اتساع الفجوة بين الأجيال الأدبية في الكويت

حلقات مفقودة بين زمنين أدبيين

خليفة الوقيان
خليفة الوقيان
TT

اتساع الفجوة بين الأجيال الأدبية في الكويت

خليفة الوقيان
خليفة الوقيان

في عالم الإبداع، كما في عالم الطبيعة، هناك ظواهر أو حالات تبدو غريبة أحياناً. أو على الأقل تحتمل أكثر من تفسير. ولكن اكتشاف الشيء لا يعني أنك عرفت أسبابه. لذلك فأسباب القضية التي سوف نطرحها الآن ما زالت قيد الدراسة.
في استرجاع عابر لتاريخ الأدب في الكويت، نجد أن هناك زمنين منفصلين عن بعضهما بشكل واضح، وبين هذين الزمنين فجوة كبيرة. وهذا الأمر لا يشمل الأدب فقط بمفهومه الشعري والسردي والنثري، بل ويمتد إلى الفن التشكيلي والسينما، عدا المسرح الذي كان له وضع مغاير إلى حد ما.
هذه الأنواع من الآداب والفنون كان وضعها قبل التسعينيات مختلفاً كلياً وجذرياً عما هي عليه بعد تلك الفترة. فقبل التسعينيات كانت هذه الآداب والفنون قد توقفت في دائرة محصورة في عدد محدد من الأدباء والرسامين والسينمائيين. حتى أنه كان بإمكان المتتبع للأدب في الكويت أن يعدّ الموجودين على الساحة الأدبية والفنية بكل سهولة ويسر لندرتهم. ثم فجأة بعد أوائل التسعينيات بقليل، تدفقت أعداد هائلة من الأدباء والتشكيليين والسينمائيين. أي كانت هناك فجوة كبيرة بين جيلين، أو لنقل هناك جيل أو أكثر مفقود في المنتصف.
في الكويت، كان ظهور الشعر أقدم من الرواية أو القصة، فالدكتور خليفة الوقيان يرى أن عثمان بن سند المولود في سنة 1766 والمتوفى في سنة 1827 هو أول من اهتم بالشعر الفصيح، بينما يرى الدكتور سليمان الشطي أن عبد الجليل الطباطبائي المولود في عام 1776 والمتوفى في عام 1853 هو أول شاعر، وهذا الخلاف بين أسبقية الشعراء امتد كذلك إلى الرواية، فهناك من يرى أن أول روائي في الكويت هو فرحان راشد الفرحان من خلال عمله «آلام صديق»، بينما ذهب آخرون إلى أن عبد الله خلف هو أول روائي من خلال عمله «مدرسة من المرقاب» الذي صدر في عام 1967. وهذا الخلاف منشؤه فني، أي اختلف المؤرخون والنقاد: هل ما كتبه الأديب فرحان راشد الفرحان كان رواية فعلاً أم قصة طويلة... بينما أجمعوا على أن ما كتبه عبد الله خلف كان رواية بمفهومها الفني. إلى أن جاء الراحل إسماعيل فهد إسماعيل في السبعينيات، فكتب رواية رآها النقاد مكتملة فنياً.
أياً يكن، ظل عدد الأدباء من شعراء وروائيين وقصاصين يعتبر قليلاً لغاية أوائل التسعينيات، فكانوا يتوافدون إلى الساحة الأدبية على استحياء ووجل حتى تجمعوا في محيط بحيرة ضيقة ما لبثت أن انغلقت في مرحلة ما قبل التسعينيات. وأصبحت الوجوه جميعها معروفة لا تتغير.
عادة، تذكر الأسباب قبل النتائج، ولكن حتى الآن لم يبحث أحد في الأسباب التي أدت لهذا الانغلاق، ثم الانفتاح المباغت. وهو ما سنتابعه في حلقة أخرى مع الأدباء والنقاد وغيرهم من المعنيين بهذا الحقل الأدبي والفني.
النتائج التي حصلت بسبب انغلاق الدائرة على عدد محدود من الأدباء، جاءت على أكثر من صعيد، أولها التقارب في مضامين الطرح، فقد أصبحت الأعمال الروائية والقصصية متشابهة في الطرح إلى حد كبير، وتدور في فلك القضايا الاجتماعية المحلية، أو مرحلة ما قبل النفط، وربما هناك شخص واحد خرج عن هذا الإطار في السبعينيات، وهو الراحل إسماعيل فهد إسماعيل، أما الشعر فكان أكثر اتساعاً في طرح قضايا قومية. بينما تنوعت بعض التجارب في الفن التشكيلي، وتوقفت السينما عند فلم «بس يا بحر» للمخرج خالد الصدّيق. كما أن إحدى نتائج هذا الانغلاق تمثلت في عدم الانفتاح بشكل واسع على الأدب في الوطن العربي والعالم كما هو اليوم. أما في مرحلة ما بعد التسعينيات، فقد فوجئت الساحة الأدبية بأعداد هائلة من الشعراء والروائيين وكتاب القصة، بشكل ملحوظ، حتى أن هذا التدفق غير المسبوق أدى أيضاً إلى نتائج نذكر منها: افتتاح الكثير من دور النشر التي كانت أيضاً بدورها محدودة، وتُعد على الأصابع.
أيضاً من نتائج هذا التدفق ظهور منتديات ثقافية شبابية جديدة، سواء في داخل المؤسسات الأهلية مثل «رابطة الأدباء الكويتيين» و«منتدى المبدعين الجدد»، أو من خلال المجموعات الثقافية التي اختارت المقاهي وغيرها لعقد جلسات أدبية. وكذلك ظهور أندية للقراءة. وبغض النظر عن النوع، فالموضوع يتحدث عن الكم الكبير الذي دخل الساحة الأدبية ليسد فجوة واسعة ظلت قائمة سنوات طويلة، حتى أن بين الجيل الذي جاء بعد التسعينيات والجيل الذي قبله فترات زمنية تصل ربما إلى جيلين أو ثلاثة.
استطاع هذا الجيل أن يسد الفجوة، لا بل أكثر من ذلك تمكن من فتح نوافذ في جدران المحلية ليطل على الفضاءات الإقليمية ثم العالمية، فشارك معظمهم في مهرجانات خارجية وأثبت حضوره في حصد الجوائز. إذن يمكننا القول بأن هناك حراكاً ثقافياً عظيماً حصل في دولة الكويت بعد التسعينيات، ومثله حراك في الفن التشكيلي والسينما.
وربما من بين هذه الأسباب التي أدت إلى هذا التدفق الجديد أن نسبة الشباب ازدادت في الكويت، بحيث تصل الآن إلى أكثر من سبعين في المائة.
ومنها ربما أن هزة الغزو في أوائل التسعينيات ولّدت وعياً جديداً لدى الناس جعلت من بعضهم يبحث عن وسيلة للتعبير عن المتغيرات الفكرية والنفسانية والمفاهيم والقناعات الجديدة التي حصلت بعد تلك الكارثة.



مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يؤكد مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج

جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
TT

مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يؤكد مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج

جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)

أكد البيان الختامي لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة، الذي اختُتم مساء السبت، إقامة مشروع بحثي فلسفي يدرس نتاج الفلاسفة العرب وأفكارهم وحواراتهم.

وبعد اختتام مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة، الذي أُقيم بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة، وذلك بمقر «بيت الفلسفة» بالإمارة، برعاية الشيخ محمد بن حمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة؛ اجتمع أعضاء «حلقة الفجيرة الفلسفيّة» في مقرّها بـ«بيت الفلسفة»، وأصدروا بياناً دعوا إلى تأسيس نواة «اتحاد الجمعيات الفلسفية العربية»، ومقرّه الفجيرة، وتشجيع الجمعيات على الانضمام إلى «الفيدرالية الدولية للفلسفة».

الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة خلال رعايته مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة (بيت الفلسفة)

وأكد البيان أهمية مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج العربي، مثل مشكلة الهوية وتعزيز الدراسات حولها.

ودعا للسعي إلى «الإضاءة على الفلسفة في العالم العربي وتمييزها من الفلسفة الغربية؛ لأنّ هدف بيت الفلسفة المركزي تعزيز الاعتراف بالآخر وقبوله».

كما دعا البيان إلى تعزيز دائرة عمل «حلقة الفجيرة الفلسفيّة»، بما يضمن تنوّع نشاطها وتوسّع تأثيرها؛ بدءاً بعقد جلسات وندوات شهريّة ودوريّة من بُعد وحضورياً، ومروراً بتعزيز المنشورات من موسوعات ومجلّات وكتب وغيرها، وانتهاء باختيار عاصمة عربيّة في كلّ سنة تكون مركزاً لعقد اجتماع «حلقة الفجيرة الفلسفيّة» بإشراف «بيت الفلسفة».

وأكد توسيع دائرة المشاركين خصوصاً من العالم الغربي؛ بحيث يُفعّل «بيت الفلسفة» دوره بوصفه جسراً للتواصل الحضاري بين العالمين العربي والغربي.

كما بيّن أهمية إصدار كتاب يجمع أعمال المؤتمرات السابقة. وبدءاً من العام المقبل سيعمد «بيت الفلسفة» إلى تعزيز الأبحاث المطوّلة في المؤتمر ونشرها في كتاب خاصّ.

ومؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة هو الأول من نوعه في العالم العربي، وتشارك فيه سنوياً نخبة من الفلاسفة البارزين من مختلف أنحاء العالم، ويحمل المؤتمر هذا العام عنوان: «النقد الفلسفي».

وتهدف دورة هذا العام التي بدأت يوم الخميس الماضي واختُتمت السبت، إلى دراسة مفهوم «النقد الفلسفي»، من خلال طرح مجموعة من التساؤلات والإشكاليات حوله، بدءاً بتعريف هذا النوع من النقد، وسبل تطبيقه في مجالات متنوعة؛ مثل: الفلسفة، والأدب، والعلوم.

وتناول المؤتمر العلاقة بين النقد الفلسفي وواقعنا المعيش في عصر الثورة «التكنوإلكترونية»، وأثر هذا النقد في تطوّر الفكر المعاصر.

وخلال مؤتمر هذا العام سعى المتحدثون إلى تقديم رؤى نقدية بنّاءة جديدة حول دور الفلسفة في العصر الحديث، ومناقشة مجموعة من الموضوعات المتنوعة، تشمل علاقة النقد الفلسفي بالتاريخ الفلسفي وتأثيره في النقد الأدبي والمعرفي والعلمي والتاريخي، ومفاهيم مثل «نقد النقد»، وتعليم التفكير النقدي، إلى جانب استكشاف جذور هذا النقد وربطه ببدايات التفلسف.

الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة خلال رعايته مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة (بيت الفلسفة)

وعملت دورة المؤتمر لهذا العام على أن تصبح منصة غنيّة للمفكرين والفلاسفة لتبادل الأفكار، وتوسيع آفاق النقاش حول دور الفلسفة في تشكيل المستقبل.

وشملت دورة هذا العام من مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة عدداً من الندوات والمحاضرات وجلسات الحوار؛ حيث افتُتح اليوم الأول بكلمة للدكتور أحمد البرقاوي، عميد «بيت الفلسفة»، وكلمة للأمين العام للاتحاد الدولي للجمعيات الفلسفية.

وتضمّنت أجندة اليوم الأول أربع جلسات: ضمت الجلسة الأولى محاضرة للدكتور أحمد البرقاوي، بعنوان: «ماهيّة النّقد الفلسفيّ»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الغذامي، بعنوان: «النقد الثقافي»، وترأس الجلسة الدكتور سليمان الهتلان.

وضمت الجلسة الثانية محاضرة للدكتور فتحي التريكي، بعنوان: «النقد في الفلسفة الشريدة»، ومحاضرة للدكتور محمد محجوب، بعنوان: «ماذا يُمكنني أن أنقد؟»، ومحاضرة ثالثة للدكتور أحمد ماضي، بعنوان: «الفلسفة العربية المعاصرة: قراءة نقدية»، وترأس الجلسة الدكتور حسن حماد.

أما الجلسة الثالثة فضمت محاضرة للدكتور مشهد العلّاف، بعنوان: «الإبستيمولوجيا ونقد المعرفة العلميّة»، ومحاضرة للدكتورة كريستينا بوساكوفا، بعنوان: «الخطاب النقدي لهاريس - نقد النقد»، ومحاضرة للدكتورة ستيلا فيلارميا، بعنوان: «فلسفة الولادة - محاولة نقدية»، وترأس الجلسة: الدكتور فيليب دورستيويتز.

كما ضمت الجلسة الرابعة محاضرة للدكتور علي الحسن، بعنوان: «نقد البنيوية للتاريخانيّة»، ومحاضرة للدكتور علي الكعبي، بعنوان: «تعليم الوعي النقدي»، وترأس الجلسة: الدكتور أنور مغيث.

كما ضمّت أجندة اليوم الأول جلسات للنقاش، وتوقيع كتاب «تجليات الفلسفة الكانطية في فكر نيتشه» للدكتور باسل الزين، وتوقيع كتاب «الفلسفة كما تتصورها اليونيسكو» للدكتور المهدي مستقيم.

جانب من الحضور (الشرق الأوسط)

وتكوّن برنامج اليوم الثاني للمؤتمر (الجمعة 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2024) من ثلاث جلسات، ضمت الجلسة الأولى محاضرة للدكتورة مريم الهاشمي، بعنوان: «الأساس الفلسفي للنقد الأدبيّ»، ومحاضرة للدكتور سليمان الضاهر، بعنوان: «النقد وبداية التفلسف»، وترأست الجلسة: الدكتورة دعاء خليل.

وضمت الجلسة الثانية محاضرة للدكتور عبد الله المطيري، بعنوان: «الإنصات بوصفه شرطاً أوّلياً للنّقد»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الجسمي، بعنوان: «النقد والسؤال»، وترأس الجلسة الدكتور سليمان الضاهر.

وضمت الجلسة الثالثة محاضرة للدكتور إدوين إيتييبو، بعنوان: «الخطاب الفلسفي العربي والأفريقي ودوره في تجاوز المركزية الأوروبية»، ومحاضرة الدكتور جيم أي أوناه، بعنوان: «الوعي الغربي بفلسفة ابن رشد - مدخل فيمونولوجي»، ويرأس الجلسة: الدكتور مشهد العلاف.

وتكوّن برنامج اليوم الثالث والأخير للمؤتمر (السبت 23 نوفمبر 2024) من جلستين: تناولت الجلسة الأولى عرض نتائج دراسة حالة «أثر تعليم التفكير الفلسفي في طلاب الصف الخامس»، شارك فيها الدكتور عماد الزهراني، وشيخة الشرقي، وداليا التونسي.

وشهدت الجلسة الثانية اجتماع «حلقة الفجيرة الفلسفية» ورؤساء الجمعيات الفلسفية العربية.