دعاوى قضائية ضد القائد السابق لمعتقل الخيام إثر إعادة توقيفه

تحولت عودة اللبناني عامر إلياس الفاخوري، القائد العسكري السابق لمعتقل الخيام الذي كانت تديره إسرائيل في جنوب لبنان، قبل عام 2000، إلى قضية وطنية شغلت الرأي العام اللبناني على مدى الأيام الثلاثة الماضية، خصوصاً بعد وصوله إلى مطار رفيق الحريري الدولي، وتركه حرّاً جرّاء سحب مذكرات التوقيف وخلاصات الأحكام الصادرة بحقّه عن القضاء العسكري، ما استدعى مسارعة جهاز الأمن العام إلى إعادة توقيفه، بناء على إشارة مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس.
وانقلب الوضع القانوني للعميل الإسرائيلي السابق رأساً على عقب، فتحوّل من مطمئن إلى عودته، إلى موقوف ينتظر ما تقرره المحكمة العسكرية بشأن وضعه، بعدما نقل أمس من مقرّ الأمن العام إلى مبنى المحكمة العسكرية، مع محاضر التحقيقات الأولية التي أجراها الأمن العام معه، واستتبعت بادعاء النيابة العامة العسكرية عليه بجرم «الانضواء في صفوف العدو، والحصول على جنسيته، والتسبب بقتل لبنانيين»، وأحالته على قاضية التحقيق العسكري نجاة أبو شقرا، التي شرعت بدراسة ملفه تمهيداً لاستجوابه واتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة بحقه.
وأوضح مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط»، أن «القضاء العسكري سيعيد دراسة ملفّ هذا الشخص والحكم الصادر بحقه في عام 1998، والتثبّت مما إذا كان هذا الحكم ساقط بمرور الزمن، أم أن ثمة جرائم أخرى ارتكبها». وأكد المصدر أن «هناك إجراءات ملزمة سيتخذها القضاء، تبدأ بمراجعة النشرة الجرمية، وما إذا مارس نشاطاً جديداً مرتبطاً بالاتصال بالإسرائيليين أو غيره، بعد مغادرته إلى الولايات المتحدة الأميركية، لملاحقته على أساسه».
وأعلنت المديرية العامة للأمن العام، في بيان، أنه «في إطار متابعتها لعملاء العدو الإسرائيلي وتعقبهم، أوقفت آمر معتقل الخيام سابقاً اللبناني عامر الفاخوري، وبنتيجة التحقيق معه اعترف بتعامله مع العدو الإسرائيلي والعمل لصالحه، وأنه استحصل بعد فراره عام 2000 إلى داخل فلسطين المحتلة على هوية إسرائيلية وجواز سفر إسرائيلي غادر بموجبه الأراضي الفلسطينية المحتلة».
وأشار بيان الأمن العام إلى أنه «بعد انتهاء التحقيق مع الفاخوري أحيل على النيابة العامة العسكرية، عملاً بإشارة مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس».
من جهة أخرى ذكرت قيادة الجيش اللبناني أمس أن الصور التي نشرت لقائد الجيش العماد جوزف عون مع العميل عامر الفاخوري تم التقاطها خلال زيارة عون إلى أميركا عام 2017، حيث قام المدعوون بالتقاط صور إلى جانبه ومن بينهم الفاخوري، علما بأن لا معرفة شخصية تجمعه مع قائد الجيش.
وبدأت أمس طلائع الدعاوى القضائية تتحرّك ضدّ الفاخوري، لقطع الطريق على إسقاط مفاعيل الحكم القضائي الصادر بحقه بالأشغال الشاقة 15 عاماً، وتقدم أمس 34 محامياً و10 أسرى محررين، بإخبار إلى النيابة العامة التمييزية، ضدّ الفاخوري وكل من يظهره التحقيق «مشاركاً ومتورطاً بجرم التعامل مع العدو الإسرائيلي، وتسهيل دخوله إلى لبنان وهو عميل محكوم».
وكشف مصدر حقوقي لـ«الشرق الأوسط»، أن «عدداً من الأسرى السابقين في معتقل الخيام، بدأوا بتوكيل محامين لتقديم دعاوى شخصية ضدّ عامر الفاخوري أمام النيابة العامة في الجنوب، بجرائم اعتقالهم وحجز حرياتهم وتعذيبهم وتعريض حياتهم لخطر الموت، وسيطلبون إصدار مذكرات توقيف ومحاكمته، والحكم لهم بتعويضات شخصية عن الأذى الجسدي والمعنوي والنفسي الذي أصابهم جراء سنوات الاعتقال».
وشدد المصدر على أن «بعض المتضررين يؤكدون أن الفاخوري هو مَن أقدم شخصياً على تعذيبهم، وكان برتبة رائد في ميليشيا العميل أنطوان لحد، وأنه قتل أحد زملائهم تحت التعذيب وعمد إلى إخفاء جثته، التي لم تُكشَف حتى الآن».
وتوقّعت مصادر مواكبة لهذا الملف أن «يعيد توقيف الفاخوري طرح ملف اللبنانيين الذين فرّوا إلى إسرائيل، إثر انسحاب جيش الاحتلال من جنوب لبنان في 25 مايو (أيار) من عام 2000، استكمالاً لاقتراح القانون الذي تقدّم به «التيار الوطني الحرّ» في عام 2006، لتسوية أوضاع «اللبنانيين الموجودين قسراً في إسرائيل، خصوصاً النساء والأطفال الذين وُلِدوا هناك، ولا علاقة لهم بعملاء إسرائيل».
وأشارت المصادر إلى أن هذا الموضوع «سيدفع إلى تحريك مشروع قانون العفو العام الذي يجري إعداده، وتعهَّدت الحكومة في بيانها الوزاري بإنجازه».