عمليات نهب حوثية واسعة تطال قطاعات الكهرباء والطرق

مصادر محلية كشفت جانباً من فساد قادة الجماعة

TT

عمليات نهب حوثية واسعة تطال قطاعات الكهرباء والطرق

كل مرة تفاجئ قيادات الميليشيات سكان العاصمة صنعاء واليمنيين بشكل عام بخطوات وأساليب إجرامية جديدة تشرعن من خلالها القيام بعمليات سلب ونهب وتدمير واسعة لكل مقدرات ومؤسسات الدولة اليمنية.
موظفون يعملون في وزارة الكهرباء الخاضعة لسلطة الميليشيات في العاصمة صنعاء، أكدوا لـ«الشرق الأوسط»، وجود عمليات نهب واختلاس نفذتها مؤخرا الميليشيات في حق عدد من القطاعات والمؤسسات الحكومية، على رأسها الكهرباء، في العاصمة صنعاء ومدن أخرى خاضعة لقبضتها.
وقال الموظفون في الكهرباء إن الميليشيات الانقلابية حولت وزارة الكهرباء والمكاتب والمؤسسات التابعة لها إلى ملكية خاصة تابعة لها.
وبحسب الموظفين في هذا القطاع المهم، فقد عبثت الميليشيات الحوثية منذ اقتحامها صنعاء وسيطرتها على كل مؤسسات الدولة، بكل محتويات وزارة الكهرباء ونهبت كل مخصصاتها وأصولها وأرصدتها وعبثت بكل ما يحويه ذلك القطاع من معدات ومواد تشغيل وغيرها.
وأضاف الموظفون لـ«الشرق الأوسط» أنه «ومثلما طال عبث ونهب وتدمير الميليشيات الملطخة أيديها بالجرائم والانتهاكات كل القطاعات الحكومية كالمياه والصرف الصحي والتعليم والصحة والمشتقات والغاز المنزلي وغيرها، لم تسلم وزارة الكهرباء ومؤسساتها ومكاتبها هي الأخرى من تدمير وعبث الميليشيات الحوثية الانقلابية».
وفي سياق متصل، كشفت مصادر خاصة في وزارة الكهرباء في صنعاء، عن قيام القيادي الحوثي المدعو أحمد حامد والمعين مديرا لمكتب ما تسمى «الرئاسة الحوثية» مؤخرا بسرقة مبلغ 3 مليارات ريال (الدولار نحو 550 ريالا) تحت اسم إصلاح الكهرباء في العاصمة صنعاء وتحويلها إلى حسابه الخاص.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن القيادي أحمد حامد، أشرف على مشروع أعده، يهدف إلى إعادة تشغيل محطتي حزيز وذهبان لتوليد الكهرباء إلى العاصمة صنعاء وبيعها للمواطنين مقابل دفع مبالغ مالية، وهو الأمر الذي وضعت له ميزانية قدرت بثلاثة مليارات ريال.
ووفقا للمصادر نفسها، فإن مبلغ الثلاثة المليارات ريال وضع بهدف إجراء صيانة شاملة للمحطتين وتوفير بعض الأجهزة لهما، بالإضافة إلى الإسهام في إصلاح شبكة الكهرباء في المناطق التي سيتم إيصال التيار لها، إلا أن المصادر أكدت أن القيادي الحوثي حامد صادر المبلغ ووضعه في حساب خاص به. مبرراً ذلك بعجز الوزارة ومؤسسة الكهرباء عن تنفيذ المشروع الذي لم يكن قد بدأ أصلاً.
وقالت المصادر إن «حامد اكتفى بتوجيه الكهرباء بتشغيل المولدات الكهربائية السابقة بآليات عمل التجار نفسها وبيع الكيلو واط الواحد بـ280 ريالا يمنيا، وإلزام من يقبل استخدام خدمة الخط الساخن بدفع قيمة فاتورة عداد الكهرباء الخاص به والموقوف منذ 3 سنوات».
وكشفت المصادر عن أن تقريرا خاصا قدم إلى للحكومة التي تديرها الميليشيات حول موضوع مشروع إعادة تشغيل محطات الكهرباء التابعة للدولة في العاصمة، وتضمن طرح تساؤلات عن مصير المليارات الثلاثة، إلا أن حامد استغل نفوذه كمدير لمكتب رئاسة الانقلاب في إيقاف مناقشة التقرير، وهو ما تم فعلاً.
المصادر أشارت أيضا إلى أن هدف المشروع تجاري وستصب عوائده لصالح الميليشيات، لكون الكهرباء ملكا للدولة وهو ما استغلته الميليشيات في نهب الميزانية. وطبقا لمراقبين ومهتمين بهذا الشأن، فإن أحمد حامد، المكنى «أبو محفوظ»، يعد من القيادات الحوثية التي تتمتع بنفوذ واسع في إطار الميليشيات، ومن القيادات التي تستغل منصبها وعلاقتها بزعيم العصابة عبد الملك الحوثي في ممارسة فساد مالي وإداري غير مسبوق. وأوضح مراقبون لـ«الشرق الأوسط» أن المدعو حامد تحول في غضون ثلاثة أعوام إلى أحد أكبر ملاك الشركات الاستثمارية والتجارية التي تدير أموال الميليشيات التي نهبتها من عائدات الدولة في وقت تمتنع عن تسليم مرتبات الموظفين حتى في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
ووفقا للمراقبين والمهتمين في صنعاء، فليست عملية نهب قيادة الميليشيات لثلاثة مليارات الأولى، ولن تكون الأخيرة، حيث اعتادت منذ انقلابها على نهب كل ما تجده مسخرا أمامها سواء حكوميا أو قطاعا خاصا، فهي تسعى بشتى الطرق والوسائل لدعم جبهاتها القتالية ولو من قوت المواطن اليمني البسيط.
وعملت الميليشيات الحوثية على مدى أربعة أعوام من الانقلاب في الاستثمار بمجال الكهرباء عبر مولدات حكومية نهبتها من عدة مؤسسات، في حين تنتشر تلك المولدات في معظم الأحياء في العاصمة صنعاء، حيث تبيع الميليشيات الحوثية التيار الكهربائي بفواتير باهظة على سكان العاصمة.
وكشف سكان محليون في صنعاء عن نهب الميليشيات عقب اقتحامها العاصمة صنعاء لمئات المولدات الكهربائية الحكومية وأخرى مملوكة لشركات ومؤسسات تجارية خاصة.
وقال السكان المحليون لـ«الشرق الأوسط» إن الميليشيات «استخدمت تلك المولدات المنهوبة والشبكة العمومية وتاجرت بها على أساس أنها كهرباء تجارية خاصة، بينما هي مولدات وشبكة حكومية سطت عليها الميليشيات ووزعتها على تجار وموالين لها».
وطبقا للسكان، فقد أوقفت الميليشيات الانقلابية منذ انقلابها على الشرعية خدمة التيار الكهربائي العمومية، وعملت على إحلال الكهرباء التجارية بديلة عنها بتكاليف باهظة وتديرها قيادات حوثية برزت وسيلة مهمة للتربح والإثراء المادي.
وكانت تقارير إعلامية أكدت في أغسطس (آب) 2017 قيام القيادي الحوثي المدعو لطف الجرموزي بتأجير محطات الكهرباء في العاصمة صنعاء أبرزها محطتا حزيز وذهبان، لعدد من التجار، وسط حالة من الاستنكار والغضب من قبل الموظفين والمواطنين.
في حين، أكدت التقارير نفسها قيام قيادات حوثية أخرى بتأجير المحطات الكهربائية في المنطقة الأولى والثانية، في أمانة العاصمة، لمجموعة «المترب»، فيما حصلت مجموعة «اللوزي»، على المنطقتين الثالثة والرابعة، حتى تقوما بعملهما في تشغيل المولدات وبيعها للمواطنين.
واستمرارا لمسلسل النهب الحوثي لكل مقدرات الدولة، فقد كشفت مصادر محلية أخرى منتصف يونيو (حزيران) الماضي، عن قيام القيادي الحوثي حمود عباد المعين من قبل الميليشيات أمينا للعاصمة، وبالتعاون مع قيادات حوثية بارزة على رأسها القيادي الحوثي أحمد حامد، بنهب 170 مليون ريال باسم ترميم الشوارع في العاصمة صنعاء بعد الأمطار.
ووفق المعلومات التي أوردتها المصادر، قام القيادي الحوثي حسن الديلمي المعين مديرا لمكتب وحدة الصيانة والترميم في مكتب الأشغال وبتوجيهات من أحمد حامد برفع مذكرتين مباشرتين إلى القيادي الحوثي حمود عباد، يطلب فيهما تعزيزين بمبلغ 150 مليون ريال و20 مليون ريال لصيانة عدد من الشوارع جراء تضررها من الأمطار. وأشارت المصادر إلى أن الأخير وجه حينها بصرف تلك المبالغ كاملة وبصورة عاجلة.
ورغم مبالغة الحوثيين، وفق المعلومات التي أوردتها تقارير لمنظمات محلية، بطلب المبالغ، فإنه لم يتم تنفيذ أي عملية صيانة حتى اللحظة. فيما أكدت تقاسم تلك المبالغ بين قيادات حوثية على رأسهم أحمد حامد.
وتطرقت المصادر إلى أن كل أعمال الصيانة المتواضعة التي جرت وتجري ببعض شوارع العاصمة كانت ممولة من قبل منظمات تابعة للأمم المتحدة.
بدوره، أكد مسؤول في وزارة مالية الحوثيين، لـ«الشرق الأوسط»، استمرار الميليشيات الحوثية في نهب الموارد العامة للدولة في صنعاء، وقال إن «ذلك العبث الحوثي يأتي في وقت تقول فيه المنظمات الأممية إن ملايين اليمنيين يشارفون على الوقوع في مجاعة محتومة وكارثة إنسانية».
وتحدث المسؤول عن أن عشرات الصناديق الإيرادية في العاصمة صنعاء ومناطق أخرى طالتها أيادي النهب الحوثية. مؤكدا في الصدد نفسه أن الميليشيات تمارس مسلسل النهب الممنهج لكل مؤسسات الدولة وصناديقها الإيرادية تحت أسماء وعناوين عدة مثيرة للاستغراب والسخرية.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».