الحلبوسي يشدد على النأي بالعراق عن سياسة المحاور

TT

الحلبوسي يشدد على النأي بالعراق عن سياسة المحاور

أكد رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي أن العراق «لن يكون جزءاً من أي صراع عسكري أو محاور سياسية ذات طبيعة خلافية»، داعياً حلفاء بلاده إلى «تفهم» هذه السياسة.
وقال الحلبوسي في كلمة خلال افتتاح أعمال اجتماع لجنة الموازنة والتخطيط والمتابعة للجمعية البرلمانية الآسيوية في بغداد، أمس: «التزمنا استراتيجية واضحة لا نتردد في إعلانها المرة تلو الأخرى، وننتظر من جميع أصدقائنا أن يتفهموها، ألا وهي النأي بأنفسنا عن أي صراعات عسكرية ومحاور سياسية ذات طبيعة خلافية».
وأضاف: «اتخذنا لدولتنا موقف المعبر الذي تلتقي فيه الإرادات الخيرة وعمل كل ما بوسعنا من أجل نزع فتيل الأزمات وتقريب وجهات النظر، فيكفينا ما دفعناه ثمناً لصراعات الآخرين في بلدنا ومنطقتنا، ولن نسمح لأنفسنا بأن نكون جزءاً من الصراعات الدولية، ولذا تجدوننا ندعو باستمرار إلى حل المشكلات الدولية بالوسائل السلمية».
وأوضح أن «العراق يقيم شراكاته الاستراتيجية ومصالحه المشتركة مع الجميع من دون أن يعتريه قلق الانحياز إلى هذا الطرف أو ذاك»، لافتاً إلى أنه «ليس غريبا أن يصبح العراق في الآونة الأخيرة مرتكزاً للأمن الإقليمي وأن تتكثف فيه اللقاءات والزيارات والاجتماعات كاجتماعكم المبارك هذا كبرهان ساطع على عراق يولد من جديد من تحت ركام الحروب والأزمات والإرهاب بإرادة لا تلين وعزيمة لا تفتر».
وشدد رئيس البرلمان العراقي على أن «النصر على (داعش) هو صفحة مضيئة في حياة الإنسانية وليس في حياة العراقيين وحدهم، والإرهاب لم يستهدف العراق حتى وإن اختار العراق ساحة لحربه، وإنما كان يستهدف المنطقة ودول العالم من دون استثناء». وقال: «ندرك في العراق أن معركتنا لم تنته بعد، فلا تزال أمامنا مشكلات من تلك التي خلفها الإرهاب ولا تزال تحتاج لمعالجة جادة».
وكانت اجتماعات لجنة التخطيط والموازنة في البرلمانات الآسيوية انطلقت أمس في العاصمة العراقية بمشاركة 16 دولة عربية وآسيوية. وكان المجلس التنفيذي للجمعية البرلمانية الآسيوية صوت العام الماضي لاختيار مجلس النواب العراقي رئيساً للجنة التخطيط والموازنة في البرلمانات الآسيوية لعام 2019.
وأكدت عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي إلا طالباني لـ«الشرق الأوسط» أن «اجتماع اللجنة الدائمة للموازنة والتخطيط في جمعية البرلمانات الآسيوية انتخب العراق رئيساً للجنة لهذا العام»، مبينة أن «الاجتماع ناقش كثيرا من القضايا الإدارية والمالية والأمنية وما يعصف بالمنطقة من مشاكل وأزمات، إذ تحاول دول آسيوية عدة ممثلة في هذه الجمعية العمل من أجل تقريب الأفكار والتفاهمات ونقلها إلى حكوماتها لكي تأخذ دورها في تطويق ما تعانيه منطقتنا من أزمات ومشاكل خطيرة».
ورأت أن «أهمية هذا الاجتماع تتمثل في أن العراق بدأ يمارس دوره الإيجابي في كيفية التعامل مع قضايا المنطقة لكونه جزءاً فاعلاً ومهماً فيها، لا سيما الدائرة العربية والآسيوية بالإضافة إلى مسألة مهمة وهي وحدة خطاب الدولة العراقية الآن والتي تتمثل في أن العراق يمكن أن يكون نقطة انطلاق والتقاء بين كل دول المنطقة من أجل العمل على تحقيق السلام والوئام بين الجميع وذلك من خلال الابتعاد عن الصراعات والأزمات التي تعيشها المنطقة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.