نقلة نوعية في تطوير القاهرة التاريخية لاجتذاب السائحين

إزالة مدابغ «سور مجرى العيون» الأثري والمباني العشوائية

رئيس الوزراء يتفقد منطقة سور مجرى العيون التاريخية (الشرق الأوسط)
رئيس الوزراء يتفقد منطقة سور مجرى العيون التاريخية (الشرق الأوسط)
TT

نقلة نوعية في تطوير القاهرة التاريخية لاجتذاب السائحين

رئيس الوزراء يتفقد منطقة سور مجرى العيون التاريخية (الشرق الأوسط)
رئيس الوزراء يتفقد منطقة سور مجرى العيون التاريخية (الشرق الأوسط)

تواصل الحكومة المصرية تنفيذ «مشروع تطوير القاهرة التاريخية» عبر إزالة مدابغ جلود منطقة سور مجرى العيون، والمباني العشوائية في محيط متحف الحضارة، لإحداث نقلة نوعية بالمنطقة وتحويلها إلى مزار سياحي عالمي، ضمن خطة تطوير مدينة القاهرة لاجتذاب السائحين الأجانب.
ووفق بيان مجلس الوزراء المصري، أول من أمس، فإنه تمت إزالة 1076 منشأة بمنطقة سور مجرى العيون (مدابغ، مصانع غراء، مخازن، أنشطة تجارية)، كما تمت إزالة 454 عقاراً من منطقة «أكشاك أبو السعود»، وتم تسكين 771 أسرة من سكان المنطقة، وجارٍ فحص التظلمات بمعرفة نائب المحافظ للمنطقة الجنوبية.
وكان الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، قد تفقد «الخميس» الماضي، منطقة المدابغ بسور مجرى العيون، لمتابعة تطورات عمليات الإزالة، وطالب بالإسراع في أعمال الإزالة، للمنطقة بالكامل، تمهيداً لبدء أعمال التطوير. وقال مدبولي، على هامش جولته التفقدية: «نحن الآن أمام فرصة تاريخية لتطوير القاهرة، لوجود إرادة سياسية ممثلة في تكليفات الرئيس عبد الفتاح السيسي لإنجاز هذا المشروع، بجانب الوحدات السكنية الجاهزة لتعويض المضارّين من أعمال التطوير»، مشيراً إلى أن «الدولة مصممة على إحداث نقلة نوعية في ملف تطوير المحافظة».
وتعدّ عملية تطوير منطقة سور مجرى العيون، أحد مشروعات إعادة إحياء القاهرة التاريخية التي تستهدف إبراز دور القاهرة كمركز ثقافي حضاري سياحي. وتغطي «القاهرة التاريخية» نحو 32 كيلومتراً مربعاً تقريباً على الضفة الشرقية لنهر النيل، وتحيط بها من كل الاتجاهات أحياء معاصرة من القاهرة الكبرى، وتضم عدداً كبيراً من أبرز الآثار الإسلامية النادرة الموجودة في العالم، أبرزها «منطقة الفسطاط، وجامع عمرو بن العاص، وقلعة صلاح الدين الأيوبي، وجامع أحمد بن طولون»، بالإضافة إلى منطقة القاهرة الفاطمية، وما تضمّه من آثار فريدة، مثل «باب زويلة، وباب الفتوح، وباب النصر، وشارع المعز لدين الله الفاطمي».
وقال الدكتور عاصم الجزار، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، على هامش الجولة التفقدية، أول من أمس، إن «فكرة التطوير تعتمد على خلق محور من الشمال إلى الجنوب، للربط بين الحيز الجغرافي للقاهرة التاريخية بمناطقها التراثية والأثرية، عبر دعم عدة أنشطة تجارية وحرفية وسياحية وثقافية على طول هذا المحور، لتأكيد الاستمرارية التاريخية لمدينة القاهرة».
ويتيح مشروع تطوير القاهرة التاريخية لأول مرة الاستمتاع بأكثر من 313 أثراً مسجلاً بنطاق القاهرة التاريخية، مع إتاحة التنقل بينها، بواسطة وسائل نقل عام نظيفة ومتنوعة، مثل الأتوبيسات الكهربائية، وزيادة أرصفة المشاة والدراجات الهوائية، لتقليل استخدام السيارات الخاصة في التنقل، بالإضافة إلى إقامة منطقة الثقافة والفن، التي ستتيح مساحات تستخدم كمسارح مفتوحة، ودور عرض سينمائي، ومعارض للفنون التشكيلية، وقاعات للندوات والمؤتمرات، وتوفير أماكن مخصصة للعروض الفلكلورية، ومركز للفنون الحركية، ومنطقة للخدمات الترفيهية والسياحية، تضم مطاعم مصرية تقليدية وعربية وأجنبية.
في السياق نفسه، تفقد مدبولي، أيضاً منطقة «عين الحياة» العشوائية، تمهيداً لتطويرها، في إطار خطة الدولة لإعادة إحياء المظهر التاريخي لمدينة الفسطاط، وتطوير المنطقة المحيطة بمتحف الحضارة، بعدما تمت إزالة 241 عقاراً عشوائياً، و56 مقبرة.
وتتميز منطقة الفسطاط بوجود عدد من المباني الدينية الأثرية، على غرار مسجد عمرو بن العاص، أحد أقدم المساجد الإسلامية في مصر وأفريقيا، بجوار الكنائس القديمة «المعلقة، وماري جرجس، وأبو سيفين، والعذراء»، والمعبد اليهودي، وسور مجرى العيون، بالإضافة إلى متحف الحضارة، الذي يجري العمل حوله لاستغلال بحيرة عين الحياة بشكل مثالي في الجذب السياحي والترفيهي.
ويرى خبراء السياحة أن مشروع التطوير سيساهم في الارتقاء بالعاصمة المصرية، ومن بينهم الدكتور مجدي سليم، وكيل وزارة السياحة الأسبق، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «تطوير منطقة سور مجرى العيون تأخر كثيراً، لأنها تضم مقومات تراثية وأثرية وعلاجية جاذبة جداً»، مشيراً إلى أن «تطوير أي منطقة عشوائية تقع في نطاق القاهرة التاريخية، يصب في مصلحة السياحة بشكل مباشر، ويكون له مردود إيجابي جداً عند السائحين العرب والأجانب».
فيما يرى أحمد مسلم، خبير سياحي مصري، أن «تطوير المنطقة لن يكون مهماً وجاذباً للسياحة من دون الرقابة الجيدة على الشوارع والمزارات والمباني الجديدة»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «مع الانتهاء من تطوير منطقة سور مجرى العيون والمنطقة المحيطة بمتحف الحضارة الذي سوف تنقل إليه المومياوات الملكية من المتحف المصري بالتحرير في الفترة المقبلة، سيقضي السائح يوماً كاملاً بمتحف الحضارة ومنطقة الفسطاط وسور مجرى العيون، بجانب قلعة صلاح الدين الأيوبي، ويوماً آخر بمنطقة الأهرامات والمتحف المصري الكبير بالجيزة، وهذا أمر جيد جداً».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.