استياء ليبي بعد منح «الوفاق» جوازات سفر لمواطنين تشاديين

عبّر سياسيون وحقوقيون ليبيون عن انزعاجهم من قرار، نسب إلى وزارة الداخلية بحكومة «الوفاق»، يقضي بمنح جوازات سفر لبعض مواطني إقليم أوزو التشادي، بناء على امتلاكهم أرقاماً وطنية ليبية، مما فتح الباب أمام كثير من التأويلات برغبة الحكومة في «استخدامهم محاربين» على جبهات القتال بالمعركة الدائرة على الأطراف الجنوبية للعاصمة طرابلس، مع «الجيش الوطني» الذي يقوده المشير خليفة حفتر.
وتداولت جل الأوساط في ليبيا بشكل واسع قرارا موقعا من العميد أحمد الصادق، مدير مكتب وزير داخلية «الوفاق»، موجها إلى رئيسي مصلحة الجوازات والجنسية وشؤون الأجانب، ومصلحة الأحوال المدنية، بشأن أحقية مواليد إقليم أوزو التشادي، ممن يحملون أرقاماً وطنية، في الحصول على جوازات سفر ليبية، تأسيسا على أن «الرقم الوطني يعد شرطا أساسيا لنيل الوثائق والمستندات الدالة على المواطنة، وللحصول على أي خدمات عامة يطلبها المواطن من مواليد أوزو، أو غيره من المناطق داخل البلاد أو خارجها تتعلق بشؤون حياته».
وذهب البعض إلى أن الإجراءات التي اعتمد عليها المستشار القانوني لوزير الداخلية «ليس لها سند قانوني وتعد باطلة». وحاولت «الشرق الأوسط» الاتصال بوزارة الداخلية، لكن دون رد من جانبها.
وتساءل أحمد عبد الحكيم حمزة، مدير اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، إن كان المقصود بقرار مدير مكتب وزير الداخلية مواليد أوزو، الذين تركوا القطاع بعد ضمه لتشاد وانتقلوا للأراضي الليبية، أم كل مواليد القطاع بمن فيهم المقيمون حالياً به؟ ولماذا اشترط القرار الحصول على الرقم الوطني فقط للحصول على جواز سفر، دون اشتراط الحصول على الجنسية الليبية؟
وتسبب إقليم أوزو، الذي تبلغ مساحته 114 ألف كيلومتر مربع، في نزاع طويل بين ليبيا وتشاد، إلى أن أصدرت محكمة العدل الدولية حكماً بأغلبية الأصوات بأحقية تشاد في الإقليم، وقبل ذلك بسنوات، وفي بداية السبعينات كانت ليبيا تحكم سيطرتها على الإقليم وتديره بشكل كامل، لدرجة أنها أصدرت بطاقات تعريف لسكان الشريط الحدودي، وألحقته إداريا بمدينة مرزق جنوب البلاد.
ووصف عبد المنعم الحر، الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان بليبيا، القرار الصادر عن داخلية حكومة «الوفاق»، بـ«الخطير»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لقد أحلناه إلى المستشار القانوني للمنظمة للبت فيه».
وتصاعدت ردود الفعل «المستنكرة والمستغربة» للقرار، سواء بالتعبير بالرأي عبر الفضائيات المحلية، أو بالكتابة في الـ«سوشيال ميديا»، إذ رأى علي السعيدي القايدي وعضو مجلس النواب عن دائرة سبها (جنوب)، أن قرار وزير داخلية «الوفاق» فتحي باشا آغا، بشأن منح جوازات سفر لبعض مواطني إقليم أوزو التشادي، بزعم ملكيتهم أرقاما وطنية ليبية «مرفوض»، لافتاً إلى أن ليبيا تنازلت عن الإقليم لصالح تشاد بحكم محكمة العدل الدولية الصادر في فبراير (شباط) عام 1994.
ونقل موقع صحيفة «المرصد» الليبية عن القايدي أن «الأمر فيه تلاعب بالأمن القومي والوطني، ويحتوي على تجاوزات في إعطاء الأرقام الوطنية لمواليد قطاع أوزو التشادي، باعتبار بعضهم مرتزقة تشاديين تستغلهم حكومة الوفاق في الحرب ضد الجيش الليبي»، موجها حديثه إلى باشا آغا: «الشعب لن يسمح ببيع الوطن مقابل السلطة، ولن تفلح بذلك. ليبيا دولة ذات سيادة، ولها قانون وجيش قادر على حمايتها، وليست للبيع».
ودافع القايدي عن وجهة نظره، ورأى أن «حكومة (الوفاق) خسرت كثيرا من المقاتلين، وهي الآن تعمل على إغراء المرتزقة بمنحهم الرقم الوطني، «لكن الجيش الليبي سوف ينهي هذه المهزلة خلال الأيام القليلة المقبلة».
من جانبه، استبعد مصدر سياسي مقرب من حكومة «الوفاق» لـ«الشرق الأوسط» أمس «أن يكون القرار المنسوب لوزارة الداخلية له علاقة بالحرب الدائرة منذ شهر أبريل (نيسان) الماضي». لكن تقارير محلية تتحدث عن تورط بعض الجنسيات الأفريقية في العملية العسكرية.