«مناوشات قانونية» بين العراق والكويت حول قضايا حدودية

البلدان سلّما رسائل إلى مجلس الأمن

TT

«مناوشات قانونية» بين العراق والكويت حول قضايا حدودية

اعترفت وزارة الخارجية العراقية، أمس، بإرسال رسالتين متطابقتين إلى الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن، حول المسائل الخلافية على الحدود بين العراق والكويت، وأشارت إلى رسالة كويتية مماثلة بهذا الصدد سبقت الرسالتين العراقيتين.
وخلافاً للتصريحات المتشنجة التي أطلقت من نواب كويتيين وعراقيين على خلفية الشكوى، بدا أن وزارة الخارجية العراقية ومن خلال المتحدث باسمها أحمد الصحاف، سعت إلى «التعامل بهدوء» مع الموضوع. وقال الصحاف في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه: «هناك اختلاف قانوني مع الكويت في تفسير مسألة تتعلق بالحدود البحريّة بين البلدين، وهو في تفسير موقع حدودي نحن نُسمّيه (مِنصّة)، والجانب الكويتي يُسمّيه (جزيرة) بوصفها خط الأساس المُعتمَد في رسم الحدود البحريّة بين البلدين في نقطة مُعيّنة بعد الدعامة 162»، مشيراً إلى وجود «مفاوضات تجري بين البلدين حول وجهة النظر المُحدّدة، وقد سبق للعراق أن أبدى اعتراضه على قيام حكومة الكويت بأي إنشاءات من جانب واحد».
وكشف الصحاف عن قيام الكويت بإرسال رسائل «إلى الأمم المتحدة تتناول بيان موقفها بهذا الشأن؛ مما دفع العراق إلى إرسال رسالتين مُتطابِقتين إلى كلّ من الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن حول الموضوع؛ لبيان التفسير القانوني للحالة، ونحن نعتقد أنّ التفسير القانوني لصالحنا».
وكانت تقارير صحافية في الكويت نقلت، أول من أمس، عن مصادر دبلوماسية في الأمم المتحدة قيام المندوب العراقي لدى المنظمة الأممية محمد بحر العلوم في أغسطس (آب) الماضي، بتسليم رسالة إلى رئيس مجلس الأمن طالباً منه تعميمها وإصدارها بوصفها وثيقة رسمية من وثائق المجلس. وأضافت أن الحكومة العراقية طلبت من الأمم المتحدة «توثيق احتجاجها الرسمي على ما سمته قيام حكومة الكويت بإحداث تغييرات جغرافية في المنطقة البحرية الواقعة بعد العلامة 162 في خور عبد الله من خلال تدعيم منطقة ضحلة (فشت العيج) وإقامة منشأ مرفئي عليها من طرف واحد دون علم وموافقة العراق».
وتأتي التطورات الأخيرة بين العراق والكويت بعد سنوات من الهدوء والتواصل بين البلدين الذي أعقب خصومة طويلة نتيجة إقدام الرئيس الأسبق صدام حسين على احتلال الكويت عام 1990.
وقام أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح بزيارة ثانية إلى العراق نهاية يونيو (حزيران) الماضي، وكانت آخر زيارة لمسؤول عراقي رفيع المستوى إلى الكويت قام بها رئيس مجلس النواب العراقي في يوليو (تموز) الماضي تكللت بقيام الكويت بافتتاح قنصلية لها في محافظة النجف وإيعاز أمير الكويت ببناء مجمعات سكنية في محافظة صلاح الدين. وسبق أن استضافت الكويت مؤتمراً للمانحين والداعمين لاستقرار العراق في فبراير (شباط) 2018.
وفي حين أثارت الشكوى العراقية استغراب واستنكار مسؤولين كويتيين، قوبلت بترحيب من بعض الأوساط النيابية العراقية؛ وفي مقدمتهم النائبة عالية نصيف التي قالت، أمس، إن «الحكومة العراقية أقدمت على خطوة انتظرناها منذ مدة طويلة ولم نقطع الأمل في تحقيقها».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.