قتال عنيف في ولايات أفغانية

الرئاسة تنفي تصريحات عن قطر

TT

قتال عنيف في ولايات أفغانية

تصاعدت المواجهات بين القوات الحكومية وقوات «طالبان» في أفغانستان بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلغاء المفاوضات واتفاق السلام الذي توصل له المبعوث الأميركي لأفغانستان زلماي خليل زاد مع ممثلي «طالبان» في الدوحة، في تسع جولات من المفاوضات امتدت قريباً من عام. واتهمت حركة طالبان القوات الأميركية وقوات الحكومة بالهجوم على المدنيين في ولاية بلخ شمال أفغانستان واختطاف 3 فلاحين من منطقة تشار بولاك. كما اتهمت «طالبان» القوات الأميركية بالتسبب في مقتل 3 مدنيين بصورة وحشية بينهم امرأة بعد سقوط صاروخ على سيارة مدنية تنقل ركابا في مديرية نرخ في ولاية وردك غرب العاصمة كابل. وفي تقرير من ولاية قندوز الشمالية قالت «طالبان» إن مدنيين عزلاً بينهم امرأة قتلوا وجرح سبعة في قصف بالهاون قامت به قوات حكومية على أطراف مدينة قندوز مركز الولاية، فيما قتل مدنيان في غارة جوية أميركية على مديرية زرمت في ولاية بكتيا شرق أفغانستان.
وقالت وزارة الدفاع الأفغانية إن قواتها تمكنت من استعادة مديرية يمغان في ولاية بدخشان شمال شرقي أفغانستان بعد أن سيطرت عليها قوات «طالبان» طيلة السنوات الأربع الماضية. وحسب بيان من الوزارة فإن القوات الحكومية شنت سلسلة غارات جوية تمكنت بعدها من شن هجوم بري على قوات «طالبان» واستعادت السيطرة على المديرية.
وحسب بيان الوزارة فقد أوقعت القوات الحكومية عدداً كبيراً من القتلى والجرحى في صفوف «طالبان»، وأن من بين القتلى مسلحين أجانب يقاتلون في صفوف «طالبان»، وقال بيان الحكومة إن عددا كبيرا من مقاتلي «طالبان» استسلموا للقوات الحكومية خلال العمليات.
وجاء الإعلان عن استعادة يمغان بعد أيام من إعلان الحكومة استعادة مديرية واردوج في ولاية بدخشان.
وقالت الحكومة الأفغانية إن قواتها تتقدم من عدة اتجاهات لاستعادة المناطق التي سيطرت عليها «طالبان» في ولاية بدخشان.
وأصدر فيلق شاهين التابع للجيش الأفغاني في مناطق الشمال بيانا قال فيه إن قواته قتلت وأصابت 49 من قوات «طالبان» خلال العمليات في ولاية بلخ وشملت مناطق سيا آب وشولغرة وأرزنكار. وحسب البيان فإن القوات الأفغانية تمكنت من قتل 36 من قوات «طالبان» وأصابت 13 آخرين كما دمرت عدداً من مستودعات الأسلحة التابعة لقوات «طالبان» وعددا من الدراجات النارية. من جانبها، أصدرت «طالبان» عدداً من البيانات عن عمليات قواتها في عدة ولايات أفغانية، فقد شهدت ولاية لوغر مقتل اثنين من رجال الميليشيا الحكومية وإصابة ثلاثة آخرين كما دمرت ناقلة عسكرية للقوات الحكومية في كمين نصبته قوات «طالبان» في مدينة بولي علم.
وفي الولاية نفسها قتل ثلاثة من أفراد القوات الحكومية في كمين آخر، كما قتل سبعة آخرون بتفجير دبابة في منطقة محمد أغا في ولاية لوغر. وشهدت ولاية بكتيا شرق أفغانستان قنص جندي أفغاني في منطقة غيدرا شيري، فيما لقي ثلاثة أفراد من القوات الحكومية مصرعهم في انفجار قنبلة في منطقة صابري، كما لقي سبعة جنود آخرون مصرعهم في انفجار آخر في منطقة سرحوزة في ولاية بكتكيا.
وتواصلت الاشتباكات بين القوات الحكومية وقوات «طالبان» في ولاية قندوز الشمالية، حيث هاجمت قوات «طالبان» مراكز للقوات الحكومية في منطقة دشت أرشي، كما وقعت اشتباكات عنيفة بين قوات الطرفين في ولاية بغلان شمال العاصمة كابول مما أدى إلى مقتل خمسة جنود حكوميين وإصابة ستة آخرين، حسب بيان لقوات «طالبان. وقصفت قوات «طالبان» قاعدة عسكرية للقوات الحكومية في منطقة شلغر في ولاية غزني جنوب شرقي أفغانستان، كما هاجمت مركزا للشرطة في مدينة غزني مركز الولاية.
من جانبه، عين الرئيس الأفغاني أشرف غني قائماً بأعمال مدير الاستخبارات الأفغانية بدلاً من معصوم ستانكزي الذي استقال من منصبه بعد قتل الاستخبارات الأفغانية أربعة أشقاء في منزلهم في غارة ليلية في جلال أباد. وأصدر أشرف غني قراراً بتعيين أحمد ضياء سراج بمنصب القائم بأعمال مدير الاستخبارات الأفغانية، وهو من كبار الضباط في الاستخبارات الأفغانية، حيث كان يعمل نائباً لمدير الاستخبارات لشؤون العمليات، فيما تم تعيين أجمل عابدي نائباً للمدير لشؤون العمليات.
إلى ذلك، نفى الناطق باسم الرئاسة الأفغانية صديق صديقي صحة تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية أفغانية، أول من أمس، تتهم دولة قطر بتوجيه أوامر لحركة «طالبان» بقتل الشعب الأفغاني. وقال إن ذلك «مرفوض تماماً».
وکانت «الشرق الأوسط» نقلت تصريحات صديقي، بحسب ما جاء في وكالات أنباء أفغانية محلية، وقال صدیقي إن «الشعب الأفغاني لن يقبل أبداً سلاماً غامضاً وغير كامل لن يؤدي إلى إنهاء الحرب وإحلال السلام}، مؤكداً على ضرورة {إنهاء المفاوضات في قطر». ووصف صدیقي عملية التفاوض في قطر بـ«الخاطئة والعقيمة»، مشدداً على أن الحكومة الأفغانية ملتزمة بالعمل مع الولايات المتحدة وحلفاء آخرين في المنطقة لتأمين سلام دائم في المستقبل.



​المعلمون اليمنيون بين سجون الحوثيين والحرمان من الرواتب

الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)
الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)
TT

​المعلمون اليمنيون بين سجون الحوثيين والحرمان من الرواتب

الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)
الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)

يحتفل العالم في الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) باليوم العالمي للمعلم، فيما لا يزال المعلمون في اليمن يعانون من ويلات الحرب التي أشعلها الحوثيون، إذ اعتقلت الجماعة ألف معلم على الأقل، وأجبرت عشرات الآلاف على العمل من دون رواتب منذ ثمانية أعوام، في حين اضطر الآلاف إلى العمل في مجالات أخرى لتوفير لقمة العيش.

وإلى جانب تدني المرتبات في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وتأخر صرفها والنزوح القسري، طال من يعمل في قطاع التعليم الانتهاكات طوال العشر السنوات الأخيرة، سواء من خلال التسريح القسري والاختطافات، أو نتيجة تحويل الحوثيين المدارس والمؤسسات التعليمية إلى معسكرات لتجنيد الطلاب، أو نشر الأفكار الطائفية بهدف تغيير التركيبة المذهبية في البلاد.

انقلاب الحوثيين أدى إلى تدهور أوضاع المعلمين والطلاب على حد سواء (إعلام محلي)

في هذا السياق ذكرت الشبكة اليمنية لروابط الضحايا أن المعلم اليمني يستقبل هذه المناسبة وهو يعاني من انتهاكات جسيمة لحقوقه الأساسية، مما يحوّل هذه الذكرى إلى يوم حزين بدلاً من يوم احتفاء.

وقالت الشبكة إنه منذ ما يقارب عشر سنوات من الحرب التي تسبب بها انقلاب جماعة الحوثي على الدولة ومؤسساتها، يعاني المعلم من أزمة إنسانية متفاقمة، تتمثل في حرمانه من حقوقه المالية والمدنية والسياسية، وتعرضه لمختلف أشكال العنف والانتهاكات، بما في ذلك الاعتقال التعسفي والاختطاف والتهجير القسري.

ووفق ما ذهبت إليه الشبكة، فقد أدت هذه الأوضاع «المأساوية» إلى تدهور حاد في مستوى التعليم، وتفشي الجهل والأمية بين صفوف الشباب. ومع تأكيدها أنها تدرك حجم المعاناة التي يتعرض لها المعلمون في اليمن، أدانت بشدة جميع أشكال الانتهاكات التي يتعرضون لها خاصة في مناطق سيطرة الحوثيين، وطالبت المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان بالتحرك العاجل لإنهاء هذه الانتهاكات، وضمان حصول المعلمين على حقوقهم كاملة غير منقوصة.

وطالبت الشبكة التي تضم روابط ضحايا الانتهاكات في اليمن بصرف مرتبات المعلمين ومستحقاتهم بشكل منتظم، لضمان استقرارهم المعيشي، وتمكينهم من أداء مهامهم التعليمية على أكمل وجه، وتوفير بيئة عمل آمنة للمعلمين، حفاظاً على حياتهم وكرامتهم، ولتشجيعهم على الاستمرار في عملهم، والإفراج الفوري عن جميع المعلمين المعتقلين والمختطفين في سجون الحوثيين، وضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات.

معدلات الأمية ارتفعت إلى 70 % في الأرياف اليمنية (إعلام محلي)

كما طالبت الشبكة بتوفير الدعم اللازم لإعادة تأهيل البنية التحتية التعليمية التي تأثرت بسبب الحرب، والعمل على تطوير المناهج الدراسية بما يتناسب مع احتياجات المجتمع اليمني.

ودعت جميع الأطراف وعلى وجهة الخصوص جماعة الحوثي المسلحة التي يتعرض المعلمون في مناطق سيطرتها إلى أشكال متعددة من الانتهاكات الممنهجة، إلى تحمل مسؤولياتها، والعمل الجاد على إنهاء معاناة المعلمين، وصرف رواتبهم، وتوفير الظروف المناسبة لهم لأداء دورهم الحيوي في بناء مجتمع يمني مزدهر.

مأساة التعليم

أكد «مركز ألف لحماية التعليم» أن المعلمين في اليمن واجهوا تحديات بالغة التعقيد خلال العقد الأخير، متجاوزين كل الصعوبات التي فرضتها ظروف النزاع وانعدام الأمن، حيث أثرت الحرب والهجمات المسلحة على قطاع التعليم بشكل كبير مما أدى إلى تدهور أوضاع المعلمين والطلاب على حد سواء.

وبحسب ما أورده المركز بمناسبة اليوم العالمي للمعلم، فإن هناك ما يقارب من ألف معلم مختطف ومحتجز قسراً معظمهم لدى جماعة الحوثي، وذكر أن هذا الأمر انعكس سلباً على روح وواقع العملية التعليمية، ودفع كثيراً من المعلمين للبحث عن وظائف بديلة.

وناشد المركز المعني بحماية التعليم الحوثيين سرعة صرف رواتب المعلمين والتربويين في مناطق سيطرتهم، التي توقفت منذ عام 2016، والإيفاء بالتزاماتهم تجاه عشرات الآلاف من المعلمين والمعلمات، وضمان حمايتهم من الاعتقال والاختطافات والإخفاء القسري والحجز التعسفي.

كما ناشد الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً بتحسين رواتب المعلمات والمعلمين في مناطق سيطرتها، والتي لا تفي بأبسط متطلبات الحياة المعيشية الضرورية في ظل تدهور أسعار الصرف وتفشي البطالة.

الحوثيون أجبروا عشرات الآلاف من المعلمين على العمل دون رواتب منذ 8 أعوام (إعلام محلي)

ودعا المركز الجهات المهتمة بالتعليم إلى تبني مشاريع تضمن استمرارية التعليم وتحسين جودته، وتعمل على دعم المعلمين وتدريبهم وتأهيلهم خاصة في ظل وجود شريحة واسعة من المتطوعات والمتطوعين الذين يعملون في الميدان لتغطية نسب العجز الكبيرة في الطاقم المدرسي، ودون أدنى معايير التأهيل والتدريب.

وتحدّث المركز عما وصفها بـ«مأساة التعليم في اليمن» وقال إن نسبة الأمية تقدر بنحو 70 في المائة في الأرياف، و38 في المائة في المدن، وذكر أن 45 في المائة من المعلمين لا يحملون شهادة الثانوية العامة، وأن 13.8 في المائة فقط لديهم شهادة جامعية، كما أن الخصخصة والافتقار إلى التنظيم أثرا سلباً على جودة التعليم في الوقت الذي يدخل فيه التعليم خارج اليمن مرحلة التحول الرقمي.

وكانت إحصائية حكومية حديثة ذكرت أن 4.5 مليون طفل باتوا خارج التعليم في اليمن، وهو رقم يزيد بمقدار الضعف على الرقم المسجل مع بداية النزاع، حيث لم يتجاوز العدد مليوني طفل.

مدارس طائفية

أفادت مصادر في الحكومة اليمنية لـ«الشرق الأوسط» بأن قطاع التعليم يعاني من نقص شديد في الكوادر البشرية نتيجة وقف التوظيف منذ عام 2011، ومن بعد ذلك الحرب التي أشعلها الحوثيون في نهاية عام 2014.

وقالت المصادر إن كثيراً من المدارس استعانت بمتطوعين للعمل وتغطية العجز، إذ يحصلون على مكافآت شهرية متدنية لا تتجاوز عشرين دولاراً في الشهر يتم توفيرها من التبرعات التي يقدمها التجار أو من عائدات السلطات المحلية.

وأثّر تراجع سعر العملة المحلية، وفق المصادر، بشكل كبير على رواتب الموظفين العموميين وفي طليعتهم المعلمون، حيث أصبح راتب المعلم الواحد خمسين دولاراً بعد أن كان يعادل مائتي دولار.

وأشارت المصادر إلى أن هذا الوضع دفع بمجاميع كبيرة إلى ترك العمل في سلك التعليم والالتحاق بالتشكيلات العسكرية؛ لأنهم يحصلون على رواتب أعلى.

المياه تغمر ساحة إحدى مدارس صنعاء والطلاب ملزمون بالدوام (إعلام محلي)

وفي مناطق سيطرة الحوثيين تحدثت المصادر العاملة في قطاع التعليم عن تدهور مخيف في مستويات الالتحاق بالمدارس مع زيادة الفقر، وعجز الأسر عن توفير متطلبات التحاق أبنائها، والعروض التي يقدمها الحوثيون للمراهقين في سبيل الالتحاق بجبهات القتال والحصول على راتب شهري يساوي 100 دولار، إلى جانب التغذية ووضع أسرهم في صدارة قوائم المستحقين للمساعدات الغذائية التي توزعها المنظمات الإغاثية.

ووفق هذه الرواية، فإن اهتمام الحوثيين بتحويل المدارس إلى مواقع لاستقطاب المراهقين، ونشر الأفكار الطائفية وقطع مرتبات المعلمين وفرار الآلاف منهم خشية الاعتقال دفع بالجماعة إلى إحلال عناصرها بدلا عنهم، واختصار الجدول المدرسي إلى أربع حصص في اليوم بدلاً من سبع.

كما وجهت الجماعة عائدات صندوق دعم المعلم لصالح المدارس الطائفية الموازية التي استحدثوها خلال السنوات الأخيرة، ويتم فيها منح المعلمين رواتب تصل إلى 700 دولار، كما توفر هذه المدارس السكن الداخلي، والتغذية، والكتب المدرسية بشكل مجاني للملتحقين بها.