الموفد الفرنسي المكلف متابعة مقررات «سيدر» يتحدث عن وضع اقتصادي دقيق

اعتبر أن الجهات المانحة بحاجة للشعور بالثقة كي تقدم الأموال للبنان

TT

الموفد الفرنسي المكلف متابعة مقررات «سيدر» يتحدث عن وضع اقتصادي دقيق

أعلن الموفد الفرنسي المكلف متابعة مقررات مؤتمر «سيدر» السفير بيار دوكان، أنه أنهى عمله «بشعور قوي بأن الوضع الملح بات مفهوماً وواضحاً، وهذا أمر جليّ بعدما كنت أسمع في الأشهر السابقة أن هذا الوضع مألوف بالنسبة للبنان ويمكن الخروج منه بسهولة». وقال إن «الجهات المانحة بحاجة إلى الشعور بالثقة لكي تقرر حينها تقديم الأموال للبنان».
وقال دوكان في مؤتمر صحافي عقده بالمركز الثقافي الفرنسي: «التقيت رئيس الجمهورية (أول من) أمس؛ الذي ذكر مهلة 6 أشهر، لكن الوضع ملح وواضح». وأكد أن «الوضع طارئ للغاية، ولا يمكن أن نجد أي مؤشر اقتصادي أو مالي ليس سيئاً».
وقال: «تبين لي بعد لقاءاتي أن هناك فهماً كبيراً لدقة الوضع الاقتصادي، والوضع طارئ للغاية، والحل السحري الذي يفكر به البعض غير موجود». وأشار إلى أنه «لم أسمع جهات مانحة تقول لي إنها ستتوقف عن تقديم التمويل للبنان... صحيح أن هناك بعض التشكيك من قبلها والذي ارتفع في الأسابيع والأشهر الأخيرة، إلا إنها لا تزال جاهزة لتقديم الدعم». ورأى أن «هدف الإصلاحات لا يجب أن يكون إرضاء للخارج، وإنما لخدمة الشعب والمؤسسات اللبنانية وللنهوض باقتصاد لبنان».
وشدد دوكان على أن «اكتشاف النفط ليس الحل السحري الذي سيحل كل الصعوبات التي واجهها لبنان، فهذا أمر إيجابي، لكننا لم نصل إليه بعد، وهذا أمل خاطئ وليس الطريق المناسبة إلى الأمام».
وتابع: «يجب أن نتذكر أن 60 في المائة من العجز يأتي من كهرباء لبنان، وبالتالي لا بد من التصرف إزاء هذا الأمر»، مشدداً على ضرورة «تحسين جباية الكهرباء واحترام ما قيل في فصل الربيع بزيادة التعريفة بدءاً من يناير (كانون الثاني) 2020، وعدم ترحيلها أكثر، من أجل الحفاظ على الثقة؛ الأمر الذي سيشكل بادرة جيدة». وقال: «لا بد من إصلاح نظام التقاعد، إضافة إلى الإصلاحات في الجمارك، وآليات مكافحة التهرب الضريبي، وتخفيض الإعفاءات الضريبية».
وأعلن دوكان أن «السلطات اللبنانية مدعوة إلى وضع هرمية واضحة لمشاريع (سيدر) وتحديد الأولويات»، وقال: «المطلوب في (سيدر) واضح؛ وهو القيام بالإصلاحات لوضع البلد على السكة الصحيحة، وليس الهدف إرضاء الخارج».
وأشار دوكان إلى أن «كل ما سمعته في لقائي يشير إلى عزم المسؤولين اللبنانيين على الإصلاح وتنفيذ المشاريع قبل المهل المطلوبة، وهذا أمر إيجابي»، عادّاً أن «الحكومة اللبنانية لها الكثير لتقوم به، والأطراف في بعبدا ملتزمة، كذلك الدول المانحة». وأكد أن «(سيدر) يجب أن ينطلق على كل الجبهات، وليس هناك أي تاريخ لصرف مستحقات (سيدر)، ولكن الجهات المانحة بحاجة إلى الشعور بالثقة لكي تقرر حينها تقديم الأموال للبنان». وقال: «لم نرَ سرعة فائقة في تطبيق الإصلاحات، كما أن إقرار موازنة 2019 تأخر، ويجب احترام المهل الزمنية المحددة والالتزام بها».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.