سلامة يحذّر من «المرتزقة والانتهاكات الروتينية» لحظر الأسلحة في ليبيا

طالب مجلس الأمن بتمكين بعثته من دعم وقف نار طويل الأجل

القائم بأعمال البعثة الدائمة لليبيا لدى الأمم المتحدة خلال اجتماع مجلس الأمن حول الوضع في بلده أمس
القائم بأعمال البعثة الدائمة لليبيا لدى الأمم المتحدة خلال اجتماع مجلس الأمن حول الوضع في بلده أمس
TT

سلامة يحذّر من «المرتزقة والانتهاكات الروتينية» لحظر الأسلحة في ليبيا

القائم بأعمال البعثة الدائمة لليبيا لدى الأمم المتحدة خلال اجتماع مجلس الأمن حول الوضع في بلده أمس
القائم بأعمال البعثة الدائمة لليبيا لدى الأمم المتحدة خلال اجتماع مجلس الأمن حول الوضع في بلده أمس

أعرب غسان سلامة، رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا «أنسميل»، المبعوث الخاص للأمين العام، عن قلقه من استمرار «الانتهاكات الروتينية» لحظر الأسلحة وتوفيرها بشكل «صارخ» لطرفي النزاع الرئيسيين داخل ليبيا، فضلاً عن وصول «آلاف المرتزقة»، مما يهدد بتفاقم الوضع. وشجع مجلس الأمن على «النظر في إضافة بند»، يمكّن المهمة الدولية من دعم وقف موسع لإطلاق النار في البلاد، خصوصاً بعد نجاح تجربة الهدنة القصيرة في عيد الأضحى.
وفي مستهل إحاطة قدمها عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من طرابلس لأعضاء مجلس الأمن في نيويورك، اعتبر سلامة أن هجوم الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، للسيطرة على العاصمة الليبية أدى إلى «وقف العملية السياسية النشيطة... وتجديد النزاع». كما كشف أنه رغم دعوته إلى الإغلاق التدريجي لكل مراكز احتجاز المهاجرين واللاجئين، وادعاءات الحكومة أنها أغلقت مركز الاحتجاز في تاجوراء، فإن «إرسال المهاجرين إلى هناك لا يزال متواصلاً، ولا يزال اللاجئون محتجزين في مجمع تسيطر عليه الجماعات المسلحة، مما يعرضهم لخطر شديد». مضيفاً أن خفر السواحل الليبية اعترضوا مئات المهاجرين وطالبي اللجوء خلال الأسابيع الأخيرة، وأنه يتم تسليم آخرين إلى مراكز الاحتجاز، بينما «تواصل بعثة الأمم المتحدة للدعم تلقي تقارير عن احتجاز تعسفي لأجل غير مسمى للمهاجرين واللاجئين»، فضلاً عن «الابتزاز والضرب والاتجار وظروف الاحتجاز اللا إنسانية، بما في ذلك الظروف القاسية والاكتظاظ ونقص الغذاء والمياه». وفي سياق حديثه عن هدنة عيد الأضحى، أشار سلامة إلى «استجابة صريحة وإيجابية من حكومة الوفاق الوطني، واستجابة إيجابية أحادية ومشروطة من المشير حفتر»، موضحاً أنه «رغم الانتكاسة اللاحقة للعنف، فقد جرى إرساء مبدأ أنه يمكن للطرفين التزام هدنة طويلة». وقال بهذا الخصوص: «عندما يحدث وقف النار هذا، سيكون من الضروري أن يكون ذلك قوياً بما يكفي لتثبيت الاستقرار بين الليبيين، من أجل عودتهم إلى العملية السياسية».
في سياق ذلك، شجع سلامة مجلس الأمن على «النظر في إضافة بند إلى ولاية البعثة لتمكينها من دعم وقف النار القابل للتعميم». وقال في هذا السياق: «العنف في ليبيا يتفاقم من خلال توفير أسلحة وذخائر وأدوات حرب إضافية... وهناك انتهاكات روتينية لحظر الأسلحة، غالباً ما تكون صارخة من الطرفين الرئيسيين في النزاع والدول الأعضاء الراعية لكل منهما».
ولفت المبعوث الأممي إلى ما أورده فريق خبراء العقوبات بخصوص أكثر من 40 حالة مختلفة، رغم عدم تعاون معظم الدول المتورطة في ذلك، وأعرب عن أسفه لأن «حظر الأسلحة لم يكن فعالاً منذ الرابع من أبريل (نيسان) 2019»، إذ «لم تجر عمليات تفتيش في البحر»، بموجب القرار 2473. مؤكداً أن «وصول الآلاف من المرتزقة، الذين جرى الإبلاغ عنهم أخيراً يهدد بتفاقم النزاع».
في هذا السياق، حذّر المبعوث الأممي من «سيناريوين غير مستساغين بالمرة»: الأول يتعلق بـ«نزاع متواصل منخفض التصعيد وطويل الأجل (...)، وتهديد إرهابي متنامٍ عبر الحدود». والآخر «غير مُرضٍ أيضاً، يتمثل في مضاعفة الدعم العسكري لأحد الجانبين، أو الآخر، من قِبل الرعاة الخارجيين، مما يؤدي إلى تصعيد حاد سيُغرق المنطقة بأسرها في الفوضى».
إلى ذلك، أفاد المبعوث الدولي بأن الأمم المتحدة «تواصل حشد الدعم الوطني والدولي من أجل وقف القتال، وتجديد الحوار»، مضيفاً أنه يعمل من أجل «بناء الثقة بين الأطراف»، وذلك عبر «تشجيع تبادل الأسرى والرفات، والسماح بالزيارات العائلية للسجناء،». كما أكد أنه «على الرغم من وجود خطاب عدائي، واستقطاب قوي في البلاد، فإن هناك دعماً شعبياً لإنهاء العنف». كاشفاً أنه باشر «حملة مكثفة مع أصحاب المصلحة الدوليين من أجل التوصل إلى توافق حول اجتماع دولي للأطراف المعنية، من شأنه أن يسهم في إنهاء النزاع واستئناف العملية السياسية». كما أوضح أنه أجرى «نقاشات مطولة وبنّاءة مع كبار المسؤولين في القاهرة»، مشدداً على أنه «من دون التزام الأطراف الخارجية الرئيسية المنخرطة في ليبيا، فإن النزاع سيستمر».
وأعلن سلامة أن «المؤتمر الدولي هو الخطوة الثانية في مبادرته الثلاثية»، موضحاً أن هدفه «توجيه رسالة قوية بشأن الحاجة إلى احترام حظر الأسلحة، والتزام عدم التدخل في الشؤون الليبية، ومعالجة الأسباب الرئيسية للنزاع كما يراها الليبيون أنفسهم، ولتأكيد الدعم الواضح والفعال لأي صيغة سياسية يوافق عليها الليبيون». ورأى أنه «لا يزال عقد اجتماع دولي، بدعم نشيط من شركائنا من المنظمات الإقليمية المعنية، شرطاً لا غنى عنه لاكتساب الالتزام الضروري من جانب أصحاب المصلحة الخارجيين الرئيسيين لإنهاء النزاع، واستئناف العملية السياسية المملوكة لليبيا».
من جانبها، قالت مروة محمد، رئيسة جمعية «محامون من أجل العدالة» الليبية، التي شاركت في الاجتماع، إن «انتشار الأسلحة وانهيار مؤسسات الدولة ساهما في زيادة الانتهاكات ضد المرأة الليبية». معبرةً عن قلقها من «تجدد الانتهاكات ضد المرأة الليبية في ظل الوضع الراهن في البلاد»، وطالبت بتمكين المرأة الليبية، وإعادة كل حقوقها لتقوم بدورها الطبيعي في المجتمع.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.