الجيش الوطني الليبي يتهم تركيا بقصف نقطة إسعاف وقتل 3

TT

الجيش الوطني الليبي يتهم تركيا بقصف نقطة إسعاف وقتل 3

اتهم الجيش الوطني الليبي تركيا مجددا بالتورط في القتال لصالح الميليشيات الموالية للحكومة برئاسة فائز السراج، الذي استبق زيارة يعتزم القيام بها للولايات المتحدة نهاية الشهر الحالي، بمطالبة كبار مسؤولي حكومته بعدم التعامل مع أي أطراف خارجية إلا بإذن منه. وقال المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة التابع للجيش إن تركيا متورطة في قصف نقطة إسعاف ما أدى إلى مقتل ثلاثة مسعفين، لافتا في بيان له إلى أن «طائرة تركية مسيّرة يقودها أتراك من غرفة عمليات تركية، قصفت فجر أمس نقطة إسعاف ما أدى إلى مصرع ثلاثة مسعفين»، مضيفا: «ويستمر الأتراك في اعتداءاتهم السافرة وقتل الليبيين والاعتداء عليهم في أرضهم، بفعل حكومة السراج»، موضحا أن «أبواق الميليشيات وتنظيم (الإخوان) هللت بأن ما تم استهدافه موقع قيادة عسكري».
وطبقا لما بثته وكالة الأنباء الموالية للجيش في شرق البلاد، فإن الطائرة التركية التابعة لميليشيات السراج شنت غارتين جويتين على الأحياء السكنية، مشيرة إلى أن الغارة الأولى كانت بالقرب من محطة الوقود بمنطقة الساقية، والثانية بالقرب من المصحة الإيوائية في مدينة ترهونة على بعد 80 كيلومترا جنوب العاصمة طرابلس. وكان الجيش الوطني قد أعلن شنه غارة جوية أدت إلى تدمير مخازن الذخيرة التي أعدتها الميليشيات على الحدود الشرقية لمدينة ترهونة.
بدورها، نقلت عملية بركان الغضب التي تشنها الميلشيات التابعة للسراج عن الناطق الرسمي باسمها محمد قنونو قوله إن «سلاح الجو التابع لها نفذ مساء أول من أمس وبالتنسيق مع قيادة العمليات خمس طلعات قتالية، استهدفت فلولا وآليات تابعة لقوات الجيش بمنطقة العربان جنوب مدينة غريان التي تبعد نحو 100 كيلومتر جنوب العاصمة طرابلس». ورغم هذه التطورات، فما زالت معظم محاور القتال في ضواحي طرابلس، تشهد حالة من الهدوء النسبي منذ أكثر من أسبوع وسط معلومات عن تحشيد عسكري متبادل لقوات الجيش وميليشيات السراج.
إلى ذلك، قال مسؤولون في حكومة السراج، إنه يستعد على رأس وفد حكومي لزيارة الولايات المتحدة للقاء مسؤولين أميركيين، وحضور اجتماعات الدورة 74 للجمعية العامة للأمم المتحدة. وأصدر السراج أمس قراراً ينص على منع الوزراء ووكلاء الوزارات وعمداء البلديات ورؤساء الأجهزة والهيئات العامة وأي مسؤول آخر يحمل صفة رسمية من عقد أي اجتماعات أو لقاءات مع أطراف أو جهات خارجية؛ إلا بإذن من المجلس الرئاسي لحكومته، مع التقيد بموافاة وزارة الخارجية بالتقارير اللازمة عن نتائج تلك الاجتماعات واللقاءات وغيرها في حال الحصول على إذن بعقدها.
ولم يكشف القرار أي أسباب وراء هذه الخطوة؛ لكنه وضعها في إطار «السعي لضبط سير عمل المؤسسات العامة ومنعا لأي مخالفات أو خروقات من شأنها إلحاق الضرر بالصالح العام»، على حد تعبيره. وكان السراج قد اعتبر مساء أول من أمس لدى اجتماعه بعمداء البلديات أن «الوضع العام لم يعد يحتمل المزيد من المناورات والمراوغات والمزايدات السياسية، ويجب أن نكون جميعا في مستوى المسؤولية التاريخية، ونتفاعل إيجابيا بصدق وإخلاص لنصل ببلادنا إلى بر الأمان». وقال إن المجالس البلدية ستستكمل بانتخابات تشريعية ورئاسية في إطار الدولة المدنية؛ لكنه لم يحدد أي تواريخ رسمية لذلك. وأشاد بالقوات الموالية له التي قال إنها «تدافع عن العاصمة، وعن مبادئ الديمقراطية ومدنية الدولة».
بدوره، كشف فتحي باش أغا وزير الداخلية بحكومة السراج عن قيامه بزيارة إلى فرنسا أول من أمس، بناء على دعوة مقدمة من يورغن شتوك، الأمين العام لمنظمة الشرطة الجنائية الدولية «الإنتربول». وأكد أغا في بيان لمكتبه أنه يعول على دور المنظمة في مكافحة الجريمة على المستويين الإقليمي والدولي، كما نقل عن مدير عام المنظمة استعدادها لتقديم المساعدة التقنية والوسائل والبرامج التدريبية لدولة ليبيا فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، وتقديم المساعدة التقنية في مسائل الهجرة غير المشروعة وما يترتب عليها من سلبيات أرهقت الدولة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
في المقابل، التقى المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني مساء أول من أمس في مقره بالرجمة خارج مدينة بنغازي بشرق البلاد، وفدا ضم حكماء وأعيان ومشايخ قبيلة أولاد سليمان، الذين جددوا، بحسب بيان وزعه مكتبه، دعمهم لقيادة الجيش وأشادوا بدورها في «تطهير الوطن من أشكال التطرف والإرهاب وحاملي الفكر الظلامي، ومجابهتها للعصابات الإجرامية وعصابات المال العام، وصد كل من تسوّل له نفسه المساس بأمن البلاد». وجاء الاجتماع، قبل عملية عسكرية يعتزم الجيش إطلاقها في جنوب البلاد ضد العصابات الإجرامية وجماعات المعارضة التشادية.
إلى ذلك، قررت مؤسسة النفط الموالية لحكومة السراج، تقييد إمدادات الكيروسين إلى مناطق خاضعة لقوات الجيش الوطني، فيما وصفه دبلوماسيون ومسؤولون بقطاع النفط بأنه محاولة لمنع قواته من استخدام الإمدادات في معركتها المستمرة منذ خمسة أشهر للسيطرة على العاصمة. وقالت المؤسسة الوطنية للنفط إنها لا تنحاز إلى أي جانب في الصراع، وإن هناك وقودا أكثر من كافٍ في الشرق للأغراض المدنية.
ويمثل خفض الكميات المرسلة إلى شرق البلاد في أغسطس (آب) عدولاً عن موقف مؤسسة النفط الليبية، التي تعمل مع السلطات المعترف بها دوليا في العاصمة طرابلس ويتعين عليها أيضاً التعاون مع قوات حفتر التي تسيطر على حقول نفط كبيرة. وتعتبر المؤسسة نفسها خارج الصراع الدائر منذ نحو عشر سنوات للسيطرة على البلاد، وتكشف بيانات المؤسسة للأشهر الثلاثة السابقة أنها زادت إمدادات الكيروسين بشكل كبير إلى الشرق استجابة للطلب.
وقالت المؤسسة في بيان مرفق بالأرقام التي أرسلتها إلى «رويترز» تلبية لطلبها: «أوقفت المؤسسة الوطنية للنفط جميع إمدادات الوقود الإضافية لحين الحصول على تأكيدات باقتصار استخدام الوقود على الأغراض المحلية وتلك الخاصة بالطيران المدني وعلى نحو يعكس الاستهلاك الحقيقي».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.