«تمصير» العمارة الأوروبية... بنايات أثرية قاهرية تمزج بين الشرق والغرب

مسجد الرفاعي في القاهرة
مسجد الرفاعي في القاهرة
TT

«تمصير» العمارة الأوروبية... بنايات أثرية قاهرية تمزج بين الشرق والغرب

مسجد الرفاعي في القاهرة
مسجد الرفاعي في القاهرة

ما زالت فنون العمارة في عهد أسرة محمد علي تشغل الباحثين والخبراء، بحثاً عن ملامح تميزها، عبر دراسة إرث أثري ومعماري يحتل مكانة فنية فريدة في تاريخ العمارة في التاريخ الحديث، وسلط أثريون الضوء على مراحل تطور العمارة خلال حكم الأسرة العلوية، ومحاولات الحفاظ على الهوية الوطنية من خلال «تمصير» العمارة الأوروبية وإدخال الزخارف المملوكية لإضفاء الطابع الإسلامي والوطني عليها.
ويُبرز العديد من البنايات والمساجد الأثرية التي ما زالت باقية، مراحل تطور فنون العمارة خلال تلك الفترة واختلاف ملامحها ما بين بدء فترة حكم محمد علي الكبير التي يُطلق عليها الأثريون مرحلة «الاقتباس» وحتى فترات حكم الأبناء التي شهدت مرحلة «التمصير» في عهد الخديو إسماعيل، بهدف الحفاظ على الهوية الإسلامية في فنون العمارة.
ويهتم الكثير من خبراء الآثار وأساتذة العمارة بمراحل تطور العمارة المصرية في الفترة من 1805 إلى 1952 ميلادية، ومن أبرز هؤلاء الدكتور جمال عبد الرحيم أستاذ الآثار والفنون الإسلامية بجامعة القاهرة، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «بداية عصر محمد علي الكبير شهدت مرحلة الاقتباس من العمارة الأوروبية، وخلال حكم أبنائه تطور مفهوم العمارة ليركز على (تمصير) الفن المعماري الأوروبي، بهدف الحفاظ على الهوية الإسلامية، حيث كانت العمارة الأوروبية سائدة في مصر منذ القرن السابع عشر من خلال نوعين رئيسيين هما فن عمارة (الباروك) وفن يطلق عليه (الركوكو)».
ويؤكد عبد الرحيم أن «الذي قاد مرحلة (تمصير) العمارة الأوروبية في مصر المعماري الإيطالي ماريو روستي، الذي وصل عشقه للحضارة والفنون الإسلامية إلى اعتناقه الإسلام، حيث مات خلال أدائه فريضة الحج ودُفن في البقيع بالمملكة العربية السعودية، وتمثلت ملامح الحفاظ على الهوية الإسلامية في العناصر الزخرفية التي أضفت الطابع الوطني على البنايات، خصوصاً الفنون الزخرفية التي كانت سائدة خلال العصر المملوكي، حيث أعاد المعماري الإيطالي إحياءها من جديد».
وتحظى فنون العمارة خلال عصر أسرة محمد علي، وما تركته من بنايات وآثار ما زالت قائمة، بمكانة خاصة لدى المصريين، تبرز في بنايات القاهرة الخديوية، والمساجد الشهيرة التي بُنيت خلال تلك الفترة، ومنها مسجد عمر مكرم بميدان التحرير (وسط القاهرة) ومسجدا «أبو العباس المرسي» و«القائد إبراهيم» بمدينة الإسكندرية.
الدكتور ولاء الدين بدوي مدير متحف قصر المنيل، يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «فترة حكم أسرة محمد علي تمثل حقبة مهمة في تاريخ مصر، وتُعد فنون العمارة أحد أهم ما تركته هذه المرحلة للأجيال الجديدة، لذلك نسعى دائماً إلى تسليط الضوء على الأهمية التاريخية لهذه الآثار، وما شهدته من مراحل تطور تمثلت في إعادة إحياء الفنون الإسلامية في الفن المعماري».
ووفقاً لخبراء الآثار، فقد قاد الخديو عباس حلمي الثاني، في نهاية القرن التاسع عشر مرحلة تجديد وترميم الآثار الإسلامية والقبطية، أطلق عليها «لجنة حفظ الآثار العربية»، حيث تولت ترميم كل الآثار الإسلامية والقبطية التي تم إنشاؤها في عصور سابقة.
ويشير الدكتور جمال عبد الرحيم إلى أن «الكثير من العمائر والبنايات التي ما زالت قائمة تُبرز مراحل تطور فنون العمارة خلال عصر الأسرة العلوية، فنجد جامع (محمد علي) الكبير بالقلعة يمثل مرحلة الاقتباس من العمارة الأوروبية دون وجود ملامح للهوية الإسلامية والوطنية، بينما يوثّق مسجد (الرفاعي) بمنطقة الخليفة، وبعض أسبلة القاهرة الفاطمية، ومسجد (أبو العباس المرسي) بالإسكندرية، و(عمر مكرم) بميدان التحرير، لمرحلة إضفاء الهوية الإسلامية على فنون العمارة الأوروبية، وهي سمات واضحة في التفاصيل كافة وشكل المآذن والقباب».
ويرجع قيام أبناء محمد علي بإعادة إحياء الفنون والزخارف الإسلامية من العصر المملوكي لتصبح أحد عناصر إبراز الهوية الإسلامية في فنون العمارة المأخوذة من الطراز الأوروبي، إلى تطور وازدهار هذه الفنون خلال فترة حكم المماليك الذين اهتموا بالفنون التراثية الإسلامية.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.