مبيعات السيارات تصطدم بجدار الأزمة الاقتصادية التركية

أسعار المنتجين تواصل الارتفاع... وعجز التجارة الخارجية يصل إلى 14.4 %

انخفضت مبيعات السيارات في تركيا منذ بداية العام بنسبة 45 % بما يدل على تراجع القوى الشرائية بشكل كبير (رويترز)
انخفضت مبيعات السيارات في تركيا منذ بداية العام بنسبة 45 % بما يدل على تراجع القوى الشرائية بشكل كبير (رويترز)
TT

مبيعات السيارات تصطدم بجدار الأزمة الاقتصادية التركية

انخفضت مبيعات السيارات في تركيا منذ بداية العام بنسبة 45 % بما يدل على تراجع القوى الشرائية بشكل كبير (رويترز)
انخفضت مبيعات السيارات في تركيا منذ بداية العام بنسبة 45 % بما يدل على تراجع القوى الشرائية بشكل كبير (رويترز)

في مؤشر واضح على انعكاسات الأزمة الاقتصادية التركية على المواطنين، تراجعت مبيعات السيارات الخاصة والمركبات التجارية الخفيفة في تركيا خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري بنسبة 45.66 في المائة مقارنة بالفترة ذاتها من العام 2018، كما سجلت المبيعات هبوطا بنسبة 23.58 في المائة خلال أغسطس (آب) الماضي مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي.
وأشارت إحصاءات صدرت عن اتحاد مصنعي السيارات في تركيا إلى أن مبيعات السيارات والمركبات التجارية الخفيفة سجلت خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري 239 ألفاً و317 سيارة، مقابل 440 ألفا و428 خلال الفترة ذاتها من العام الماضي.
وأوضحت أن مبيعات السيارات الخاصة تراجعت خلال فترة الأشهر الثمانية الماضية بنسبة 43.94 في المائة؛ لتسجل 193 ألفاً و320 سيارة، مقارنة بـ344 ألفاً و870 سيارة العام الماضي. وتراجعت مبيعات السيارات التجارية الخفيفة بنسبة 51.86 في المائة لتسجل 45 ألفا و997 سيارة خلال الفترة ذاتها، مقابل 95 ألفا و558 سيارة في العام 2018.
وانخفضت مبيعات السيارات الخاصة في شهر أغسطس الماضي، بنسبة 20.14 في المائة، لتسجل 21 ألفا و544 سيارة، مقابل 26 ألفاً 976 سيارة بيعت بالشهر ذاته من عام 2018.
وشهدت مبيعات السيارات التجارية الخفيفة انخفاضا في أغسطس الماضي بنسبة 36.2 في المائة، لتسجل 4 آلاف و702 سيارة، مقابل 7 آلاف و370 سيارة بيعت بأغسطس 2018.
وسجلت مبيعات السيارات الخاصة، والتجارية الخفيفة في الشهر الماضي مجتمعة 26 ألفاً و246 سيارة، بنسبة انخفاض بلغت 23.58 في المائة مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي الذي شهد مبيعات بلغت 34 ألفاً و346 سيارة.
وعانت تركيا بداية من أغسطس (آب) 2018 أزمة مالية حادة دفعت بأسعار صرف الليرة التركية إلى مستويات متدنية، وسط تذبذب في وفرة النقد الأجنبي في الأسواق الرسمية.
وتراجع سعر صرف الليرة التركية إلى 7.24 مقابل الدولار الأميركي الواحد في أغسطس 2018 مقارنة بـ4.8 ليرة للدولار قبل الأزمة، بينما تتراوح أسعار الصرف حاليا ما بين 5.70 و5.80 ليرة للدولار.
وتسببت الأزمة في ارتفاع التضخم والبطالة وإعلان أكثر من 15 ألف شركة إفلاسها العام الماضي، مع توقعات بزيادة الرقم خلال العام الجاري.
وفي سياق متصل، أصدرت محكمة تركية قرارا بإعلان إفلاس شركة «دستي باشي» التي تمتلك خبرة تصل إلى نصف قرن في مجال الخرسانة والإنشاءات. وتعد الشركة هي الأكبر في تركيا بمحال الخرسانة والإنشاءات، حيث تتربع على رأس قائمة أكبر 500 شركة ومؤسسة صناعية في البلاد، ليأتي ذلك القرار بعد تعثرها في سداد مديونياتها، التي بلغت 500 مليون ليرة تركية.
وعانت الشركة أزمة مالية شديدة منذ العام الماضي، ما دفعها للتقدم للجهات القضائية المختصة من أجل إعادة جدولة مديونيتها وتقنين أوضاعها، ومن ناحيتها أقرت المحكمة حكما بمنحها 5 أشهر مهلة مع تعيين مراقب مالي وإداري عليها، إلا أنها لم تتمكن من حل الأزمة.
وقفزت أزمة الليرة التركية بمؤشر أسعار المنتجين المحليين، خلال أغسطس الماضي، بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج من مواد خام ونقل وأجور الأيدي العاملة في سوق العمل المحلية.
وقالت هيئة الإحصاء التركية، في بيان، إن مؤشر أسعار المنتجين المحليين صعد في أغسطس الماضي بنسبة 13.45 في المائة على أساس سنوي مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
وارتفع مؤشر أسعار المنتجين خلال الشهر الماضي، بنسبة 6.39 في المائة مقارنة مع أرقام ديسمبر (كانون الأول) 2018، وبنسبة صعود بلغت 30.51 في المائة في الشهور الـ12 الماضية على أساس سنوي.
وسجل مؤشر أسعار التعدين واستغلال المحاجر ارتفاعا على أساس سنوي بنسبة 14.91 في المائة في أغسطس، وبنسبة زيادة بلغت 12.29 في المائة مقارنة مع ديسمبر الماضي، كما صعد مؤشر أسعار التصنيع بنسبة 10.59 في المائة في أغسطس، على أساس سنوي، وبنسبة 6.17 في المائة مقارنة مع ديسمبر الماضي. وارتفع مؤشر أسعار الكهرباء والغاز والتكييف بنسبة 55.83 في المائة على أساس سنوي في أغسطس، وبنسبة 9.22 في المائة مقارنة مع ديسمبر الماضي.
وفشلت سياسات تركيا الاقتصادية في دفع معدلات التضخم إلى التراجع، التي لم تنخفض عن نسبة 15 في المائة منذ أكثر من عام، وذلك بسبب أزمة الليرة المستمرة وذكر تقرير لهيئة الإحصاء التركية، أول من أمس، أن نسبة التضخم المسجلة في الأسواق التركية خلال أغسطس الماضي بلغت 15.01 في المائة.
ووفق تتبع أسعار المستهلك الرسمية، لم تتراجع نسب التضخم في البلاد عن حاجز 15 في المائة منذ يونيو (حزيران) 2018، ووصلت إلى أعلى من 25 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي.
من ناحية أخرى، بلغت قيمة صادرات تركيا خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري 117.2 مليار دولار، وقالت وزيرة التجارة التركية روهصار بكجان، في تصريح أمس، إن قطاع الصادرات حقق نموا بنسبة 2.9 في المائة مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، وإن قيمة الصادرات التركية في أغسطس الماضي، بلغت 13 مليارا و150 مليون دولار، بزيادة 1.69 في المائة مقارنة مع الشهر نفسه من العام 2018.
ولفتت إلى انخفاض واردات البلاد خلال أغسطس بنسبة 0.27 في المائة، حيث بلغت قيمتها 15 مليارا و526 مليون دولار. كما تراجع عجز التجارة الخارجية لتركيا خلال أغسطس الماضي بنسبة 9.88 في المائة، وبلغ مليارين و376 مليون دولار.
وأشارت بكجان إلى أن الفجوة الحاصلة بين صادرات وواردات البلاد، تضاءلت إلى حدود 14.4 في المائة، خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري.
وذكرت أن ألمانيا جاءت في المرتبة الأولى بين الدول الأكثر استيرادا للمنتجات التركية خلال أغسطس الماضي، بقيمة مليار دولار و123 مليون دولار. وجاءت بريطانيا في المرتبة الثانية بمليار دولار و12 مليون دولار، والعراق ثالثا بـ633 مليون دولار.



كوريا الجنوبية تتعهد بالحفاظ على استقرار الأسواق بعد عزل يون

مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
TT

كوريا الجنوبية تتعهد بالحفاظ على استقرار الأسواق بعد عزل يون

مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)

تعهدت وزارة المالية في كوريا الجنوبية، يوم الأحد، بمواصلة اتخاذ تدابير استقرار السوق بسرعة وفعالية لدعم الاقتصاد، في أعقاب إقالة الرئيس يون سوك-يول، بسبب فرضه الأحكام العرفية بشكل مؤقت.

وأكدت الوزارة أنها ستستمر في التواصل بنشاط مع البرلمان للحفاظ على استقرار الاقتصاد، مشيرة إلى أنها تخطط للإعلان عن خطتها السياسية نصف السنوية قبل نهاية العام الحالي، وفق «رويترز».

وفي هذا السياق، دعا زعيم الحزب الديمقراطي المعارض، لي جاي-ميونغ، إلى تشكيل «مجلس استقرار وطني» يضم الحكومة والبرلمان لمناقشة القضايا المالية والاقتصادية وسبل تحسين مستوى معيشة المواطنين. وأشار إلى أن التحدي الأكثر إلحاحاً هو تراجع الاستهلاك بسبب الطلب المحلي غير الكافي، وتقلص دور الحكومة المالي. وأضاف لي أن معالجة هذا الأمر تتطلب مناقشة عاجلة لموازنة إضافية يمكن أن تشمل تمويلاً لدعم الشركات الصغيرة، بالإضافة إلى استثمارات في الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية، لمواجهة تحديات نقص الطاقة.

وكان البرلمان الذي يسيطر عليه الحزب المعارض، قد مرر مشروع موازنة 2025 بقيمة 673.3 تريليون وون، متجاوزاً اقتراح الحكومة الذي بلغ 677.4 تريليون وون، وذلك دون التوصل إلى اتفاق مع حزب «قوة الشعب» الذي ينتمي إليه الرئيس يون والحكومة.

من جهته، أعلن بنك كوريا -في بيان- أنه سيعتمد على كافة الأدوات السياسية المتاحة بالتعاون مع الحكومة، للرد على التحديات الاقتصادية، وتفادي تصاعد التقلبات في الأسواق المالية وأسواق العملات الأجنبية. وأكد البنك ضرورة اتخاذ استجابة أكثر نشاطاً مقارنة بالفترات السابقة من الإقالات الرئاسية، نظراً للتحديات المتزايدة في الظروف الخارجية، مثل تصاعد عدم اليقين في بيئة التجارة، وازدياد المنافسة العالمية في الصناعات الأساسية.

كما أكدت الهيئة التنظيمية المالية في كوريا الجنوبية أن الأسواق المالية قد تشهد استقراراً على المدى القصير، باعتبار الأحداث السياسية الأخيرة صدمات مؤقتة؛ لكنها ستوسع من الموارد المخصصة لاستقرار السوق إذا لزم الأمر.

من جهة أخرى، شهدت أسواق الأسهم في كوريا الجنوبية ارتفاعاً للجلسة الرابعة على التوالي يوم الجمعة؛ حيث بدأ المستثمرون يتوقعون تراجع حالة عدم اليقين السياسي بعد تصويت البرلمان على إقالة الرئيس يون. كما لم يتوقع المستثمرون الأجانب أن تؤثر الاضطرابات السياسية الأخيرة بشكل كبير على نمو الاقتصاد أو تصنيفه الائتماني لعام 2025، إلا أنهم أشاروا إلى تأثيرات سلبية محتملة على معنويات السوق، مما قد يؤدي إلى زيادة في سعر صرف الوون مقابل الدولار الأميركي، واستمرار عمليات بيع الأجانب للأسواق المحلية.

غرفة تداول بأحد البنوك في سيول (رويترز)

وفي استطلاع أجرته «بلومبرغ»، أفاد 18 في المائة فقط من المشاركين بأنهم يعتزمون تعديل توقعاتهم بشأن نمو الاقتصاد الكوري الجنوبي لعام 2025، بسبب الأحداث السياسية الأخيرة، بينما أكد 82 في المائة أن توقعاتهم ستظل دون تغيير. كما توقع 64 في المائة من المشاركين أن يظل التصنيف الائتماني السيادي كما هو، في حين توقع 27 في المائة خفضاً طفيفاً. ووفقاً للاستطلاع، يُتوقع أن يتراوح سعر صرف الوون مقابل الدولار الأميركي بين 1.350 و1.450 وون بنهاية الربع الأول من 2025.

أما فيما يتعلق بأسعار الفائدة، فقد زادت التوقعات بتخفيضات مسبقة من قبل بنك كوريا؛ حيث توقع 55 في المائة من المشاركين عدم حدوث تغييرات، بينما توقع 27 في المائة تخفيضاً في الأسعار قريباً. وتوقع 18 في المائة تخفيضات أكبر. وأشار كيم سونغ-نو، الباحث في «بي إن كي للأوراق المالية»، إلى أن تحركات السوق ستعتمد بشكل كبير على قرارات لجنة السوق الفيدرالية الأميركية في ديسمبر (كانون الأول)؛ حيث قد يسهم أي تخفيض لأسعار الفائدة من جانب الولايات المتحدة في تعزيز توقعات تخفيض الفائدة في كوريا الجنوبية في الربع الأول من 2025.

وقد أكد كيم أن العوامل السياسية ليست المحرك الرئيسي للأسواق المالية؛ مشيراً إلى أن الاضطرابات السياسية عادة ما تكون لها تأثيرات قصيرة الأجل على الأسواق. وأضاف أن الركود الاقتصادي -وليس الأحداث السياسية- هو المصدر الرئيس للصدمات المالية الكبيرة.

كما أشار كثير من المسؤولين الماليين إلى أن إقالة الرئيس يون قد تعود بالفائدة على الاقتصاد الكوري الجنوبي. وفي مقابلة إعلامية، أكد محافظ هيئة الرقابة المالية، لي بوك هيون، أن عزل الرئيس سيكون خطوة إيجابية للاستقرار الاقتصادي في البلاد، معرباً عن اعتقاده بأن القضاء على حالة عدم اليقين السياسي أمر بالغ الأهمية لتحقيق استقرار الاقتصاد، وفق صحيفة «كوريا تايمز».

وفيما يخص التوقعات المستقبلية، أشار صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى أن النمو الاقتصادي في كوريا الجنوبية من المتوقع أن يصل إلى 2.2 في المائة في 2024 بدعم من صادرات أشباه الموصلات، في حين يُتوقع أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي نمواً بنسبة 2 في المائة في 2025 مع اقتراب الاقتصاد من إمكاناته الكاملة. وأكد الصندوق أن حالة عدم اليقين لا تزال مرتفعة، والمخاطر تميل إلى الاتجاه السلبي.

وبينما يظل التضخم قريباً من هدف بنك كوريا البالغ 2 في المائة، شدد الصندوق على ضرورة تطبيع السياسة النقدية تدريجياً في ظل هذه الظروف، مع الحفاظ على تدخلات محدودة في سوق الصرف الأجنبي لمنع الفوضى. كما أشار إلى أهمية تعزيز التوحيد المالي في موازنة 2025 لمواجهة ضغوط الإنفاق الطويلة الأجل، مع التركيز على السياسات المتعلقة بمخاطر العقارات.

كما أشار إلى أهمية الإصلاحات الاقتصادية على المدى المتوسط والطويل لدعم النمو وسط التحولات الهيكلية؛ مشيراً إلى ضرورة معالجة تراجع القوة العاملة من خلال تحسين الخصوبة، وزيادة مشاركة النساء في العمل، وجذب المواهب الأجنبية، بالإضافة إلى تعزيز تخصيص رأس المال، وتحسين مرونة المؤسسات المالية.