «المسألة مسألة تخطيط وعند وضع الخطة يمكن حل هذا الأمر».
وحول المنطقة الأمنة المزمع إقامتها شمال شرقي سوريا، قال الرئيس التركي إن نظيره الأميركي دونالد ترمب هو مَن كان اقترح أن تكون بعمق 20 ميلاً، ما يعادل نحو 30 كلم، لكن المحيطين بترمب والفريق الذي يعمل تحت إمرته لم يلتزموا بذلك.
كما لفت إردوغان إلى عدم التزام الأميركيين بالخروج من مدينة منبج بريف حلب وسحب عناصر وحدات حماية الشعب الكردية، حتى اليوم، رغم تقديم الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما وعداً له بالخروج من المدينة.
ولفت إلى أن الأميركيين يتحدثون مراراً عن الأكراد «رغم أنه في الواقع لا تربطهم علاقة صادقة بالأكراد هناك، كما أن الذين يدعون أنهم أكراد إنما هم ممثلو التنظيم الإرهابي، وعلينا رؤية الحقيقة». وشدد على استعداد تركيا للإقدام على ما يلزم من خطوات في هذه المواضيع.
وأشار إردوغان أيضاً إلى أن قمة رباعية تضم كلاً من تركيا وروسيا وفرنسا وألمانيا قد تُعقَد في تركيا في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، لبحث الملف السوري بكامل أبعاده.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».