جدل يحيط بوفاة عالم مصري في الطاقة الذرية بالمغرب

عائلته تترقب وصول الجثمان غداً... وتعتبر رحيله «مفاجئاً»

TT

جدل يحيط بوفاة عالم مصري في الطاقة الذرية بالمغرب

زادت تعليقات مصرية أطلقها كُتاب رأي وأفراد من عائلة العالم المصري أبو بكر رمضان، الأستاذ المتفرغ بقسم المواقع والبيئة بهيئة «الرقابة النووية الإشعاعية»، من الشكوك والجدل بشأن ملابسات وفاته يوم الخميس الماضي في المغرب، حيث كان يشارك في مؤتمر علمي عن التلوث البحري وتنظمه «الوكالة الدولية للطاقة الذرية».
وفي حين دعت «هيئة الرقابة النووية» التي كان يعمل رمضان لصالحها، إلى «عدم استباق نتائج التحقيقات، وانتظار ما ستسفر عنه نتائج الفحص لجثمان العالم الراحل»، قال محمود سمير، وهو ابن شقيق العالم الراحل، لـ«الشرق الأوسط» إن رحيل عمه «كان مفاجئاً للعائلة، خصوصا أنه لم يكن يعاني من مشكلات صحية مزمنة، كما تداول البعض».
وكذلك جاء بيان للخارجية المصرية، أمس، ليرد ضمنياً على المخاوف بشأن ملابسات الوفاة، وقال السفير ياسر هاشم، مساعد وزير الخارجية للشؤون القنصلية والمصريين بالخارج، إن «السفارة المصرية في المغرب تتواصل مع السلطات المغربية منذ إبلاغها بوفاة العالم المصري، لمتابعة كافة الإجراءات اللازمة، من حيث (التأكد من أسباب الوفاة)».
وسبق للخارجية المصرية، أول من أمس، أن أرجعت في التقرير الأولي لسبب للوفاة إلى «عارض صحي طارئ»، مؤكدة أن السفارة المصرية «تابعت عن كثب الحالة منذ اللحظة الأولى».
وأثار الكاتب الصحافي المصري، محمد أمين، في عموده اليومي بعدد صحيفة «المصري اليوم»، الخاصة، الصادر أمس، التساؤلات والشكوك بشأن الوفاة، ونبه إلى الغموض الذي يكتنف الواقعة، مدللاً على ذلك بـ«إعلان الوفاة الذي تأخر عدة أيام».
وشرح أمين أن الشكوك أثيرت بشأن وفاة رمضان، بسبب تكليفه «بدراسة الآثار المحتملة للمفاعلات النووية في إيران وإسرائيل»، فضلاً عن أن «هناك تاريخاً سابقاً في اغتيال علماء مصر، عن طريق الموساد».
التحفظ نفسه بشأن أسباب الوفاة جاء على لسان ابن شقيق العالم الراحل، الذي أشار، إلى أنه التقى «عمه في إجازة عيد الأضحى الماضي، وشاركا سوياً في توزيع لحوم الأضحية، ولم يبد عليه أثر لإرهاق طارئ أو غريب»، فضلاً عن أن «العائلة كلها تعرف أنه لم يكن يعالج من أمراض مزمنة أو خطيرة».
وبشأن ما إذا كان الراحل تحدث معه أو أفراد العائلة بشأن تهديدات وصلته، قال سمير لـ«الشرق الأوسط» إنه «لم يتحدث بهذا الشأن، وكذلك لم يكن من عاداته التطرق لتفاصيل عمله مع أحد».
واستشهد سمير بالحالة الصحية الجيدة لعمه بأنه، كان «دائم التنقل والمشاركة في مأموريات عمل خارجية ومؤتمرات دولية، لكنه لم يعمل خارج مصر لفترات طويلة».
وأفاد بأن الأسرة أُبلغت من السلطات المصرية، بوصول جثمان عمه إلى القاهرة غداً (الثلاثاء) تمهيداً لدفنه.
وتوفي رمضان الخميس الماضي، أثناء مشاركته في ورشة عمل نظمتها «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، خلال الفترة من 2 - 6 سبتمبر (أيلول) الجاري، بمدينة مراكش المغربية، ليمتلئ الفضاء الإلكتروني بتعليقات ترجح تعرضه للاغتيال، وهو ما عزاه بعض زملائه لتأثر المصريين بحوادث اغتيال بعض العلماء المصريين في الماضي.
ويقول الدكتور يسري أبو شادي، كبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية سابقا، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، حيث يوجد في فيينا إن «مصر ليس لديها برنامج سري نووي حتى يتم اغتيال الدكتور أبو بكر أو غيره، والربط بين اغتياله وتكليفه منذ سنوات بدراسة وجود تسريب إشعاعي ناتج عن مفاعل ديمونة الإسرائيلي ومفاعل بوشهر الإيراني غير منطقي على الإطلاق».
ويضيف أبو شادي الذي زامل العالم الراحل في الكثير من المشروعات «كان تكليف أبو بكر بهذا العمل من قبل جامعة الدول العربية قبل نحو 7 سنوات، وأصدر بياناً أكد فيه أنه لا يوجد أي تسرب إشعاعي وصل إلى الحدود العربية من المفاعلين الإسرائيلي والإيراني، فلماذا يتم اغتياله إذن؟».
وعزا كبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية سابقا حالة الجدل التي أثارتها وفاته إلى تأثر المصريين إلى الآن بحادثة وفاة العالم المصري الراحل الدكتور يحيى المشد، وقال: «المشد وهو أستاذي كان رئيسا للبرنامج النووي العراقي، ولكن مصر منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وحتى الآن ليس لديها برنامج نووي سري يكون سببا لاغتيال العلماء المصريين».
الرأي نفسه أكده الدكتور علي عبد النبي، نائب رئيس هيئة محطات الطاقة النووية الأسبق، على ما ذهب إليه أبو شادي. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «أجهزة المخابرات تستهدف دائماً ما تطلق عليهم (الصيد الثمين)، وهم علماء إذا تم اغتيالهم يحدث ضرر كبير للدولة التي ينتمي لها العالِم، وفي مصر فإن البرنامج النووي سلمي، ويخضع لإشراف هيئة الطاقة الذرية».
وتابع عبد النبي الذي زامل العالم الراحل في مشروعات بحثية: «الدكتور أبو بكر تخرج في كلية الزراعة، وكانت اهتماماته تتعلق بدراسة التلوث الإشعاعي في المياه أو التربة، وهو مجال ليس مغريا لأجهزة المخابرات كي تستهدف القائمين عليه».
وحول الربط بين مقتله وتكليفه منذ سنوات بدراسة الأثر البيئي لمفاعلي ديمونة الإسرائيلي وبوشهر الإيراني، تعجب من هذا الربط، مضيفا: «الأثر البيئي معلومات متاحة في الطبيعة، تجدها في الهواء والماء والتربة وليست أسرارا، ويمكن لأي عالم القيام بها، لذلك فهذا الربط غير منطقي».
ومن جانبها، رفضت هيئة الرقابة النووية والإشعاعية التي ينتمي لها العالم الراحل، استباق نتائج تشريح الجثة، وقال مصدر بمكتب رئيس الهيئة لـ«الشرق الأوسط» إن «رئيس الهيئة أصدر بياناً يتعلق بملابسات الوفاة، ولن يدلي بأي تعليقات إضافية، حتى صدور النتائج النهائية لتشريح الجثمان».
وكان بيان رئيس الهيئة الذي صدر أول من أمس، أشار إلى أن التشريح الأولي للجثمان قد أظهر أن الوفاة بسبب سكتة قلبية.



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.