البصرة وبغداد تتصدران مدن العراق في الاتجار بالمخدرات وتعاطيها

TT

البصرة وبغداد تتصدران مدن العراق في الاتجار بالمخدرات وتعاطيها

أظهرت إحصاءات قدمها مجلس القضاء العراقي الأعلى، أمس، تزايد أعداد المحكومين والموقوفين في قضايا الاتجار بالمخدرات وتعاطيها خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي، إذ بلغ العدد، حسب جريدة «القضاء» الصادرة عن المجلس، 6842 محكوماً ومتهماً، بخلاف الموقوفين في إقليم كردستان. كما كشفت تصدر البصرة وبغداد المدن العراقية الأكثر استخداماً واتجاراً بالمخدرات. ولا تمثل الإحصائية الجديدة مفاجأة فيما يخص تفشي قضايا المخدرات في السنوات الأخيرة، إلا أنها تشير إلى حاجة البلاد الفعلية إلى استراتيجية عمل فعالة لمحاربة هذه الآفة التي باتت تثير قلق العراقيين على المستويات الشعبية والرسمية.
كان رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، قال في مارس (آذار) الماضي، إن «المخدرات ظاهرة كبيرة تحاول أن تمتد وتأتي من الأرجنتين إلى عرسال اللبنانية، وتنتقل عبر سوريا وتدخل العراق، لتؤسس شبكات تستغل الشباب من أجل كسب أموال هائلة»، ما عرّضه محلياً إلى انتقادات لاذعة لتجاهله الإشارة إلى إيران التي تعد المصدر الأول لتجارة ومرور المخدرات في العراق.
كان رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، أصدر أمراً ديوانياً في 2016 بتشكيل لجنة خاصة لمتابعة موضوع المخدرات في العراق، وكلفها الذهاب إلى البصرة للوقوف على مجمل الأسباب المتعلقة بهذه القضية الشائكة، ورفعت اللجنة وقتذاك تقريراً مفصلاً إلى رئاسة الوزراء، بيد أن الإجراءات التي اتخذتها الدولة لم تحل دون ردع تجارات ومافيات الفساد هناك، كما يقول لـ«الشرق الأوسط» أحد أعضاء اللجنة.
وحسب إحصاءات صحيفة «القضاء»، فإن محافظة البصرة الجنوبية المحاذية لإيران جاءت في مقدمة المحافظات العراقية بالنسبة لأعداد المتهمين المحكومين عن قضايا ‏المخدرات فيها، إذ أطلق قضاتها أحكاماً عقابية بحق 870 متهماً، تراوحت أحكامهم بين السجن ‏‏15 سنة والسجن المؤبد. وأغلب هذه الأحكام صدرت بحق ‏أشخاص يعملون بتجارة المواد المخدرة أو ترويجها. واحتلت بغداد المرتبة الثانية بعد البصرة من حيث عدد ‏المحكومين في قضايا المخدرات إذ وصل عددهم إلى 676 محكوماً.
‏لكن بغداد بجانبيها (الكرخ والرصافة) تصدرت المحافظات بعدد المتهمين الذين ما زالوا ‏يخضعون إلى التحقيق، إذ بلغ عددهم 1152 متهماً بواقع 766 متهماً في المحاكم التابعة لرئاسة محكمة استئناف الرصافة و386 متهماً قيد التحقيق في جانب الكرخ.
ونقل تقرير «القضاء» عن رئيس الهيئة الثانية في محكمة جنايات البصرة، القاضي رياض عبد العباس، قوله إن «ظاهرة تعاطي وتجارة المواد المخدرة في العراق عموماً، وفي محافظة البصرة خصوصاً، أصبحت من الظواهر المجتمعية شديدة الخطورة، كما لم تعد منحصرة بفئة عمرية دون ‏أخرى، أو بجنس دون آخر، بل أصبحنا نرى طيفاً واسعاً ممن انحدر، ووصل به الأمر إلى ‏التعاطي أو الترويج أو المتاجرة وحتى تهريبها».
ورأى أن «من الأسباب التي أدت إلى ازدياد عمليات التهريب أيضاً ضعف الرقابة ‏الأمنية على الحدود العراقية، ونخص بالذكر محافظة البصرة، وعدم قدرة قوات حماية الحدود ‏على ضبط الحدود البرية بالشكل المطلوب، إضافة إلى قلة عدد منتسبي شرطة مكافحة ‏المخدرات وعدم كفاءة البعض منهم من جهة أخرى».
وكشف تقرير «القضاء» أن محافظة صلاح الدين سجلت العدد الأقل من المتهمين بقضايا المخدرات خلال النصف ‏الأول من عام 2019، سواء ممن تم الحكم عليهم أو ممن ما زالوا قيد التحقيق، إذ بلغ ‏المحكومون عدد 11 فقط، أما الذين ما زالوا يخضعون للتحقيق فهم 46 موقوفاً في مختلف ‏الجرائم التي تتعلق بالمخدرات.‏
كان وزير الداخلية ياسين طاهر الياسري، أمر نهاية يوليو (تموز) الماضي، بإقالة مدير مكافحة المخدرات في البصرة العقيد إسماعيل المالكي، على خلفية ضبط أكثر من 50 كيلو غراماً من مادة الحشيشة من دون إلقاء القبض على أي من المهربين.
ويرى عضو مجلس محافظة البصرة جمعة الزيني، أن «انتشار المخدرات في البصرة بات ظاهرة خطيرة تهدد النسيج الاجتماعي ولها أسبابها الاجتماعية والأمنية». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن «عدم شعور الإدارة المحلية بأهمية مطالب الناس وحاجاتها ومخاطر البطالة، خصوصاً للفئات العمرية الصغيرة، دفع هذه الفئات للجوء إلى المخدرات أملاً في إيجاد السعادة والسلوى المفقودين في حياتها». وأعرب عن اعتقاده بأن «هناك خللاً كبيراً في الناحية الأمنية، يسمح لمافيات الفساد بالمتاجرة في المخدرات بأنواعها كافة، ولم تتخذ السلطات الإجراءات الرادعة والحقيقية لمحاربة تلك المافيات». واعتبر أن «ما يحدث في البصرة لا يمكن عزله عن سياق القوى والعصابات المدعومة من قوى سياسية محلية نافذة ودول تسعى لتدمير البلاد وإحباط أي محاولات جادة للإصلاح».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.