شهد ملف الأزمة المفتوحة مع إيران والمآل الذي وصلت إليه ما سميت «المبادرة الفرنسية»، سلسلة من الأحداث والمحطات، بدأت منذ الغداء الشهير غير المخطط له بين الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون، والأميركي دونالد ترمب، على هامش أعمال قمة مجموعة الدول السبع في بياريتز نهاية الشهر الماضي.
استدعاء فرنسا وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، للحضور على هامش تلك القمة، أثار غضباً جرى التعبير عنه علناً وسراً داخل أركان الإدارة الأميركية، خصوصاً من التيار المتشدد فيها تجاه إيران. وعلى الرغم من تأكيد ماكرون أن قضية إيران طُرحت أمام قادة مجموعة السبع وأنهم وافقوا «على عدم امتلاك طهران القنبلة النووية وزعزعة استقرار المنطقة»، فقد اعتُبر حضور ظريف تجاوزاً ومناورة فرنسية غير محسوبة.
موقع «ناشيونال إنترست» الأميركي أشار في مقال إلى أن السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام عبّر عن غضبه قائلاً: «إذا كانت دعوة الفرنسيين وزير الخارجية الإيراني إلى مجموعة السبع تمت دون استشارة الولايات المتحدة، فستكون هذه إشارة ضعف كبير أمام إيران وعدم احترامها الشديد للرئيس ترمب. نأمل أن يحافظ الرئيس على عزم ثابت ضد العدوان الإيراني».
وأضاف الموقع أن غياب وزير الخارجية مايك بومبيو، عن حضور القمة، أثار أيضاً الكثير من التكهنات خصوصاً أنه مع مستشار الأمن القومي جون بولتون، يدفعان باتجاه سياسة أكثر تشدداً تجاه إيران.
وكالة «رويترز» كانت قد نقلت عن مسؤول أميركي رفيع في البيت الأبيض قوله إن دعوة فرنسا ظريف لإجراء محادثات على هامش الاجتماع في بلدة بياريتز كانت «مفاجأة». في المقابل، أثار خلوّ البيان المشترك الذي صدر في أعقاب زيارة وزير المالية الفرنسي برونو لو مير، لواشنطن مع نظيره الأميركي ستيفن منوشين، يوم الثلاثاء الماضي، من أي إشارة إلى موضوع العقوبات على إيران، تساؤلات عبّر عنها السيناتور الجمهوري المتشدد تيد كروز، خلال مشاركته في ندوة يوم الثلاثاء في معهد هدسون، انتقد فيها بشكل مباشر وزير الخزانة منوشين، طالباً منه الحفاظ على سياسة أقصى الضغوط على إيران، وعلى أن تشمل العقوبات المنشآت النووية الإيرانية خصوصاً منشأة «فوردو» التي يقترب موعد رفع العقوبات الدولية عنها.
واتهم كروز ما سمّاها «الدولة العميقة» التي يبدو أنها لا تريد قطع شعرة معاوية مع إيران، وتحاول حصر العقوبات في الجانب الاقتصادي، والحفاظ ضمناً على الاتفاق النووي معها.
وحسب أوساط أميركية، فإن التشدد الذي أظهرته طهران عبر إصرارها على السماح لها ببيع ما لا يقل عن 700 ألف برميل من النفط يومياً «كبادرة حُسن نية» لمناقشة إنقاذ الاتفاق النووي، ورفضها التفاوض حول برنامج الصواريخ الباليستية أو الحق في تخصيب اليورانيوم، أدّيا إلى تمكين الجناح المتشدد في إدارة ترمب من إقناعه في نهاية المطاف برفض المبادرة الفرنسية التي تم إخراجها بشكل هادئ من طاولة البحث.
ترمب الذي أعرب عن تقديره للجهود التي قام بها الرئيس الفرنسي قال إنه لا يمكنه منع الجهود الدبلوماسية من أي طرف، «لكننا لا نتعامل من خلال دولة أخرى ولن نقوم بتخفيف العقوبات على إيران التي يمكنها حل الموقف خلال 24 ساعة، وأعتقد أنهم يريدون حل المشكلة».
ويُعتقد على نطاق واسع أن تداعيات ما جرى في الأيام والأسابيع الماضية، قد ينعكس على تركيبة الإدارة الأميركية نفسها وإمكانية خروج بعض الوجوه منها، كما جرى مع الإعلان عن استقالة المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جيسون غرينبلات، أمس.
تحذير من «الدولة العميقة» يطيح مبادرة ماكرون لتخفيف العقوبات
تحذير من «الدولة العميقة» يطيح مبادرة ماكرون لتخفيف العقوبات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة