الحكومة الإسرائيلية تجتمع في مستوطنة بغور الأردن

قادة الأجهزة الأمنية منعوا نتنياهو من إعلان التوسّع في الضفة

فلسطينية مشاركة في احتجاجات أمس في خان يونس قرب الحدود مع إسرائيل (أ.ف.ب)
فلسطينية مشاركة في احتجاجات أمس في خان يونس قرب الحدود مع إسرائيل (أ.ف.ب)
TT

الحكومة الإسرائيلية تجتمع في مستوطنة بغور الأردن

فلسطينية مشاركة في احتجاجات أمس في خان يونس قرب الحدود مع إسرائيل (أ.ف.ب)
فلسطينية مشاركة في احتجاجات أمس في خان يونس قرب الحدود مع إسرائيل (أ.ف.ب)

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب، أمس الجمعة، أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، ورئيس جهاز الأمن العام، ناداف أرغمان، منعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من الإعلان عن ضم مناطق واسعة جداً من الضفة الغربية لإسرائيل، من بينها غور الأردن وشمالي البحر الميت وجميع المستوطنات، بينما قرر نتنياهو، عقد جلسة حكومته العادية، غداً الأحد، في إحدى المستعمرات اليهودية المقامة في غور الأردن.
وقالت المصادر إن نتنياهو كان قد اتخذ قراره بهذا الشأن، عندما أدرك أن حظوظه للفوز بالانتخابات تضمحل. وقرر الإعلان عن ذلك خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده يوم الثلاثاء الماضي. ولذلك صدرت بلاغات من مكتبه للصحافيين، في ظهيرة ذلك اليوم، بأنه سيدلي بتصريح «دراماتيكي» عند الساعة الخامسة مساء؛ لكن انعقاد المؤتمر الصحافي تأخر ساعة ونصف الساعة تقريباً، ليتبين أنه خلال هذه المدة جرى نقاش صاخب بين نتنياهو وقادة الأجهزة الأمنية، الذين حذروه بشدة من مغبة خطوة كهذه وتبعاتها الأمنية الخطيرة، ما دفعه إلى التراجع عن قراره، والإعلان عن نيته اتخاذ قرار بضم غور الأردن في حال فاز في الانتخابات وشكل الحكومة المقبلة.
وقالت هذه المصادر إن المحادثة التي أجراها نتنياهو مع كل من أرغمان وأفيف كوخافي، على مسمع من رئيس مجلس الأمن القومي، مئير بن شبات، من أجل إطلاعهم على قراره بالإعلان عن ضم الضفة، كانت محادثة صعبة، تضمنت صراخاً من جانب نتنياهو بالأساس، بعد أن لمح قادة الأجهزة الأمنية بأن إعلاناً كهذا ينطوي على عدم مسؤولية؛ لأن من شأنه أن يقود إلى مخاطر كبيرة. وكان هذا موقف «الشاباك» والجيش؛ لكن موقف بن شبات غير معروف حتى الآن. يضاف إلى ذلك موقف المستشار القضائي للحكومة، أفيحاي مندلبليت، بأنه توجد صعوبات في تنفيذ خطوة كهذه من جانب حكومة انتقالية، لم تحظَ بثقة الجمهور.
وحسب هذه المصادر، فإن نتنياهو اتصل بقادة الأجهزة الأمنية قبل عشر دقائق من الموعد الأصلي للمؤتمر الصحافي؛ لكن هذه المحادثة استمرت ساعة ونصف الساعة، تخللها صراخ نتنياهو؛ لكن «قادة الأجهزة الأمنية وجهوا انتقادات لنتنياهو واستخدموا عبارات شديدة للغاية». وقد حذره قادة الأجهزة الأمنية من أن إعلاناً كهذا، الذي يشكل حالة سياسية وأمنية تنهي العلاقة مع السلطة الفلسطينية: «ينبغي تنفيذه بعد مداولات عميقة، وعمل جماعي، واستشراف الأضرار المحتملة إلى جانب النجاعة» من خطوة كهذه. وطرحوا سيناريوهات الأضرار المحتملة من ضم فوري لغور الأردن إلى إسرائيل، عشية الانتخابات، من دون دعم أميركي كامل. كذلك تحدث قادة الأجهزة الأمنية عن الوضع الحساس لملك الأردن، عبد الله الثاني، وطرحوا احتمالاً مفاده أن خطوة كهذه من شأنها أن تشكل خطراً على حكمه، وأن تقود إلى إلغاء اتفاقية السلام بين إسرائيل والأردن.
وشدد قادة الأجهزة الأمنية أيضاً، أمام نتنياهو، على مخاطر خطوة كهذه وانعدام المسؤولية بالإعلان عن قرار كهذا «من دون التحضير له، وتنسيقه مع جهات كثيرة، وإعداد دعم دولي وإطلاع شركاء لإسرائيل في الشرق الأوسط على القرار».
ونقلت المصادر عن مسؤول سياسي إسرائيلي رفيع المستوى، اطلع على فحوى المحادثة، قوله إن «هذا كان حدثاً غير مسبوق في عهد نتنياهو الحالي، من ناحية نبرات الصوت المرتفعة، والانتقادات الشديدة التي تبادلها الأطراف». ومن هنا غير نتنياهو تصريحه، ليكتفي بالحديث عن نية للضم.
من جهة أخرى، وفي خطوة انتخابية تظاهرية تؤكد تصميمه على ضم مناطق واسعة في الضفة الغربية المحتلة إلى السيادة الإسرائيلية، قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عقد جلسة حكومته العادية، غداً الأحد، في إحدى المستعمرات اليهودية المقامة في غور الأردن. وحسب مصادر سياسية مطلعة، فإن نتنياهو سيعيد حديثه مرة أخرى عن نيته ضم المنطقة، وربما يفاجئ بتصريح أشد حدة، ما جعل المستشار القضائي للحكومة، أبيحاي مندلبليت، يقرر حضور الجلسة لكي يحذر الوزراء من أن أي قرار ضم في هذه المرحلة يعتبر غير دستوري؛ لأن حكومتهم تعتبر حكومة انتقالية.
وسبق نتنياهو عقد الجلسة بتصريحات أدلى بها للصحيفتين اليمينيتين المعبرتين عن مواقفه ومواقف المستوطنين: «يسرائيل هيوم» و«ماكور ريشون»، ونشرتاها أمس الجمعة، قائلاً: «أنا الذي جلب اعترافاً أميركياً، من الرئيس دونالد ترمب، بالقدس كعاصمة إسرائيل، ونقل السفارة إليها، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية في هضبة الجولان، وانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الخطير مع إيران. والآن أنا أجهز العقول وأمهد لنشر الوعي من أجل فرض السيادة على المستوطنات، تلك التي داخل الكتل وتلك التي خارجها، وبالطبع على مناطق أخرى، وبضمنها غور الأردن». وأضاف: «إنني أمد سككاً حديدية، أمهد للعقول، أجهّز الأمور من أجل أن يكون ما فعلته في الجولان والقدس سارياً في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) أيضاً، وفي غور الأردن بالطبع. ولم أتحدث عن فرض القانون على المستوطنات فقط، وإنما على المنطقة كلها».
وقال نتنياهو إن «(صفقة القرن) ستنشر، حسب كافة المؤشرات، بعد الانتخابات مباشرة. وقد قلت إنني سأحاول فرض السيادة بالتنسيق مع الولايات المتحدة، ولذلك سأنتظر حتى يتم استعراض خطة الرئيس؛ لكن ثمة خطوة واحدة بالإمكان تنفيذها فوراً، وهي فرض السيادة على غور الأردن وشمال البحر الميت، وهي منطقة مهمة، مع الخطة أو من دونها، لمستقبل دولة إسرائيل، ويوجد إجماع واسع في هذا الشأن».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.