تقليل من تأثير المصالحات الحزبية على خريطة التحالفات اللبنانية

TT

تقليل من تأثير المصالحات الحزبية على خريطة التحالفات اللبنانية

قللت قوى سياسية لبنانية من تأثير المصالحات المتزايدة أخيراً بين أحزاب متنافسة، على التحالفات السياسية القائمة، خصوصاً لدى مكونات قوى «14 آذار» الممثلة في الحكومة بعد انفتاح بعضها على أحزاب «8 آذار».
وجرت لقاءات بين قيادات «الحزب التقدمي الاشتراكي» و«التيار الوطني الحرّ»، وكذلك بين «الاشتراكي» و«حزب الله»، سبقتها تهدئة بين «تيّار المستقبل» ورئيس الحكومة سعد الحريري و«التيار الوطني الحرّ» ورئيسه وزير الخارجية جبران باسيل، وعلاقة الحريري بـ«حزب الله» القائمة على ربط النزاع داخل الحكومة.
وأبقت هذه المصالحات حزب «القوات اللبنانية» وحده خارج هذه الاصطفافات، ما أثار شكوكاً بإمكان إقصائه، مع استمرار تهميش دوره داخل الحكومة. لكن حلفاء «القوات» دحضوا هذه الفرضية، مشددين على «استمرار التحالف الاستراتيجي» مع الحزب، خصوصاً ما يتعلّق بسيادة لبنان ومشروع بناء الدولة.
واعتبر القيادي في «القوات اللبنانية» النائب السابق أنطوان زهرا أن «علاقة الأطراف تتوقف على القضايا المطروحة، وليس على مقاربة المواضيع الأساسية التي تحدد قرب أو ابتعاد القوات اللبنانية عن حلفائها والآخرين». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارب بين هذه الأطراف لا يتعدى تهدئة الأجواء وتبويس اللحى، بعد اتهامات بعضهم البعض بالخيانة وتضييع الحقوق، ولا يبحث عن حلول نهائية للأزمات التي يتخبط بها لبنان».
وصوّب «الحزب التقدمي الاشتراكي» التفسيرات التي تعطى للقاءات مع «التيار الحرّ» و«حزب الله». وأكد عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب هادي أبو الحسن لـ«الشرق الأوسط» أن اللقاء الذي جمع النائب تيمور جنبلاط مع الوزير جبران باسيل ولقاء وفد «الاشتراكي» مع وفد من «حزب الله» برعاية رئيس مجلس النواب نبيه برّي في عين التينة، يأتيان ضمن «محاولة لإزالة كل العقبات القائمة القوى السياسية، من أجل مواجهة التحديات، سواء ما يجري على الحدود الجنوبية أو الأزمات الاقتصادية والمالية».
وقال أبو الحسن: «نحن ننظّم الخلاف مع التمسّك بثوابتنا، وأن ننأى عن صراعات المنطقة باستثناء قضية فلسطين»، مشدداً على أن «هذه اللقاءات ليست على حساب العلاقة مع القوات اللبنانية العميقة والمتينة التي تجمعنا بها الكثير من الثوابت المشتركة».
وكان رئيس كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط زار وزير الخارجية جبران باسيل السبت الماضي في دارته في اللقلوق (جبل لبنان)، لطي صفحة الخلاف الذي نشأ بعد حادثة قبرشمون، وأتبعها لقاء بين «الاشتراكي» و«حزب الله» في مقرّ الرئاسة الثانية في عين التينة برعاية برّي شخصياً.
وعززت هذه اللقاءات مخاوف جمهور «القوات اللبنانية»، أن يؤدي تقارب القوى المتخاصمة، إلى اتفاق داخل مجلس الوزراء على تقاسم حصص وغنائم التعيينات القضائية والإدارية على حساب «القوات». واعتبر النائب السابق أنطوان زهرا أن «هذه الفرضية واردة، وإذا حصلت بالفعل ستعمّق الأزمة في إدارات الدولة، وتفضح الطبقة السياسية بأكملها». وقال: «لو كانت المحاصصة التي اعتمدتها الحكومات السابقة ويتبعونها الآن ناجحة، لما كنا نعاني من الأزمة الاقتصادية التي نعيشها الآن»، معتبراً أن «مضي الأطراف بسياسة المحاصصة سيرتب على لبنان مزيداً من التدهور الاقتصادي، وفقدان ثقة العالم بالدولة اللبنانية ومؤسساتها».
وقلل النائب عن «الحزب الاشتراكي» هادي أبو الحسن من هذه الفرضيات. وأشار إلى أن «علاقة الحزب الاشتراكي مع الحلفاء الأساسيين، أي تيار المستقبل والقوات اللبنانية وحزب الكتائب، راسخة وغير قابلة للتبدّل»، مؤكداً أن «التلاقي مع (حزب الله) أو التيار الوطني الحرّ لا يفسد للودّ قضية، وما يجري مع الفريق الآخر ليس تحالفاً أو إعادة تموضع، بل تنقية الأجواء وتنظيم الخلاف لمواجهة التطورات، خصوصا أننا في حكومة واحدة». وشدد على أنه «لا يوجد تموضع جديد بالتحالفات، بل مواجهة للتحديات».
ولا يبدو أن حلفاء «القوات اللبنانية» في وارد التخلّي عن التحالفات الاستراتيجية معها، وهذا ما يسري على «تيّار المستقبل»، إذ أوضح عضو مكتبه السياسي راشد فايد أن «ما يجمع القوات اللبنانية والمستقبل والحزب الاشتراكي وقوى 14 آذار، التزامات استراتيجية تبدأ بالسيادة والاستقلال وتنتهي بإعادة بناء الدولة».
وأكد فايد لـ«الشرق الأوسط» أن «التجاذبات السياسية فيها الكثير من نقاط التقارب والتباعد، أما العلاقات الاستراتيجية، فلا تنازل عنها»، جازماً بأن «تيار المستقبل لا يقبل بأي حال استبعاد القوات اللبنانية أو إقصاءها أو استفرادها سواء داخل الحكومة أو خارجها، والرئيس الحريري قال قبل أيام إن ما يجمعني بوليد جنبلاط وسمير جعجع أكبر بكثير مما قد يفرقنا».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.